أعلى معدلات سوء التغذية في اليمن جوعى الحديدة يتمددون الجوع بات أخطر من الحرب نفسها في اليمن. هو نتيجة أكيدة لها لكنّ البلاد لطالما عانت من مشاكل في الأمن الغذائي. وبينما تتهدد البلاد مستويات خطيرة من سوء التغذية فالخطر الأكبر يستوطن الحديدة مع استمرار المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة الحديدة في اليمن تتدهور أكثر العوامل المؤدية إلى سوء التغذية ومنها انعدام الدخل وانعدام الأمن الغذائي للأمهات وتدني مستوى الخدمات الطبية وصعوبة الوصول إليها. يصل سوء التغذية الحاد إلى مستويات خطيرة مع تحقيقه مضاعفات صحية عضوية وذهنية قد تلازم الأطفال طوال حياتهم. أسوأ من سورية بحسب منظمة الصحة العالمية يتعرض الأطفال المصابون بسوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية لخطر الوفاة بسبب أمراض يمكن الوقاية منها بنسبة 12 في المائة. ويعيش سكان محافظة الحديدة الساحلية غربي البلاد ظروفاً إنسانية صعبة جراء عدم توفر مصادر للدخل في ظل انقطاع الرواتب عن موظفي الدولة جراء تصاعد الحرب في مارس2015. سوء التغذية لم ينل من أطفال اليمن فقط لكنّه بات منتشراً بين الأمهات كذلك لا سيما الحوامل ليكون سبباً في حدوث أضرار صحية على أطفالهن أثناء الحمل وبعد الولادة. من جانبه يقول الناشط في الأعمال الإغاثية والإنسانية عبد الإله تقي إنّ محافظة الحديدة حصدت واحداً من أعلى معدلات سوء التغذية في البلاد منذ سنوات. يضيف أنّ سلسلة التصعيد الحالي للقتال من المحتمل أن تفاقم وضع سوء التغذية للأطفال تحت خمس سنوات والنساء الحوامل والمرضعات لمستويات كارثية وغير مسبوقة . يلفت إلى أنّ الأزمة السورية بالرغم من استطالتها للعام الثامن ووحشية الحرب فيها إلّا أنّها لم تفرز نتائج كارثية تتعلق بسوء التغذية مقارنة باليمن وذلك بسبب أفضلية التاريخ الغذائي والمعيشي للسوريين على أقرانهم في اليمن ممن يعانون بشدة منذ ما قبل تصاعد الصراع في اليمن في مارس 2015 . يوضح تقي أنّ أرباب أسر الحالات المتضررة في الحديدة يتبعون أساليب سد الحاجة بطرق ضارة صحياً بالأطفال والأمهات: هناك تأخر في نقل الحالات المتضررة إلى مراكز العلاج وتناول لغذاء خال من العناصر الغذائية المفيدة والمعادن المهمة واستمرار في تغذية الأطفال والأمهات بأساليب ضارة مثل قطع الرضاعة الطبيعية وعدم تزويد المواليد بمادة اللبأ (أول الحليب عند الولادة) المهمة جداً لمستقبلهم الصحي والتي ينبغي تناولها عن طريق حليب الأم خلال أيامهم الأولى في الحياة . يشير إلى أنّ أمهات كثيرات يضطررن إلى تغذية أطفالهن بأغذية رخيصة الثمن وفقيرة العناصر وعدم الاهتمام بنظافتهم ما يجلب مزيداً من الأمراض كالإسهال ما فاقم وضعهم الصحي سريعاً وجعل حياتهم على المحك. الساحل من جهته يقول مدير التغذية بمكتب الصحة في الحديدة منصور القدسي إنّ المكتب ما زال يعتمد نتائج مسح استمارات شهر اوت 2016 وذلك لعدم قدرته على تحديث البيانات إذ كانت نسبة سوء التغذية في ذلك العام 21.7 في المائة. يؤكد القدسي أنّ الوضع حالياً أسوأ بكثير بسبب الأوضاع التي تعيشها المحافظة إذ تشير البيانات إلى ارتفاع عدد الأطفال المقبولين في برنامج سوء التغذية الحاد والوخيم من دون مضاعفات في العيادات الخارجية إلى 38.827 طفلاً خلال الفترة من جانفي إلى سبتمبر من عام 2018 الجاري. يشير إلى أنّ المصابين بسوء التغذية الحاد المتوسط المسجلين في العيادات المتحركة التابعة لمكتب الصحة في المحافظة بلغ عددهم نحو 6500 طفل من جانفي إلى أوت 2018. يضيف أنّ عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد المتوسط بلغ أكثر من 200 ألف طفل. يلفت إلى أنّ إجمالي المرافق الصحية التي كانت تقدم معالجة لسوء التغذية الحاد الوخيم بلغت 410 مرافق فيما توقف منها 30 مرفقاً بالإضافة إلى 235 مرفقاً تقدم خدمات علاج سوء التغذية الحاد المتوسط في المحافظة والمديريات التابعة لها: وهناك 17 مرفقاً في المحافظة تقدم خدمة معالجة أمراض سوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفاته . في خصوص المديريات الأكثر تأثراً بأمراض سوء التغذية يؤكد القدسي أنّ المديريات الساحلية في المحافظة تأتي في مقدمة التصنيف. ويشير إلى أنّ المراكز الخاصة بعلاج سوء التغذية الوخيم مع المضاعفات تتوفر في مستشفى الثورة بالمدينة وفي مديريات زبيد والجراحي وبيت الفقيه والمنصورية والمراوعة وباجل والضحي والسخنة والزيدية والمنيرة والقناوص والزهرة والتحيتا والخوخة وحيس. ويلفت إلى أنّ المرافق التي توقفت عن العمل هي في مديريات حيس والدريهمي والخوخة والحوك وبيت الفقيه. يؤكد القدسي أنّ الوفيات بسبب سوء التغذية في المحافظة خلال الفترة بين جانفي وسبتمبر الماضي بلغت 87 حالة. يضيف أنّ السلطات الصحية في المحافظة تعمل على تقديم الخدمات وفق الإمكانات المتاحة والدعم المقدم من منظمة يونيسف التي تأتي في مقدمة المنظمات في معالجة أمراض سوء التغذية وكذلك منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي . وفقاً لمنظمة يونيسف يقدر عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في اليمن خلال عام 2018 ب1.8 مليون طفل بمن فيهم نحو 400 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم الذي يهدد أرواحهم. وتقول المنظمة إنّها تمكنت من إنقاذ حياة 16.289 طفلاً ممن يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد في محافظة الحديدة غربي اليمن خلال النصف الأول من عام 2018 بالرغم من كلّ العوائق. وتدعم منظمة الصحة العالمية ومنظمة يونيسف 7 مراكز تغذية علاجية تعمل بكامل طاقتها في الحديدة لكنّهما تواجهان صعوبات لوجستية في تأمين الإمدادات ووصول النزلاء بسبب الوضع الأمني المتدهور.