اعلم أخي الكريم : أن فضل التوبة عند الله عظيم وأن ثوابها جزيل كريم فهي تجب ما قبلها من الخطايا والسيئات وترفع لصاحبها الدرجات وتكون سببا لحصول رضي الله ومحبته . قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة] . وعن أبي نجيد عمران بن الحصين الخزاعي رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال : أحسن إليها فإذا وضعت فأتني ففعل فأمر بها نبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر : تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت ؟ قال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل ؟! (رواه مسلم) . ففي هذا الحديث دلالة على عظم قدر التوبة عند الله جل وعلا ولولا ذلك لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك المرأة ولما أخبر أن توبتها تسع سبعين من أهل المدينة . فتفكر فيما أسرفت على نفسك من الذنوب والخطايا وتذكر ما جنته يدك ورجلك وسمعك وبصرك من السيئات والآثام وأحدث لذلك توبة نصوحا وحاسب نفسك اليوم فإنه أهون عليك من أن تحاسب نفسك غدا قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَد [الحشر: 18] قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا فإنه أهو عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعوضون لا تخفى منكم خافية (رواه الترمذي وقال: حديث حسن) .