أرشيف وعرائض إلكترونية ومحاكمات عن بُعد... واقتصاد للجهد والوقت * * تجربة عمرها 15 سنة.. و أعوان العدالة يتطلعون للمزيد * الأستاذ زقان ل أخبار اليوم : القطاع شهِد نقلة نوعية بفضل الرقمنة.. لكنْ ينقص الكثير شيخ بن خليفة هل يمكن الحديث عن جزائر جديدة وفق ما يأمله عشرات الملايين من الجزائريين دون وجود قطاع عدالة عصري يعطي لكل ذي حق حقه ويستغل كل الوسائل المتاحة لتكريس دولة الحق والقانون؟ الإجابة ستكون قطعاً بالنفي.. فالعدل أساس الملك والعدالة قد تكون القطاع الأكثر أهمية في البلاد برأي كثيرين أو أحد أكثر القطاعات أهمية على الإطلاق إلى جانب التعليم والصحة وتطويره وتقويته وتعزيزه أصبح غير ممكن ما لم تصبح الرقمنة أمراً واقعاً فيها وليس مجرد كلام.. فهل تكون رقمنة العدالة كلمة السر والعمود الأساسي لإقامة الجزائر الجديدة المأمولة؟! تخيّل أنْ تجد نفسك مضطراً لتقديم ملف قد ينقذك من السجن يتضمن عشر وثائق مثلاً كل واحدة منها ينبغي استصدارها من إدارة منفصلة ولا تملك من الوقت الكثير وفي النهاية قد لا يُسعفك الوقت ولا الجهد ل عتق رقبتك التي ستكون تحت مقصلة القضاء.. ثم تخيّل أن تلك الوثائق جميعها يمكن الحصول عليها خلال دقائق معدودات بكبسات على أزرار لوحة مفاتيح حاسوب صغير أو حتى هاتف ذكي في زمن يسّرت فيه التكنولوجيا الصعب وقرّبت البعيد وأتاحت الرقمنة لمختلف أطراف معادلة قطاع العدالة التواصل والتعامل والتنسيق بشكل أكثر يسراً وأقل جهدا.. ويمكن للقادم أن يكون أفضل إن صدقت النوايا وتحوّلت الأقوال إلى أفعال.. شيئاً فشيئاً تحولت التكنولوجيا إلى فاعل أساسي في حياتنا لا يمكن الاستغناء عنه أو حتى التقليل من مساحة وجوده ويوما بعد آخر تكتسح الأنترنت مختلف مساحات حياتنا على نحو لم يعد الأمر معه اختيارياً وليست الجزائر في منأى عن هذا الواقع ولا الجزائريون الذين يأملون أن تتحول التكنولوجيا بكل ما تحمله من أبعاد والأنترنت بما تتيحه من مزايا إلى أداتين مسخرتين لخدمتهم والتخفيف من أعباء عاشوها وعايشوها لعقود طويلة على شتى الأصعدة وفي مختلف القطاعات ومنها قطاع العدالة الذي بدأ في الآونة الأخيرة يصبح أكثر اعتمادا على التكنولوجيا وأشد ميلاً إلى الرقمنة التي من شأنها أن تُحدث ثورة خدماتية حقيقية في هذا القطاع الحساس.. قضاء إلكتروني.. ومحاكمات عن بعد في ظل الطفرات التكنولوجية المتلاحقة والمتواصلة بدا واضحا أنه يستحيل أن يبقى قطاع العدالة في منأى عن الاستعانة بما تقدمه التكنولوجيا من مزايا وتسخّرها في مختلف المؤسسات القضائية لخدمة الصالح العام ويبدو أن السلطات العليا في البلاد قد أدركت ضرورة التوجه بأقصى سرعة ممكنة نحو رقمنة القطاع وذلك رغم العوائق والعقبات المتصلة بوضع قطاع تكنولوجيات الاتصال في البلاد على أمل الوصول إلى ما يسميه البعض القضاء الإلكتروني على غرار الحكومة الإلكترونية من خلال استخدام التكنولوجيات والرقمنة في تحقيق الاستعمال السلس لمرافق العدالة وتسهيل التواصل بين مختلف الفاعلين في قطاع القضاء لاسيّما المحامون القضاة وكلاء الجمهورية كتاب الضبط وكذا المواطنين البسطاء سواءً كانوا مدعين أو مدعى عليهم.. وبهذا الصدد كان وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي قد أدلى قبل بضعة أشهر بتصريح يشير إلى أهمية الرقمنة في القطاع حين أشار إلى أن تكنولوجيا الإعلام والاتصال مكّنت وزارة العدل من تجاوز الكثير من الصعاب في ظلّ تفشي جائحة كورونا وما نجم عنها من تداعيات. وذكر الوزير على هامش تنصيب المدير العام لعصرنة العدالة كمال برنو أن الجهات القضائية عبر التراب الوطني عرفت نشاطا معتبرا عن طريق استعمال تقنية المحادثة المرئية عن بعد التي سمحت بمحاكمة المحبوسين في مادة الجنح. رقمنة الملف القضائي كشف وزير العدل أن عدد جلسات محاكمة المحبوسين المنعقدة باستخدام هذه التقنية بلغ خلال شهري أفريل وماي 1052 جلسة بمعدل 773 على مستوى المجالس و279 على مستوى المحاكم وأعلن زغماتي أن وزارة العدل قد قرّرت إدخال تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التسيير سواءً تعلق الأمر بالإجراءات القضائية أو الخدمات التي تقدمها للمواطن مشيرا إلى التوجه نحو إجراء تعديل تشريعي قصد تعميم تقنية المحاكمة عن بعد في إجراءات التحقيق والمحاكمة إضافة إلى توسيع التقنية لتشمل قضايا الجنايات وإلغاء شرط الموافقة المسبقة للمتهم. وذكر زغماتي أن رقمنة الملف القضائي قد تم تسجيلها كعملية مفصلية في مخطط عمل الحكومة لسنة 2020 وسيشمل هذا العمل التسيير الإلكتروني لجميع مراحل الملف القضائي بما في ذلك التبادل الإلكتروني للعرائض بما يسمح بعدم مرور الأطراف على إجراءات الجلسة المعروفة بثقلها واستهلاكها للوقت على حساب مصالح جميع الأطراف . ولتجسيد هذا الهدف الهام أعلن وزير العدل أنه سيتم الشروع في رقمنة الملفات القادمة من المحاكم الابتدائية إلى المجالس القضائية بعدها سيتم رقمنة ملفات المحكمة العليا ومجلس الدولة. كما أشار الوزير زغماتي في الإطار ذاته إلى أن مصالحه تعمل على إلغاء عمليات الإيداع المركزي للملفات بالإضافة إلى الصفحة الرسمية المستحدثة للوزارة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وذلك في إطار رقمنة القطاع التي يُنتظر منها الكثير. وفي السياق نفسه أعلن وزير العدل عن إدخال نظام النيابة الإلكترونية على مستوى نيابة الجمهورية والنيابة العامة موضحاً أنّ النظام يسمح للمواطن بتقديم الشكوى أمام النيابة إلكترونيا مشدداً على أن نيابة الجمهورية والنيابة العامة تلتزم بالرد بالطريقة ذاتها على الشكاوي المقدمة لها. وحسب الوزير فإن هذا الإجراء يتضمن إيجابيات كثيرة تُفيد المواطن كاختصار الوقت والجهد لاسيما للجالية الجزائرية المتواجدة في الخارج وكل ذلك في إطار تطوير العلاقة بين قطاع العدالة والمواطن ..