الحج والعمرة من أعظم مواسم الخير، وفيها فرصة كبيرة للصدقة على المحتاجين والإنفاق على الرفقة فينبغي اغتنامها. ولا ينبغي للمرء أن يبخل في مثل هذه المواطن، فإنها مواطن مغفرة ورحمة وخير وبر وفضل فينبغي الإنفاق على الناس قدر الطاقة والإكثار من النفقات التماساً للأجر والثواب. وقد كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكري لهم ويخرجهم من مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا. ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا. فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص ببيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه. فرحمه الله تعالى ورضي عنه، وما أحرانا أن نقتدي بمثل هذه الأخلاق.