بقلم:جمال نصرالله كثيرا ما تصادف في حياتك اليومية أشخاصا تمتلئ قلوبهم وأفئدتهم حقدا على العلِم والمتعلمين فهم يعتبرون أي متعلم بالنسبة إليهم نموذج قديم ونية وساذج لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يتناغم ويتكيف مع متطلبات العصر ملخصين ذلك في أن النجاح هو في السعي وراء جمع المال وتكديسه حتى يكون لديهم وزنا وقيمة معتبرتان وهم دون هذه المزايا أحقر الناس على وجه الأرض لأن المال بالنسبة إليهم الطاقة المسيّرة لكل شيء.وليس فقط مفتاحا للسعادة والبذخ والأريحية بينما في الضفة الأخرى أي فئة المتعلمين فحقيقتهم لا يمكن وضعها في سلة واحدة..أي أنهم في خندق واحد بل هم يتنوعون ويختلفون بدرجات متفاوتة كل حسب وضعه الاجتماعي ونوع وظيفته ومقياس دخله اليومي دون الحديث عن النوادر من صنفهم أي من يعتبر المال وسيلة فقط للوصول إلى غايات وأهداف ما.وليس في عملية جمعه غاية صرفة... وصحيح أنه بالمال تقاس كثيرا من المواقف والحالات حتى لا نقول الإنسان نفسه من رأسه إلى أخمص قدميه لكن في المقابل هناك أصحاب الأفئدة والخواطر القنوعة(قناعة هي أقرب للتقوى) أي من يعتبرون أنفسهم مكتفين ذاتيا شعارهم الأول والأخير هو القناعة وهذا النوع من أضحى بالتقريب شبه نادر وضرب من الأحلام..وإن لم تخنّا الحسابات فهو في تآكل متسارع وصولا لإنقراضه؟! وحينما نقول بأنه ينقرض فهذا لا يعني بأن التاريخ والحياة لا تننتج لنا نماذج منه بالعكس فالزمان قد يعيد لنا كل شيء حتى الأكثر منه دقة وعظمة إلا الرسل والأنبياء فقد ختم الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله(خاتم النبييين) فقط العبرة فيمن يتحلى بخصالهم ويأخذ بسيّرهم العطرة بغية إعلاء شأن الحق والعدالة. اليوم كما يسمع ويقرأ الجميع هناك قصور واضح في فهم الناس لعلاقة المال بالأفراد وعلاقة المال بالفرد نفسه.فتجد آلاف الجرائم المعنوية والنفسية ترتكب لدرجة إزهاق الأرواح.وتكون أغلب الأسباب مادية بحتة أي إلا وكان المال فيها جوهر المعادلة؟! وهذا نظير عدة عوامل أوجدها هذا العصر الشنيع الذي نعيش بين ظهرانيه فحاشى الطبيعة وحاشى القيم المتوارثة وكثيرا من الأصول..المشكل فقط في التركيبة البشرية والعوامل التي تربّت في كنفها ويقصد بها علماء الاجتماع المؤثرات الخارجية وحقيقية التعامل النفسي معها(أي الداخلي) فالمال قدرما هو عصب الحياة فهو فتنة الحياة.وما قوله عزّوجل (إن المال والبنون زينة الحياة الدنيا) إلا تفسير واضح لم يفهمه أغلب البشر لأن التفسير العقلاني للآية هو أن المال ما هو إلى ديكور شكلي بل زينة وليس هو الغاية القصوى التي يلتحق بها الإنسان ويبدأ إنما هناك أمور أخرى تأتي في المقدمة كأسس وأعمدة وثوابت يرتكز عليها عمر الإنسان.أولها الإخلاص والصفاء والتقوى والتدبر والاتعاض وإعلاء الحق والفضيلة والعدل والمساواة في كل أمر وليت شبابنا الميامين يؤموا اليوم قبل غد بهذه الحقائق والأدبيات لأن المال ومفاتنه ليس إلا زبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض ويمكث في الأرض معناه ما اقترفه الإنسان من خصال حميدة..خيرا وقولا وممارسة للحق.فرجاؤنا هو الفهم وثمة الفهم لأن القصور في الفهم هو سبب بلاء هذه الأمة من طنجة إلى جاكرتا وبسبب عدم الفهم استبد الجهل بنا وفعل فعلته حتى بقينا ومكثنا أماكننا نندب حظنا العاثر؟!....