تنطلق غدا الأحد امتحانات البكالوريا المصيرية، الشهادة، لمن إستطاع إليها سبيلا، ليست بالنسبة للتلاميذ إلاّ تتويجا لجهد مبذول منذ بداية المشوار الدراسي، وليس فقط لسنة دراسية، ولهذا فإنّ أولياء، وحتى أسرة الممتحن، وأقارب مُدركون تمام الإدراك ما تعنيه هذه المرحلة من مشوار التلميذ الدراسي، ولهذا فإنّ الجميع راح يشجع هؤلاء التلاميذ، إن بالهدايا، أو الوعود، أو الرسائل القصيرة، وهو أضعف الإيمان. مصطفى مهدي من ذا الذي لا يعرف فردٌ من أسرته، أو من أقاربه، أو حتى من أفراد الحي سيجتاز إمتحان البكالوريا، ومن ذا الذي لم يحاول أن يُشجعه بما يقدر عليه، خاصّة وأنّ البكالوريا تعتبر أصعب إمتحان، والبعض يعتبرها أصعب حتى من شهادة الليسانس، ومُختلف الشهادات التي قد يحصل عليها التلميذ أو الطالب في بقية مشواره الدراسي، وهو الأمر الذي يخلق ضغطا على التلميذ، ويجعله بحاجة إلى الدعم المعنوي أكثر من أي شيء آخر، دعم يلقاه من أسرته، ومقربيه، ولو كان ببكلمة طيبة، ولهذا فإنّ الكثير من الرسائل النصّية تهافتت على الممتحنين حتى ساعة متاخرة من ليلة الامتحان، ولا شكّ ستتواصل إلى صبيحة الغد، وفي الأيّام الثلاثة للبكالوريا، قبل أن تستبدل برسائل التهاني، إن نجح الممتحن، أو رسائل المواساة والتضامن إن فشل. رافقنا بعض الطلبة في ايامهم الاخيرة قبل الموعد الحاسم، وحتى ليلة أمس بقيت الرسائل النصيّة تتهاطل عليهم، وأمطرهم أقاربهم بكلمات التشجيع، مثل رضوان سعيدي، وهو تلميذ بثانوية المقراني بابن عكنون، والذي كنا برفقته عندما أرسلت له خالته رسالة نصية على هاتفه النقّال هذا نصها: "أدرك أنّ الإمتحان سيكون صعبا، ولكن، مع ذلك، أعرف أنّك ستجتازه بنجاح، وإنني لواثقة من تخطيك لهذه المرحلة. خالتك العزيزة "س". وقبل أن يعيد رضوان هاتفه إلى جيبه، أرسل له أخوه الذي يقضي سنوات الخدمة العسكرية رسالة أخرى قال له فيها: "الله يسترك ما ديرش كيما أنا ما قريتش خلاصت عليَّ جندي، لو كان عرفت ناكل القراية مشي نحفظها برك". رسالة خلفت ابتسامة على وجه رضوان، ولا بدّ أنها خففت عليه من الضغط الذي كان يشعر به، ولا شكّ سيرافقه طيلة الايام الثلاثة من الإمتحان". سلمى من جهتها قال لنا إنها تشعر بطمأنينة كبيرة، وهي ترى تلك الرسائل النصيّة، وأنها تحسّ وكأنها ليست وحدها، وهي ليست كذلك، تقول، وأخرجت لنا هاتفها وراحت تقرأ لنا ما أرسله لها خطيبُها الذي فضل أن يخفف عنها برسالة يقول فيها مازحا: "أدرسي وحاولي أن تنالي الشهادة حتى تصبحي إمراة مثقفة، وبالتالي لا ترتكبي حماقات بعد زواجنا، فالزوجة المتعلمة خير بألف مرّة من الزوجة الجاهلة" وعلّقت سلمى مازحة هي الأخرى: "لم يفكر إلاّ فيما سيصبح عليه بيتنا في المستقبل". قد تكون كلّ تلك الرسائل جميلة، وقد لا تكون كذلك، أو قد تكون لها آثارٌ عكسية، غير تلك التلي قصدها المرسِل، مثلما وقع مع سامية، والتي قالت لنا إنها اجتازت الإمتحان السنة الماضية، وأخفقت في نيل الشهادة لأنها كانت تشعر بالضغط، وما زادها ضغطا ثقة اسرتها الزائدة من جهة، وتلك التشجيعات، والرسائل النصيّة التي كانت تصلها بين الدقيقة والأخرى حتى صباح أوّل يوم من الإمتحان، والتي جعلتها تشعر، وكأنّ الأنظار كلها موجهة اليها، وأنّ الجميع ينتظر نجاحها، ورغم أنها شكرت للجميع نيتهم في مساعدتها، على عكس إبن عمّها، تضيف، والذي لم ينتظر أحد أن ينال هذه الشهادة، ولكنه فعل، لأنه دخل كذلك الذي ليس لديبه ما يخره، وكانت معنوياته، بالتالي مرتفعة، ولكنها، تضيف، تخلصت من الضغط هذه السنة، أو إعتادت عليه، وبالتالي فإنها ستكون أكثر صلابة.