مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراءً حول المخرج الراحل حاتم علي: ابن الجولان رسم الجرح الفلسطيني في وجدان كل عربي يَصدُق في الكاتب والفنان والمنتج والمخرج السوري القدير حاتم علي لقب أسطورة الإخراج الدرامي التاريخي .. توفي صاحب الروائع رحمه الله وترك أعمالا خالدة لها الأثر الجميل في قلوب المشاهدين في العالَم العربي والأمة الإسلامية وقد ازداد حبهم لأعماله احترامها لثقافتهم المتنوعة الأصيلة.. رحل العقاد الثاني (نسبة للمخرج السينمائي مصطفى العقاد) رحل ابن الجولان المحتل المخرج الذي أضحك وأبكى أبدع وأمتع أجمل وأنبل رحل الصانع الماهر للدراما العربية الساحرة رحل زارع الوعي دون زيف وصانع الثقافة دون خوف ومعيد التاريخ دون أراجيف.. تظل التغريبة الفلسطينية ومسلسل عمر و صلاح الدين الأيوبي شامات بارزات في مساره الفني الملحمي وتظل ثلاثيته صقر قريش ربيع قرطبة وملوك الطوائف التي خلدت فترة من تاريخ المسلمينفي الأندلس راسخة في وجدان الأمة ونابضة للأجيال القادمة و صراع على الرمال وبعض أجزاء سلسلة مرايا . خدم اللسان العربي خير خدمة فضح الانسلاخ والاستلاب والتطبيع مع الكيان الصهيوني ..حاتم علي كان وحده أمة.. نعزي كل الأمة العربية والإسلامية ونعزي زوجه المصون الأستاذة دلع الرحبي وأولادهعمر وغزل وغالية. إثر هذا الرحيل المفاجئ سألنا أساتذة وكُتاباعن أعماله التي تركت فيهم شعورا خاصا واللمسات الفنية الجَمالية التي امتازت بها مسلسلاته الدرامية والتكريم العربي الرسمي والشعبي الذي يليق بقامة لها وزنها الفني والثقافي. عبده الحودي كاتب- اليمن : حاتم علي.. صدقية الانتماء للحياة من الصعوبة أن نتحدث بالتفصيل عن حاتم علي الإنسان والمخرج والممثل والكاتب الذي لم تكن منجزاته المتعددة الجوانب موجهة للإنسان السوري فقط ولكن إلى كل إنسان يحتاج إلى مجموعة محفزات تحرضه على التفكير والتأمل وتمنحه القدرة على الاختيار العقلاني الحر. لقد شاهدت له الكثير من الاعمال ومنها الفصول الأربعة حيث أدهشني كل شيء في هذا العمل كنص وحوار وسيناريو وتصوير وأداء تمثيلي يعكس الوعي المعاصر بصدقية الانتماء للحياة والعيش والبقاء بين عدة ظروف وكذلك اللمسات الفنية الجمالية التي تحمل مغامرة جديدة ويجب أن تشاهد هكذا. التكريم الذي يليق به بصفته قامة فنية لها دورها ووزنها الفني والثقافي هو أنه سيبقى في قلب كل من يرى ويتلقى ويشاهد في كل زمان ومكان. لا يتسع المجال أكثر للحديث عن منجزاته ويكفي أن نقول :إنه مخرج وممثل وكاتب عالمي بامتياز سيظل موجهاً للبوصلة في الاتجاه الصحيح إلى ما هو أكثر حضارة وإنسانية.. