أثار فاروق قسنطيني، رئيس اللّجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، الجدل بشأن إلغاء عقوبة الإعدام من المنظومة التشريعية الجزائرية مجدّدا، وراح يتّكئ هذه المرّة على نماذج غربية حين دعا إلى إلغاء عقوبة الإعدام المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية بدعوى أن ثلثي دول العالم قد تخلّت عن العقوبة· جاء في كلمة لرئيس اللّجنة السيّد فاروق قسنطيني قرأها نيابة عنه الأمين العام للّجنة السيّد عبد الوهّاب مرجانة خلال دورة تدريبية أقيمت قبل يومين في الجزائر العاصمة حول الموضوع إن أكثر من ثلثي دول العالم ألغت عقوبة الإعدام في القانون والممارسة وبعض الدول الأخرى ألغتها عمليا، في حين تبقى دول أخرى تحتفظ بها في التشريع وتنفّذها، وذكر أن الجزائر قرّرت منذ 1993 تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام معتبرا ذلك "أرضية ومنطلقا لإرساء دعم أكبر لحقوق الإنسان ومؤشّرا نحو إلغاء" عقوبة الإعدام رغم أن المحاكم الجنائية الجزائرية مازالت إلى غاية اليوم تنطق بحكم الإعدام أغلبها غيابية، وسجّل أيضا أن التعديلات التي حملها قانون العقوبات لمطابقته مع بنود أحكام الاتّفاقيات والعهود الدولية التي صادقت عليها الجزائر "تعدّ خطوة مدروسة في اتجاه إلغاء عقوبة الاعدام"· من جهة أخرى، أشار السيّد قسنطيني إلى أن الجزائر صوّتت بالموافقة على اللاّئحة الأممية رقم 62 - 149 الصادرة في 2007، والتي تقضي بوجوب وقف استخدام عقوبة الإعدام وتؤكّد أن هذه العقوبة تنال من كرامة الإنسانية ووقفها يعزّز حقوق الإنسان· وللإشارة، فإن الموافقة على اتّفاقية دولية ما لا يلزم تطبيقها، بينما المصادقة عليها يلزم الدولة بتنفيذها ويجعلها عرضة لعقوبات في حال عدم احترامها· واعتبر السيّد قسنطيني التصويت على اللاّئحة المذكورة "قفزة نوعية في اتجاه تعزيز وحماية حقوق الإنسان في الجزائر من جهة وخطوة هامّة وهادفة في اتجاه رسم ملامح إلغاء هذه العقوبة من جهة ثانية"· وأكّد رئيس اللّجنة أن عقوبة الإعدام التي أقرّتها الشريعة الإسلامية لا تطبّق وفق ما هو منصوص في هذه الشريعة، والذي يطبّقها في ثلاث حالات هي: الثيب الزّاني والنّفس بالنّفس والتارك لدينه المفارق للجماعة، مسجّلا في هذا الصدد أن هناك دولا إسلامية تحصي "المئات" من عدد الحالات التي تنصّ على عقوبة الإعدام· بهذه المناسبة، ذكر السيّد قسنطيني أن البرلمان الجزائري كان قد رفض مشروع تقدّم به نائب عن التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية يقضي بإلغاء عقوبة الإعدام لأسباب اعتبرها السيّد قسنطيني "موضوعية"· ولخّص أسباب رفض المجلس الشعبي الوطني لمقترح مشروع إلغاء عقوبة الإعدام بأن "الرّأي العام الغالب في المجتمع لا يتقبّل الفكرة"، مقترحا فتح نقاش واسع وكبير من أجل التوعية بالموضوع وجعل المجتمع يدرك جملة الحقائق المرتبطة بعقوبة الإعدام، كما اعتبر تعزيز مكافحة الإرهاب سببا آخر لرفض المشروع لأن ذلك كما قال "يقضي بضرورة الإبقاء على هذه العقوبة"، كما أن إلغاءها في وقت اِلتزمت فيه الدولة بمحاربة كلّ أشكال الجريمة قد يفسّر على أنه تهاون إزاء الجريمة"، حسب السيّد قسنطيني· للإشارة، فقد كان آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام بالجزائر سنة 1993، وتعلّق الأمر بإعدام سبعة إرهابيين كانوا متّهمين في الانفجار الإرهابي الذي مسّ المطار الدولي بالجزائر العاصمة يوم 26 أوت 1992، والذي خلّف 9 قتلى و128 جريح·