مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء أساتذة حول الإشراف على المذكرات الجامعية منافسات غير شريفة أثناء تأطير طلبة الدكتوراه يشكو كثير من الأساتذة وأيضا الطلبة من سلبيات الإشراف على المذكرات الجامعية والتأطير عموما خاصة تأخير الآجال والإشراف على رسائل عديدة ومذكرات منسوخة طبق الأصل من أعمال سابقة ودرجات الأساتذة المرتفعة جدا للطلبة لا سيما أثناء المذكرات ومشكل منحة الإشراف.. وغير ذلك مما تعرفه إدارة الجامعةوالأساتذة والطلبة. الدكتورة وفاء برتيمة أستاذة جامعية : سلوكيات ممنوعة في الحقل العلمي.. الجامعة نص مغلق يجب تفكيكه بأدوات داخلية لرسم مستقبل جاد يُعنَى بالعلم والإنتاج لا تطويع الجهل وتسييسالإفلاس.. عرفت العشرية الأخيرة تصاعد وتيرة الانعطاف للمستوى الجامعي نحو المجهول بل الهاوية لاسيما أن تعثر التعليم والتعلم مؤشر خطير يفتك بمستقبل المجتمعات والأمم وهذا يرد إلى آليات الفساد وسوء التسيير وغياب سلم القيم في الحياة العلمية المشتركة كأن الفساد ركن تقام عليه الحداثة والتقدم العلمي وصارت الرجعية المغلقة والنمطية صفات مطلوبة في معايير البرمجة والمضمون وانتقاء المقاييس والإشراف وتضخيم النقاط وسياسة تغليب الكم وتغييب الكيف ضمن الموازاة بين العنصر الفاعل والمنتج وبين العنصر الغائب عن الدور الحضاري خاصة أن الجامعة تشهد قاموسا من المسميات لا يخدم المجتمع ولا يغير من الوضع المعرفي والثقافي الراهن وكأن الجزائر تشهد احتباسا إبداعيا أو تجديديا لأن الكثير من النخب المزيفة ضليعة بضياع حاضر الجامعة ومستقبلها فمتى تكون لنا هيئة علمية وأخلاقية جادة تسهر على تثقيف واستقامة الوضع من أجل وعي منتج لا مستهلك حراكي مبدع لا سكوني متلقي لا يتغول فيه الجاه والنفوذ والتسيب الأخلاقي فإذا كانت الجامعة الفاعل المحرك لكل القطاعات الإنمائية فإن صورتها شوهت في الراهن لظروف كثيرة أهمها القفزة من النظام الكلاسيكي إلى نظام (ل.م.د) ورغم أن القاعدة الرئيسة في التعليم العالي والبحث العلمي تعد الطالب شريكا محوريا في صناعة المعلومة على اعتبار أن المناخ الجامعي تكويني للطلبة الباحثين تكوينا مكتملا ينعكس في شخصية ناجحة معرفيا ونفسيا واجتماعيا وأخلاقيا أي شخصية عملية وعلمية غير أن العلاقة الحقيقية بين أعضاء الفعل المعرفي –الأستاذ والطالب – داخل الجامعة تدهورت بسبب ضغط الإصلاحات وعدم تماشيهامع إمكانيات البحث المعرفي والعلمي في الجامعة الجزائرية. وهذا ما انعكس على حصيلة الإنتاج المعرفي الحقيقي فنحن نقبع في التخلف والجهل وأغلب نسب النجاح فيها مبالغة ومن زاوية أخرى تشهد عملية التأطير فشل نسبي فهي تستند إلى معايير تضبط مهام الأستاذ والطالب معا تعلمنا من فوكو أن التعليم هو ضرب من ضروب السلطة وأن الحقيقة لا يمكن أن تخرج عن نطاق السلطة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تتقوى إلا بغذاء معرفي وعلمي يخدم مصالحها ويحميها. ومن أهم أنواع التأطير الجامعي علاوة على الهيكلة والتجهيز والتسيير المادي والبشري نجد المحرك العقلاني والأخلاقي والمنهجي المتمثل في الأستاذ المشرف الذي يمارس مهامه التكوينية