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته. نور الرواشدة شاعرة وكاتبة مسرح – المملكة الأردنية الهاشمية : حاتم علي لم يتبع النهج التجاري ولم يستخف بعقل المشاهد مع العبابيد و الجوارح كانت البداية حيث بدأ اسم حاتم علي –بصفته فنانا- من خلال هذين المسلسلين بالتشبث في ذاكرتي.. ولا تزال مشاهده فيهما تلتمع إلى اللحظة فيها وأما في الإخراج أول أعماله التي شاهدته ودخلت قلبي وأثثت مخيلتي مسلسل الزير سالم هذا العمل الذي دخل كلّ بيت عربي كنتُ أنتظرُ الحلقات بشغف كبير عمل أُخرج باحترافية عالية وجعلنا حاتم علي من خلال رؤيته البصريَّة الفذَّة أن نكون شركاء في الأحداث وأن نحبسَ الأنفاس مع كلِّ ضربة حديث أو سيف وأن تدمعَ عيوننا مع كلِّ رحيل وتوالت بعد ذلك أعماله ك صلاح الدين الأيوبي و ربيع قرطبة .. قدم لنا أيضًا التغريبة الفلسطينية هذا العمل الملحمي العظيم حاتم علي ابن الجولان ومخيم اليرموك رسم الجرح الفلسطيني في وجدان كلِّ عربي وكأنَّه ابنه صوَّر لنا نضال وصمود الشعب الفلسطيني وساهم في تعزيز أهميَّة القضية إلى اللحظة وبعد سنوات من إنتاج هذا العمل نعود من فترة إلى أخرى لمشاهدة العديد من المشاهد التي أثرت فينا وقتذاك وبعبقرية يجعلنا كلّ مرَّة نشاهدها فيها نشعر وكأنها الأولى. كل أعمال الفنان والمخرج الراحل تركت بصمة لدى المشاهد لم يتبع النهج التجاري في تصدير الأعمال التلفزيونية للمشاهد العربي لم يستخف بعقله ولم يساهم في انحطاط المشهد الدرامي بل كان رافعًا له. أمَّا بشأن التكريم الذي من وجهة نظري قد يعطي الفنان والمخرج الراحل حاتم علي جزءًا من حقه علينا أن تحوَّل سيرته الذاتية لعمل درامي وأن تخصص جائزة فنيَّة -في مجال الإخراج- سنويَّة ضخمة باسمه. لقد خسرت الساحة العربية نجمًا لامعًا ولكن عزاءنا أنَّ أعماله لن تبرد فينا وستبقى رصيدًا للأجيال القادمة. يوسف أسونا شاعر– المملكة المغربية : الراحل كان مُلماً بالجوانب الحياتية للشعوب العربية رغم تنوع ثقافاتها حاتم علي من مواليد 1962م في دمشق توفي شهر ديسمبر الماضي عن عمر ناهز 58 عاما خرج من دمشق منذ عام 2012 لديه عدد كبير من الأعمال التي توزعت بين التلفزيون والسينما والمسرح وعلى أنواع فنية وأدبية مختلفة فإن الأبرز فيها الذي ترك انطباعا كبيرا هو مسلسل الفصول الأربعة وثيقة بصرية واجتماعية لدمشق بشوارعها وساحاتها حيث بات لكل المشاهدين السوريين والعرب حصته من أعماله هو عمل لايمحى من الذاكرة إلى جانب مسلسل التغريبة الفلسطينية عام 2004 الذي يرصد بدوره تفاصيل اللهجة الفلسطينية إثر نكبة العام 1948 وقد لعب حاتم علي دورا مهما فيهبصفته ممثلا.. لم ينسَ حاتم علي رصد تفاصيل شديدة الخصوصية لفلسطينالمحتلة حيث رصد معاناة الشعب الفلسطيني الذي بات ينتقل من مخيمات إلى أخرى من هنا انطلق طموح حاتم علي ليصل إلى عنان السماء ويصبح بذلك اسمه يتلألأ في العالم. ولديه أيضا مسلسل الزير سالم تم عرضه سنة 2000 مسلسل طبع التاريخ وانتشر في العالم العربي بأكمله كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته الفنية إذ جسد السيرة الخالدة في التراث الشعبي عبر دراما تلفزيونية وهي سيرة الشاعر وأحد ابطال العرب في الجاهلية : المهلهل بن ربيعة والملقب بالزير سالم ومغامرات فروسيته خلال حرب البسوس. بخصوص اللمسة الفنية التي تعجبني في الأعمال الدرامية التلفزيونية التي قدمها حاتم علي رحمه الله هي إلمامه دائما بالجوانب الحياتية للشعوب العربية رغم تنوع ثقافاتهم وميولاتهم