من أعظم الأسباب الباعثة لحسن الرجاء والأمل مطالعة أحوال الأنبياء والصالحين فتأملوا - أيها الأحبة في الله - بقلوب مطمئنة راضية عن قضاء الله وقدره هذا واستبشروا . هذا إبراهيم عليه السلام امتلأ قلبه بالأمل وهو ما دفعه للدعاء حتى بعد ما بلغ الثمانين من العمر يطلب الولد رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ [الصافات :100] فلما جاءته البشرى على لسان الملائكة تعجب وسأل عن السبب والكيفية قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ [الحجر :54] فكان الرد قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [ الحجر :55-56] فلم يتسرب اليأس يوما إلي قلبه لأنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون الذين لا يحسون رحمته ولا يستشعرون رأفته وبره ورعايته . أمَّا القلب الندي بالإيمان المتصل بالرحمن فلا ييأس ولا يقنط مهما أحاطت به الشدائد وغاب وجه الأمل في ظلال الحاضر وثقل هذا الواقع الظاهر . فإن رحمة الله قريب من قلوب المؤمنين المهتدين . فأبشروا واستمطروا رحمات من الله تعالى يغنينا بها عن رحمة من سواه