بقلم: رحيل محمد غرايبة لا شك أن الاستجابة السريعة من رئيس وزراء الكيان الصهيوني إلى الاقتراح المصري في وقف اطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية في غزة يحمل عدة دلالات مهمة تحتاج إلى بحث وتوضيح بكل تأكيد بعد أن أقدم جيش الاحتلال على اجتياح غزة بهدف تنفيذ بعض الاغتيالات الموجهة لبعض قيادات المقاومة. الدلالة الأولى تظهر في حقيقة المفاجأة ومشاعر الصدمة التي تعرض لها جيش الاحتلال في غزة إزاء حجم المقاومة وشراستها وقدرتها على نصب بعض الكمائن الذكية التي استطاعت إيقاع خسائر غير متوقعة في صفوف الجيش الغازي مما أدى إلى استقالة وزير الدفاع الصهيوني ليبرمان وإعلان انسحاب نوابه من كتلة نتنياهو تعبيراً عن اختلافه السياسي مع رئيس الحكومة حول مبدأ الموافقة على وقف إطلاق النار الذي سيؤدي إلى ترجيح كفة المقاومة بحسب رأيه. الدلالة الثانية وهي الأكثر خطورة والأشد خفاءً في الوقت نفسه حيث أن هناك معلومات كانت ترشح عبر بعض وسائل الإعلام منذ عدة أشهر حول إجراء مفاوضات بين (اسرائيل) وحماس تحت رعاية مصرية والتي تهدف إلى إعطاء غزة بعض الانفراجات على الصعيد الإنساني بحيث تعطى ميناء ومطارا و إمكانية التواصل مع العالم الخارجي وإعادة إعمار غزة وبناء مؤسساتها الصحية والتربوية مما أثار خلافاً شديداً مع بعض قيادات فتح و قيادات منظمة التحرير التقليدية والسلطة الفلسطينية وهذا الموضوع ربما يشكل عاملا آخر من عوامل مسارعة (نتن ياهو) إلى قبول وقف إطلاق النار من أجل عدم إفشال مسار المفاوضات الذي يشكل خطاً سياسياً اصيلا في الإستراتيجية الإسرائيلية ومعبراً في الوقت نفسه عن بعض مسارات صفقة القرن التي تريد تكريس الانقسام الفلسطيني إلى الأبد من خلال عقد اتفاقيات منفردة والاستفراد ببعض الفصائل الفلسطينية التي سوف تفرز كياناً فلسطينياً مستقلاً في غزة منعزلاً عن الجسم الفلسطيني في بقيه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذا المقام يحسن التأكيد على جمله أمور سياسية ينبغي عدم إهمالها :- أولاً : استمرار التمسك بحق المقاومة و خيار المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال وربما تكون غزة هي أخر قلاع المقاومة العربية والفلسطينية والتفريط بهذا الحق سوف يؤدي إلى حقبة من التيه الفلسطيني والعربي طويل الأمد يصعب الخروج منه. ثانياً : ضرورة الحرص على إفشال المخطط الصهيوني في تكريس الانقسام الفلسطيني داخل الجسم الفلسطيني وضرورة العمل على إنجاح الجهود المبذولة على إعادة توحيد صفوف الشعب الفلسطيني وتوحيد المؤسسات القيادية الفلسطينية وتوحيد التراب الفلسطيني وتوحيد البرنامج السياسي الفلسطيني وضرورة التمسك بهدف تحرير الأرض وحق بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. ثالثاً : العمل من جميع الأحزاب والقوى السياسية العربية على بناء موقف عربي شامل و موحد في مواجهة صفقة القرن التي تكرس سيادة دوله الاحتلال الصهيوني على حساب الفلسطينيين والعرب ووقف كل الاختراقات الصهيونية في الجسم العربي عبر المسارات المنفردة.