فهو يملك لمسة خاصة أثناء رصده مختلف الظروف التي تمر بها بلدان العالم العربي كفلسطين أثناء نكبة 1948 ومابعدها وأيضا الظروف التي تمر بها سورية منذ2011 وما أعجبني أيضا هو تنوع مواهبه من مخرج إلى مسرحي إلى سينمائي إلى كاتب قصص ومسرحيات عدة. توجت أعمال حاتم علي بعدد من الجوائز الفنية من بينها: جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإعلام العربي عن إخراجه لمسلسل الملك فاروق وجائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن فيلم آخر الليل عام 1996 وجائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل سفر عام 1997 وذهبية مهرجان البحرين عن مسلسل الزير سالم عام 2000 وجوائز أخرى. ولا شك أن التكريم له مفعول السحر في نفس الإنسان خصوصا المخلص الذي بذل جهدا حقيقيا يستحق الإشادة.. والتكريم مهما صغر حجمه لا شك أن له دورا مهما ليس فقط للشخص المكرم بل للآخرين لكي يبذلوا المزيد من الجهد. === رحيل حاتم علي: مغامرات فنية في طرق مقطوعة نور المغربي حين قدّم المخرج السوري حاتم علي (1962 - 2020) مطلع الألفية عمله الدرامي الزير سالم كان قد وضع نفسه - على الرغم من أنه في بدايات مشواره - كأحد أهم مخرجي الدراما العربية فقد مثّل العمل نقطة فارقة في مسارات عدة فلحظتها أخذت الأعمال السورية أسبقية على المنتج المصري لأوّل مرة وتلاقت في ذلك العمل عناصر إبداعية شتى من النص إلى الأداء والأكسسوارات لتقدّم للمجتمعات العربية من العراق إلى المغرب لحظة من الوحدة الثقافية نادرة في زمننا. لكن يبقى أهم ما في هذا العمل أنه نجح في تحدّ كثيراً ما تخفق فيه محاولات المخرجين وهو تحويل المادة التاريخية إلى فن حيّ ومعاصر يتعايش معه الجمهور باعتباره قطعة من الحياة لا مجرّد مادة إخبار أو تذكير بأمجاد الماضي. وهنا كان مسلسل الزير سالم فارقاً إلى حد كبير ولعله إلى اليوم أنجح المسلسلات التاريخية على مستوى مصداقية التوتر الدرامي للشخصيات. عرف علي - الذي رحل عن عالمنا اليوم من القاهرة - كيف يدعم هذا الموقع في السنوات اللاحقة فقد أخرج أعمالاً أخرى لا تقلّ قيمة أبرزها الثلاثية الأندلسية (بين 2002 و2005) التي تعاون فيها مع طاقم موحّد يبدأ بالكاتب وليد سيف ويمتد إلى الممثلين جمال سليمان وسلاف فواخرجي وتيم حسن ومحمد مفتاح. قدّمت المسلسلات الثلاثة صقر قريش ربيع قرطبة ملوك الطوائف قراءة معاصرة بعيدة عن كل نوستالجيا كانت تحيط بالعودة للأندلس في المخيلة العربية. استمر علي في هذه النزعة إلى المشاريع الكبرى في التغريبة الفلسطينية (2004) ولاحقاً في مسلسل عمر الذي كان أوّل عمل درامي عربي يجرى فيه تجسيد الخلفاء الراشدين. كان ذلك في 2012 وهي السنة الأخيرة من سنوات انفتح قوسها بداية الألفية الجديدة وعرفت تعاوناً عربياً على مستويات عدة من الإنتاج إلى الأداء فأنتجت ما يمكن أن نسمّيه اليوم بالزمن الذهبي للدراما العربية المشتركة. انحسر عطاء علي بعد ذلك. ظهر على أعماله ميل نحو التجريب فأخرج في 2017 عملاً ضمن الفانتازيا التاريخية بعنوان أوركيديا وفي 2015 دخل مغامرة