دخلت في مواجهة مع الحكومة ما مصير مصانع تركيب السيارات؟ س. إبراهيم اشتعلت المواجهة الصريحة مجدداً بين الحكومة الجزائرية ومصانع تركيب السيارات الناشطة في البلاد بعد قرابة سنة من الهدنة وفق ما أكدته مصادر متطابقة لم تستبعد أن تكون بعض تلك المصانع مهددة بخطر الغلق لاسيما في ظل شبهات الفساد التي تلاحق أصحابها مثلما هو حال مصنع هيونداي لصاحبه طحكوت محيي الدين الذي أودع الحبس أمس الإثنين رفقة بعض أفراد عائلته. وفي ظرف أسبوع واحد وجهت حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي لتصريف الأعمال ضربتين للمصانع والعلامات العالمية الأولى كانت التجميد المفاجئ لاستيراد هياكل السيارات إلى غاية مطلع السنة المقبلة أما الثانية فهي تقسيم الحكومة لما سيتم استيراده السنة المقبلة من هياكل بين المُجَمعين على أساس نظام الحصص . وفي رد فعل غاضب هدّدت المصانع بتعليق نشاطاتها بدعوى عدم احترام الحكومة للعقود المبرمة مع ممثلي العلامات العالمية. وحسب ما أورده موقع العربي الجديد نقلا عن مصدر في المصرف المركزي الجزائري فإن وزارة الصناعة راسلت جمعية البنوك تبلغهم فيها بحصص مصانع تجميع السيارات في فاتورة واردات هياكل السيارات للسنة المقبلة. ووفقاً للمراسلة فسيكون للعلامة الفرنسية رونو حصة الأسد ب 660 مليون دولار ثم سوفاك ممثلة العلامات الألمانية فولكس فاغن و سكواد بالإضافة إلى أودي ب 600 مليون دولار و كيا الكورية الجنوبية ب 380 مليون دولار ثم هيونداي الكورية الجنوبية ب 360 مليون دولار. والغريب في قرار الحكومة أنها أقصت العديد من العلامات منها سوزوكي اليابانية و ايفيكو الإيطالية من قائمة حصص الاستيراد وهي المصانع التي بدأت في التجميع منذ 2018. كما لم يرد اسم العملاقين الياباني نيسان والفرنسي الآخر بيجو في قائمة المعنيين بالاستيراد السنة الماضية في وقت وصلت الحكومة والعلامتان إلى اتفاق مطلع السنة الحالية لإقامة مصنع تجميع السيارات في محافظة وهران (450 كلم غرب العاصمة) ما يطرح علامات استفهام حول مستقبل هذه الاستثمارات. وكانت الحكومة قد قررت نهاية الشهر الماضي منع مصانع تجميع السيارات من استيراد الهياكل صنف Semi knocked down بالإضافة إلى قطع الغيار بأثر رجعي بسبب تجاوز واردات المصانع من الهياكل عتبة ملياري دولار منذ بداية جوان الماضي وحتى الآن. ويبلغ عدد مصانع تجميع السيارات المعتمدة في الجزائر خمسة في وقت حجزت فيه الحكومة رخصتين إضافيتين واحدة ل بيجو الفرنسية والأخرى ل نيسان اليابانية. وتواجه الحكومة عقبة كبيرة في سعيها لكبح واردات مصانع تجميع السيارات وهي السند القانوني إذ تعتبر القرارات المتخذة من طرف وزارة الصناعة الجزائرية خارجة عن العقود المبرمة بين العلامات العالمية والدولة الجزائرية ممثلة في المجلس الوطني للاستثمار الذي يختار الطرف الجزائري في المصانع بحصة 51 بالمائة. وفي السياق يكشف الخبير المختص في سوق السيارات بالجزائر مالك شرف أن القرار جاء موقعاً باسم الأمين العام وليس باسم الوزيرة وقد تمت إقالة الأمين العام للوزارة بعد توقيعه على المراسلة الموجهة للبنوك وإذا تجاوزت الحكومة إشكالية التوقيع فإن الإشكالية المطروحة بقوة اليوم هي في الإطار القانوني فالقرارات جاءت في مراسلات فقط وليست في شكل نصوص تنظيمية تعطي المصداقية للقرارات . وأضاف الخبير نفسه في تصريح لموقع العربي الجديد أنه بالإضافة إلى عدم وجود أسس قانونية توجد ضبابية حول المعايير التي تم بموجبها اختيار العلامات الأربع للاستفادة من حصص الاستيراد المقررة فقد اكتفت الوزارة بأربعة معايير هي مدى الامتثال لدفتر الشروط ونسبة الإدماج والتوظيف وإمكانية التصدير وكان الأهم إنشاء لجنة مشتركة بين الوزارات لتحديد المعايير والحصص ويجب أن يتم ذلك في شفافية تامة . وكانت الحكومة قد دخلت في حرب مع مصانع تجميع السيارات سنة 2017 بعدما منعت استيراد السيارات وأرسلت فرق تفتيش للمصانع التي كانت في قلب العديد من الفضائح التي شغلت الشارع الجزائري في السنوات الماضية بدأت مع تسريب صور من ميناء الجزائر لسيارات شبه مركبة لا تنقصها إلا الإطارات كانت موجهة لأحد مصانع التجميع المعتمدة في البلاد وصولا إلى تضخيم الفواتير والأسعار. غير أن سنة 2018 حملت هدنة بين الطرفين سمحت لمصانع تجميع السيارات باستيراد ما قيمته 3.2 مليارات دولار من الهياكل. ويتزامن إشهار الحكومة لسيفها في وجه مصانع تجميع السيارات الناشطة في الجزائر مع استهداف أصحاب مصانع تجميع السيارات من قبل حملة مكافحة الفساد وسط تواصل الحراك الشعبي.