أكد مصدر من اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين ل "المساء"، أن السبب الرئيس لارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية وبالأخص الخضر والفواكه، مؤخرا، يعود إلى التجارة الموازية التي تُعد "ملاذا آمنا للمحتكرين والمضاربين؛ لتسويق سلعهم، وفرض منطقهم في تحديد الأسعار. وقال نفس المصدر: " حان الوقت لتنظيم الأسواق، ووضع آليات لامتصاص التجارة الفوضوية، وتوجيه الناشطين بها نحو التجارة الشرعية؛ من خلال فتح أبواب الاستثمار في الأسواق التجارية الكبرى، والعمل في تعاونيات مشتركة بين الفلاحين والتجار؛ لتأطير السوق الموازية ". وأوضح محدث "المساء" أن الفلاحة والتجارة قطاعان مهمان، ومترابطان، ومكملان لبعضهما البعض. وحلقة مهمة في سلسلة الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنه تم، مؤخرا، الاتفاق على وضع استراتيجية مستقبلية، وخطة عمل مشتركة، تهدف إلى التنسيق والتعاون والتشاور بين الفلاحين والتجار؛ من أجل الحفاظ على استقرار دائم لأسعار المواد واسعة الاستهلاك، والتأكيد على ضرورة التلاحم بين كل الشركاء والمهنيين؛ للتصدي لكل أشكال المضاربة والاحتكار، وفتح أسواق جوارية منظمة خلال شهر الصيام. كما تَقرر تنظيم اجتماعات دورية للمتابعة والتنسيق بين التجار والحرفيين والفلاحين؛ من أجل المشاركة في بناء اقتصاد قوي، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، والتصدي لكل أشكال المضاربة والاحتكار؛ من خلال فتح أبواب الاستثمار في الأسواق التجارية الكبرى. واقترح فكرة إغلاق منابع تمويل التجار "غير الشرعيين" ؛ لكي تختفي الأسواق الفوضوية من تلقاء نفسها، مؤكدا أن العمليات التحسيسية غير كافية للقضاء على التجارة الموازية التي تضاعف عددها في الآونة الأخيرة؛ لأنها موجهة للمستهلكين بغرض تحسيسهم بعدم اقتناء مواد سريعة التلف من الأسواق الفوضوية. لكن، بالمقابل، يبقى التاجر هو المعني الأول بإنهاء هذه الفوضى، مفيدا بأنه لن يحدث ذلك إلا عن طريق إيجاد البديل؛ حتى لا يُقطع رزقه؛ من خلال فتح مساحات مهيأة، وتوفير أسواق جوارية على مدار السنة. الظاهرة في تزايد.. لاحظت "المساء" خلال جولتها الاستطلاعية بمختلف بلديات العاصمة على غرار عين البنيان، والدويرة، والعاشور، والحراش، وباب الزوار، وباش جراح، أن عدد التجار غير الشرعيين في تزايد، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى تبقى الظاهرة تتفاقم؟ إذ لا تخلو بلدية من وجود مساحات غير منظمة لبيع الخضر والفواكه ومختلف المستلزمات، والتي تحولت وتوسعت مع مرور الوقت لتشمل مساحة أكبر، وتصبح أسواقا قارة يرتادها الزبائن بصفة يومية. وقد ذاع صيت بعضها كحال سوق بومعطي، و"دي كانز" بالحراش، وسوق درقانة ببرج الكيفان، والجرف بباب الزوار بالنظر إلى أسعار المنتوجات المقترحة، والتي تناسب مختلف فئات المجتمع، خاصة ضعيفي الدخل، وهذا لا يعني أن مصالح الأمن لم تقم بدورها على أكمل وجه، بل قامت في العديد من المرات بمنع التجار غير الشرعيين وأصحاب العربات والسلع التي اكتسحت الأرصفة، من عرض سلعهم في أماكن ممنوعة ومراقَبة، غير أن هذا لم يُنه الظاهرة. المتسوّقون وراء زيادة الأسواق الموازية يؤيد أغلب المواطنين الذين تحدثت إليهم "المساء"، فكرة بقاء الأسواق الفوضوية والمساحات التجارية "غير الشرعية" التي توفر لهم مختلف أنواع السلع من الخضروات والفواكه إلى الملابس ومستحضرات التجميل...، فضلا عما يحتاجه جميع أفراد العائلة في حياتهم اليومية، وبأسعار تنافسية، بل "زهيدة" رغم جلبها من الخارج؛ الأمر الذي جعل كل المساحات مسموحة لعرض المنتوج في الزوايا، والشوارع والطرقات، وحتى محطات نقل المسافرين، والممرات العلوية، والطرقات السريعة. وأبدى العديد من المواطنين تعاطفهم مع باعة الطاولات، ودعمهم لبقاء الأسواق الموازية، خاصة أن هذه المساحات لم تعد تستقطب الطبقات المعوزة من المجتمع فقط، بل أضحت الوجهة الأولى لميسوري الحال، وجميع الشرائح بمختلف الأعمار. ويفضّل مستهلكون آخرون أكثر حذراً عدم المخاطرة بشراء منتجات غذائية سريعة التلف على الرصيف، بالنظر إلى مخاطرها الصحية، وعدم توفرها على شروط النظافة. وفي هذا الإطار قال أحد المواطنين: "أنا لا أخاطر أبداً بشراء هذه المنتجات التي لا أعرف تاريخ بداية ونهاية صلاحيتها، ومسارها"، مضيفا أنه يعارض شراء السلع التي تُعرض في الأسواق الموازية على الرغم من جاذبية أسعارها. تجار الطرقات السريعة يتضاعفون.. ولاحظت "المساء"، أيضا، كثافة التجار المتنقلين، ونشاطهم خلال هذه الأيام التي تسبق الشهر الفضيل. فالمتجوّل في الشوارع والطرقات السريعة هذه الأيام، يلاحظ اصطفاف الشاحنات التي تعرض مختلف المنتجات؛ من خضر وفواكه طوال اليوم، وهو ما يخلّف فوضى عارمة. وأضحت شاحنات "الهيربين" المخصّصة لبيع الخضر والفواكه، جزءا من الديكور اليومي للأسواق الفوضوية التي ذاع صيتها بين المواطنين؛ بعرضها سلعا بأسعار منخفضة. وقد ساهم حلول موسم جني المحاصيل الزراعية واقتراب شهر رمضان، في زيادة أعدادها وكذا المقبلين عليها؛ فلا يفوت المار على الطريق السريع (بابا علي- الجزائر)، مشاهدة السيارات التجارية الصغيرة مصطفّة على حافة الطريق، تعرض تشكيلة متنوعة من البرتقال واليوسفي والليمون بالتزامن مع فترة جني الحمضيات، إلى جانب الخضر والفواكه، والسلع الغذائية الأخرى. ونفس الديكور يتكرر على مستوى الطريق السريع الرابط بين (بابا علي وبئر توتة)؛ حيث تشكل الشاحنات والمركبات التجارية التي تعرض سلعها على المواطنين وسائقي المركبات، ازدحاما مروريا خانقا، ناهيك عن مخلّفات التجار من بقايا السلع والنفايات التي تتحوّل إلى مصدر لإزعاج السكان المارين بالمنطقة.