آثار نفسية وعقلية خطيرة وسائل التواصل الاجتماعي.. سلاح ذو حدين مع التقدم التكنولوجي توافرت وسائل التواصل الاجتماعي وأضحت متاحة للجميع ورغم إيجابيات هذه الوسائل إلا أنها سلاح ذو حدين بسبب الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو استخدامها بشكل خاطئ مما يتسبب في الكثير من الأضرار منها النفسية والاجتماعية والصحية. نسيمة خباجة استعمال وسائل التواصل قبل النوم يؤثر على جودة النوم والشعور بالأرق وقد أشار الباحثون إلى أن الضوء الناتج عن الهواتف الذكية يؤثر على إنتاج هرمون الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن النوم ولهذا يعد من الجيد الابتعاد عن وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة قبل النوم بفترة مناسبة. التأثير على المخ في أحدث الدراسات الأمريكية بجامعة نيويورك التي أقيمت على مستخدمي فيسبوك على وجه الخصوص فقد أظهر الباحثون أن 76 بالمائة من المشاركين قاموا باستخدام الموقع أثناء المشي على القدمين و40 بالمائة أثناء القيادة و63 بالمائة أثناء التحدث مع آخرين وأكد الباحثون أن زيادة معدل استخدام مواقع التواصل يزيد من عدم التوازن بين النظام المعرفي والنظام السلوكي في المخ وإن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يتسبب في حدوث خلل بوظائف المخ. الاكتئاب...خطر آخر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عن غيرهم وأشارت إحدى الدراسات الكندية إلى أن المراهقين الذين يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من 3 ساعات يوميا يكون لديهم أعراض الاكتئاب والقلق والميل إلى العدوانية والعزلة عن الآخرين. قلة التركيز للطلاب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي يتسبب في الكثير من الأضرار ومنها الإجهاد وقلة النوم وهذا بدوره يؤثر على القدرة على التركيز والإصابة بالضعف في الانتباه وعدم القدرة على التحصيل العلمي الجيد للطلاب. وأشارت دراسة أجرتها جامعة ميريلاند أن وسائل التواصل الاجتماعي تعيق إنتاجية العمل وهذا لأن الكثيرين يقومون بتصفح مواقع التواصل خلال فترة عملهم مما يؤثر على جودة العمل بشكل كبير. العزلة الاجتماعية رغم التواصل الاجتماعي بين الأشخاص عبر وسائل التواصل إلا أنه يظل تواصل افتراضي ويفقد الكثير من الأشخاص التواصل الإجتماعي الحقيقي وقلة المقابلات مع الآخرين وعدم الاندماج في الأنشطة الإجتماعية المختلفة ومن هنا يميل مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفرط إلى العزلة مع الآخرين والميل إلى الوحدة. التأثير على الحالة المزاجية يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي التأثير على الحالة المزاجية للأشخاص بشكل سريع عبر المنشورات المختلفة التي من الممكن أن تؤثر تأثير إيجابي أو سلبي حيث أن المنشورات السلبية لها دور في الإصابة بالمزاج السيء والشعور بالتوتر والقلق. أضرار على جهاز المناعة الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على صحة الإنسان وكشفت دراسة في جامعة ميلان في إيطاليا إلى أن قضاء ساعات طويلة أمام الهاتف على وسائل التواصل لها تأثير ضار على صحة الجهاز المناعي للإنسان مما يتسبب في الإصابة بالأمراض وأشارت دراسة حديثة أن استخدام الإنترنت بشكل عام لأكثر من 14 ساعة يوميا قد يعرض الأشخاص إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم. تأثير على الصحة العقلية الإفراط في استخدام منصات التواصل يؤدي إلى تشتيت المخ بين مهام متعددة وهو ما ينعكس سلبًا على الصحة العقلية والقدرة على الإدراك والانتباه وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب وسوء الحالة المزاجية وأكد باحثون أنه حتى لو انخفضت مدة المكوث على المنصة يظل الرابط السلبي بينها وبين الاكتئاب وثيقًا. وذكرت الدراسة أنه يتوجب على الأطباء النفسيين أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في أثناء فحص مرضى الاكتئاب . ووفق الدراسة المنشورة على دورية أجهزة الكمبيوتر والسلوك البشري في أفريل 2016 فقد جرى إخضاع عينة من 1787 شابًّا ينتمون للفئة العمرية 19 إلى 32 عامًا لاستبيان بهدف معرفة أي المنصات هي الأكثر استخدامًا ما بين: فايسبوك تويتر جوجل يوتيوب إنستجرام بيانترست تمبلر فاين سناب شات ريديت يقول برايان بريماك -الباحث الرئيس في الدراسة-: ملايين السنين احتاجها البشر ليطوروا آليات التكيُّف مع البيئة الاجتماعية مثل اللعب واللمس الحسي والتواصل الشخصي وصحيح أن التواصل الافتراضي شيء مهم إلا أنه لابد وأن يظل مكملًا للعلاقات الحقيقية وليس بديلًا عنها. كما أوردت الدراسة أن متابعة منصات متعددة يخلق تصورًا غير واقعي عند المستخدم إذ يوحي بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد وهو ما يسبب شعورًا بالانعزال. مواقع اجتماعية أم انعزالية؟ اعتمدت الدراسة على عينة من الولاياتالمتحدة لكن ماذا لو أُجريت في العالم العربي؟ تتوقع بريماك أن تختلف النتائج باختلاف المجتمع في ثقافات مختلفة وفي ظروف أخرى قد يساعد استخدام منصات التواصل الاجتماعي الأفراد على تقليل التوتر وتوسيع المعارف . تتفق سمر عبده -مستشارة اجتماعية بمركز تواصل بمصر- مع نتائج الدراسة وترى أن الاعتماد على هذه المواقع كبديل يؤدي إلى أن يفقد الإنسان علاقاته على أرض الواقع ويعتمد على علاقات افتراضية مضللة. وتوضح كيف أثر نشر أخبار وصور ضحايا النزاعات في العالم العربي والتعرُّض لجرعة كبيرة من الأخبار السيئة على إحساس الناس بالسعادة والإنجاز. ينتاب المتلقي شعور بالإحباط والذنب وهو عكس ما يعتقده المستخدمون عندما يضغطون على زر ويشاركون أصدقاءهم هذه الصور لدعم هؤلاء الضحايا وتقديم قضيتهم . وفي تقرير لقياس انطباعات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في أرجاء العالم العربي لعام 2015 تصدَّر فايسبوك و واتس آب قائمة أكثر المنصات الاجتماعية استخدامًا في جميع دول المنطقة التقرير اعتمد على بيانات 7000 مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي من 18 دولة عربية جرى عمل لقاء هاتفي معهم عبَّر نصفهم عن أن الغرض الأول من الدخول على هذه المواقع هو التواصل تلاه الحصول على المعلومات ثم مشاركة الصور ومقاطع الفيديو ثم الاستماع للموسيقى. وفق التقرير أجمع المستخدمون على أن مواقع التواصل تحسِّن نوعية الحياة وتمثل مصدرًا للبهجة والإثارة ولكنها أيضًا تتسبب في تقليل اللقاءات الفعلية مما يؤدي إلي ضعف العلاقات وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى التفكك الأسري والطلاق والقطيعة في نطاق الأسرة والمجتمع. التحسن في نوعية الحياة الذي عبر عنه المستخدمون أثر من ناحية أخرى على العلاقات الأسرية كما تقول عبده: لقد غيرت هذه المواقع نمط تجمُّع أفراد الأسرة إذ يصبح كل فرد منهم غارقًا في عالمه الافتراضي. وعندما يحدث نقاش داخل الأسرة فإنه عادة ما يكون عن موضوع اختارته إحدى المنصات أيضًا ليتحدث كلٌّ منهم محاولًا ترجيح وجهة نظره وهو ليس النمط الصحي الأمثل للتجمعات الأسرية . تطبيق أشيائي الجميلة إن ارتباط منصات التواصل الاجتماعي بالاكتئاب ليس بالحتمي فقد طور باحثون بجامعة بورتسموث بالمملكة المتحدة تطبيقًا للهواتف المحمولة يُعرف ب أشيائي الجميلة بهدف علاج بعض الاضطرابات النفسية فيه يقوم المستخدم بتحميل أجمل ذكرياته لمشاهدتها بعد ذلك مما يحفز حالة من التسكين الذاتي في حالات المعاناة مع المزاج السيئ. وتقول أليس جود -صاحبة فكرة التطبيق: تم تجريب هذا التطبيق على حالات مصابة بالخبل ولقد توصلت الأبحاث التي أجريناها إلى أن العلاج المعتمد على الذكريات لا يصلح لحالات الخبل فحسب بل لغيرها من حالات الاكتئاب والقلق . ترى جود أنه عادةً ما يتحدث الإعلام عن مواقع التواصل بشكل سلبي خاصة حينما يتعلق الأمر بالشباب إذ يجري ربطها بالقلق والاكتئاب لدى البعض بينما يرجع الموضوع برمته إلى طريقة استعمال هذه المنصات تضيف جود: لهذه المواقع جوانبها الإيجابية مثل بعض مجموعات الدعم المغلقة خاصة التي تهتم بموضوعات مثل القلق والاكتئاب وعدم الإنجاب وغيرها وتشدد على مسؤولية الآباء في متابعة أبنائهم في حال استخدامهم هذه المواقع والسؤال هنا: ماذا نفعل؟ هل علينا التوقف عن استخدام هذه المنصات؟ توصي الدراسة بتقليل عدد المنصات التي يتابعها الفرد واختيار منصة أو اثنتين فقط وأن يختار المستخدم المنصة الضرورية والمفيدة له يرى بريماك أن التقنية قد تطورت تطوُّرًا يجعل الناس مجبرين على استخدامها دون إمعان التفكير في أفضل وسائل الاستخدام. لا بد من اختيار الوسيلة الأفضل وتقليل عدد المنصات.