عجيبة باشتغاله على تحويل فيلم العرّاب الأميركي إلى مسلسل عربي وضمن نفس الطرح ذهب إلى مغامرة معقّدة بتحويل مسرحية رحبانية (هالة والملك) إلى فيلم سينمائي غنائي حمل عنوان سيلينا . كانت هذه الأعمال تشير من وراء مَشاهدها إلى أن شيئاً ما ضاع في أعمال حاتم علي. صحيح أنه اتخذ موقعاً جديداً ضمن الساحة الفنية المصرية ولكن هل إن الأمر خيار حقيقي. لم تكن مصر في الحقيقة سوى الفضاء الوحيد المتاح في المشهد العربي ومن الواضح أنه فضاء لم يكن يتسع لحجم طموحات حاتم علي تلك التي ربما كان يمنّي النفس أن يعود لتنفذيها من سورية مجدداً. == مصر التي انتظرت حاتم علي 10 سنوات: الرحلة والقدر عمر بقبوق عام 2017 قدم حاتم علي آخر مسلسلاته السورية وهو مسلسل الفانتازيا التاريخي أوركيديا الذي كان أكبر سقطاته وأضعف المحطات في مشروعه الفني الكبير لكنها المحطة التي جعلته يعيد التفكير في المسار الذي وصل إليه مشروعه الفني بعد التصدعات كلها التي أصابت ركائز الدراما السورية في سنوات الثورة والحرب وبعد أن دفعته عاطفته الوطنية إلى أن يواصل لعب دوره غير آبه بعوامل الجزر والمد التي منعته من السير بخطوات كبيرة في رحلته. بعد أوركيديا أدرك حاتم علي أن لا فائدة من محاربة طواحين الهواء ليترك مركب الدراما السورية قبل أن ينهار سوقها في العام التالي ويفتح طريقه بإلقاء حجر جهنم في مصر ويبدأ فيها رحلة نجاح من نوع آخر في العام نفسه الذي عجزت فيه معظم المسلسلات السورية عن الوصول إلى شاشات العرض. بوابة مصر كانت مفتوحة لحاتم علي وتنتظره عقداً كاملاً فهو الذي تمكن من ترك بصمة خاصة في الدراما التاريخية المصرية عندما أخرج مسلسل الملك فاروق سنة 2007 وغادرها آنذاك منتصراً ليكمل مسار مشروعه الفني. لم يكن حاتم علي يحاول آنذاك مغازلة الدراما المصرية في الملك فاروق ولم يكن ينوي من خلاله اقتحام سوق إنتاجي أكثر عراقة وأصالة من الدراما السورية كما أثبت مع الوقت بل إن مسلسل الملك فاروق هو جزء من مشروعه الفني التاريخي وحلقة من السلسلة التي بدأ برسمها في مطلع الألفية بمسلسل الزير سالم والتي عالج فيها درامياً حكايات شخصيات إشكالية في التاريخ العربي. شملت سلسلته الزير سالم و صلاح الدين الأيوبي قبل أن ينتقل لتقديم حكايات ملوك الأندلس في صقر قريش و ربيع قرطبة و ملوك الطوائف وعرّج على فلسطين ليرسم حكاية التغريبة الفلسطينية قبل أن يدخل مصر ب الملك فاروق ويعود منها إلى الجزيرة العربية بحكاية صراع على الرمال ومسلسل عمر . عندما عاد حاتم علي إلى مصر عام 2017 لم يدخل من الباب الذي غادر منه ورفض أن يتعكز على ماضيه ويلجأ إلى الدراما التاريخية ليبني جسراً يمهد له الطريق ليفاجئ الجميع بالدخول من بوابة دراما الإثارة والجريمة في مسلسل حجر جهنم الذي تمكن من خلاله من أن يضع حجر الأساس للخط الجديد الذي بناه في أم الدنيا مؤكداً أنه لم يلجأ إلى الخيار السهل أبداً وهو الذي رفض الانخراط في موجة الدراما العربية المشتركة علماً أن طريقه كان ممهداً إليها منذ 2011 حين أشرف على مطلوب رجال . وفي رحلته الأخيرة