** أنا شاب عمري 23 سنة ولا زلت أدرس بالجامعة، ولكني أعمل في شركة لأستطيع أن أصرف على نفسي. قابلت فتاة تعمل معنا وهي شخصية محترمة ومتدينة، وأعجبت بها، وكنت أريد الزواج بها، فتكلمت معها وأخبرتها أني معجب بها وأريدها زوجة لي، فقالت لي: اذهب إلى أهلي وأنا موافقة، ولكن لم تكن لديّ الإمكانيات لأتزوج؛ ولكنها قالت لي سأنتظرك، والحمد لله أكرمني الله وفتحت شركة خاصة بي مع أصدقائي، وعندما فاتحت أهلي في موضوع الزواج بها قوبل هذا بالرفض منهم؛ لأنها لا تناسب مستوانا الاجتماعي، والله يعلم أني من البداية لست مثل بقية الشباب؛ أنا أريد الحلال، ولا أعرف لماذا يعترضون على سعادتي؟ وقد فعلت كل ما أنا فيه بدون مساعدة من أحد، حتى أبي لم يساعدني في شيء من زواجي، ليس بسبب هذه الفتاة ولكن على أي فتاة وهو من قال لي ذلك، علماً أني تعلقت بهذه الفتاة، وأول شيء فعلته قبل كل هذا قمت بصلاة الاستخارة، وانشرح صدري لذلك، ولكن لا أعرف ماذا أفعل معهم في هذا الرفض؟ أرشدوني ماذا أفعل؟ * بعيداً عن مشكلتك التي تريد حلا لها فإني أحيي فيك إصرارك على النجاة، وحرصك على تخطي العقبات خاصة بعد أن كنت تعمل كأي شخص في شركة عند إنسان آخر أصبحت الآن صاحب شركة مع حبك للتدين والالتزام وحرصك على الحلال، وهذا النموذج نتمنى أن يكثر في الأمة المسلمة في هذا الزمان. والزواج من هدي النبي صلى الله عليه وسلم والعزوف عنه مخالفة صريحة لهديه حيث يأمر رسول الله القادرين من الشباب والمستطيعين بألا يتأخروا في الزواج غضا لأبصارهم وحفظا لفروجهم. وقال صلى الله عليه وسلم: "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". وأنا أقول لك أخي طالما أنك مستطيع وقادر على تحمل مئونة الحياة فلا تتأخر متى وجدت المرأة المناسبة المعينة لك على أمور دنياك وآخرتك. قلتَ بأن أهلك يتعنتون معك، ويقفون في وجه رغبتك في الزواج بإحدى الفتيات والتي تقول بأنها مناسبة لك، وهي على خلُق ودين، وأهلك يعارضون بحجة أنها غير مكافئة لكم ولعائلتكم ومكانتكم. أقول لك أخي أريدك أن تسلِّم معي بأن أهلك أكثر منك خبرة ودراية للحياة، فلا بد أن تحترم وجهة نظرهم مبدئيا، وألا تنسى فضل أهلك عليك، فهم فعلا لم يساهموا معك بشيء في تجهيزك لأمر الزواج، ولكن لهم الفضل الأول -بعد الله عز وجل- في تربيتك وتنشئتك وتعليمك. فما ينبغي أن يُنسى هذا الفضل مهما كان، وما دمت ترى أن هذه الفتاة هي المناسبة لك، وهي التي تصلح لتكون زوجة لك، وما دام أهلك يعارضون فيمكنك أن تبحث عن أهل الرأي والمشورة في مكانك، وأن تجعلهم يتدخلون لإقناع أهلك، وذلك بعد أن تبذل جهدك في إقناعهم وإفهامهم هذا لعلهم يكونون محقين في وجهة نظرهم، عسى أن يستطيع هؤلاء الذين يتدخلون كوسيط بينك وبين أهلك، وأن يوافقوا بين رأيك ورأي هؤلاء. فإن لم تنجح هذه المحاولات فإن موقفك من الناحية الفقهية سليم، ولكني لا أرجح هذا لك، لأنك إذا خسرت هذه الفتاة فالنساء غيرها كثير، وأما أهلك فإنه من الصعب أن يخسر الإنسان أهله وعشيرته خاصة الأب والأم. أريدك أن تتعامل مع هذه الأمور بحكمة وتأنٍّ، وتجنب الانفعالات وتوتر الأعصاب في كل تصرفاتك لأنك تتعامل مع أبيك وأمك، فاحرص دائما على أن تقول لهما قولا كريما. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك إلى ما فيه خير لك في دنياك وآخرتك، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يجعل معونته لك سنداً، وأن يجعلك باراً بوالديك إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.