أخرج حاتم علي ثلاثة مسلسلات أولها حجر جهنم ثم مسلسلي كإنه مبارح (2018) و أهو ده اللي صار (2019). === الرجل الصامت عابراً العواصم العربية ربيع فران لا إجابات شافية حول دور حاتم علي في النهوض بالدراما العربية في العقدين الأخيرين. الرجل الصامت الذي يقضي وقته كاملاً في العمل يرحل إثر نوبة قلبية مفاجئة في القاهرة ويطوي صفحة طويلة من أعمال أغنت الدراما السورية لا بل وضعت حجر الأساس لنهضة هذا الفن في سورية ثم طافت العالم العربي بعدما قرر منتصف التسعينيات الخروج من دائرة الممثل والاتجاه إلى دنيا الإخراج. قد لا يصدق أحد أن مخرج مسلسل الملك فاروق (2007) هو المخرج السوري حاتم علي نفسه الذي اكتسب من تجاربه في دمشق نقاط قوة دفعته إلى تفعيل أو تأسيس قاعدة تحريك الممثل أمام الكاميرا وعدم الاستهانة بالواقعية المفترض أن تؤسس للدارما في عصر الانقلابات التقنية. تفرد علي في ذلك أكسبه ثقة كل من عمل معه خلال عشرين عاماً وظل إلى يومه الأخير حاملاً جنسيات وحيوات المجتمع العربي بدءاً بدمشق مروراً بدبي وبيروت التي لم يهملها ووصولاً إلى القاهرة. وقد كان من المخرجين السوريين القلائل الذين كُرموا في العاصمة اللبنانية. لم يبالغ الممثل جمال سليمان حين قال في تصريح خاص إن حاتم علي رفيق دربه من البدايات أمدّه بالأمان في عمله بعد تعاونهما في مسلسل الزير سالم الذي قلب موازين الدراما السورية وتحول إلى حالة ثابتة على الخريطة الدرامية للفانتازيا التاريخية. وقد نفذ علي المسلسل بتقنيات عالية أراد عبرها تحدي نفسه والعبور إلى ضفة التجدد وكسب ثقة الجمهور بتفاعلية بعيدة عن التقليدية. في الشكل بنى علي مشاريعه على الإنتاجات الضخمة ولم يقف عند حدود دمشق بل سعى بكل ما أوتي من جهد للبحث عن أوطان أخرى ومكاسب أخرى تغني تجربته. في دبي وقبل القاهرة احتكر حاتم علي الرؤية الخاصة بالدراما البدوية وساعده في ذلك الدعم المعنوي والمالي الذي لقيه والميزانيات التي صرفت على أعمال لا تزال عالقة في الأذهان إلى اليوم أعمال نختلف على بنيتها النصية. لكن نجاحها شكل حجر أساس لاستغلال طبيعة دول الخليج وتوظيفها في الفنون الدرامية. كل ذلك لم يشغل حاتم علي عن القاهرة فدخل الدراما المصرية من الباب العريض حاملاً كل الخبرات السابقة معتمداً على النفس المصري بعدما درسه بدقة الآتي من أجل المنافسة. ونال ثقة المصريين وتحولت أعماله إلى نجمة شباك في عالم الإخراج التلفزيوني. لا يمكن لنا تقييم أو رواية تجربة حاتم علي الدرامية في سطور قليلة فثمة ما كان يسكن هذا الرجل من طموح هادئ يجعله عابراً للعواصم العربية حيث يصارع على المحتوى الدرامي ويجادل في النص والحركة ويقتل التكرار أثناء تصوير المشهد سعياً إلى الخروج بنتيجة تستحق الثناء أو الالتزام بالمعيار التقني إن فقد الموقف حماس النص أو حاول إضعافه. هكذا يرحل حاتم علي بصمت الكبار وهو الذي التزم الصمت مراراً ولم يستغل نجوميته إلاّ لصالح الأعمال الفنية التي وقعها. أعمال كانت تزيده تواضعاً وثقة على قاعدة العمل أساس وما البقية إلا تفاصيل اختلاف ضرورية.