باعتباره مرشدا وموجها بيداغوجيا ومنهجيا وفنيا للطالب الذي يشتغل على معالجة مشكلة أو إشكالية ضمن تدرج ليسانس أو ماستر أو ما بعد التدرج لكن المفارقة هو أن هذه العملية لم تعد تحظَ باهتمام واحترام يليق بالباحث والأستاذ وهذا لجملة أسباب نذكر منها: - تميع العلاقة التكوينية بين الأستاذ الجامعي والطالب حيث انحدرت إلى نواحي لا تتعلق بالتكوين والمعرفة لانعدام مسافة الأمان بين الأستاذ والطالب فتولدت آفة اللامبالاة وانعدام الثقة. - اختيار الموضوعات لا يخضع دائما لرغبة الطالب أحيانا يفرض بعض الأساتذة موضوعات تخدم أيديولوجياتهم على طلبة لهم علاقة صداقة بهم ليكونوا جنود ولاء أيديولوجي ومعرفي والبعض يراهن على مساعدتهم والتكفل بهم حتى في مسابقة الدكتوراه وهذا ما زاد في عدم استقرار المستوى المعرفي والعلمي داخل الجامعة فهي ضحية تكتلات متضاربة بين المضمرة والمعلنة. - الأستاذ المشرف فيه من يتابع عن كثب مذكرات التخرج أو الرسائل نقطة وفاصلة دوريا وفيه من يطلب العمل بعد تكملته للتصحيح والتوجيه وفي هذه الأخيرة الطالب أو الباحث تجده في حالة ضغط نفسي ومزاج متقلب بين الرضا على توجيهات المشرف وبين الساخط لأن هناك فئة من الباحثين من الطلبة وجدوا عبثا في الجامعة ويريدون مشرف على مقاسهم يساعدهم في إنجاز المذكرة وتحريرها من تصميم الخطة وصولا للفهرسة وهذا مستحيل لأن الأستاذ المشرف موجه في كافة مراحل إنجاز المذكرة. - عملية الإشراف تعرف نوعا من التوتر بين الطرفيين خاصة أن تكوين الطلبة هش ومعارفهم محدودة جدا وقراءتهم سطحية فمثلا في الفلسفة نحتاج للفهم والتحليل والنقد وكل هذا ينتج عن قدرات خام وأخرى مكتسبة ناهيك عن القراءة المركزة والجيدة لمختلف النصوص الفلسفية في سياقاتها الثقافية المتداخلة. - الجامعة الجزائرية يوجد بها طلبة مستوى ماستر لم يجتازوا بعد مرحلة القراءة بالتهجية وحتى لزوميات الكتابة يجهلونها فأنى لهم أن يكونوا قادرين على تحرير مذكرة ليسانس أو ماستر محصورة بين 60 و80 صفحة؟. - غياب ثقافة التعامل مع الكتاب المعرفي وكيفية تكييف المادة العلمية منهجيا مع ما يتماشى مع موضوعات الدراسة في مجال التخرج يجعل الطالب يتجه نحو الكتاب الإلكتروني للنسخ والقص واللصق رغم أنهم أخذوا مقياس المنهجية لمدة سنتين متتاليتين وهذا المقياس يتطرق لكيفية التعامل مع الاقتباسبكل أنواعه وشروطه ضف لشرح كل مراحل إنجاز المذكرات والأطروحات خطوة خطوة غير أن غياب الضمير الخلقي واللهث وراء النجاح السريع جعل الطلبة يقدمون على سلوكيات ممنوعة في الحقل العلمي. - في الفترة الراهنة شهدت عملية الإشراف معايير غير موضوعية في انتقاء الموضوعات والطلبة بل خضعت لعوامل ذاتية متعددة ومشاحنات الزملاء بينهم إذا نجد حقن الطلبة من قبل بعض الأساتذة ضد أساتذة آخرين من التخصص نفسه حتى يتهربون منهم في عملية اختيار المشرف وهذا غير لائق خاصة حين يصبح الطالب أداة وظيفية تستغل لممارسة الاضطهاد ضد زميلك في ظل غياب المنافسة الشريفة وسيادة منطق القوة والشراسة والجاه والنفوذ في تحصيل المنفعة. - خضعت عملية الإشراف إلى تحيز غير مسبوق حيث أن عملية المناقشة لا تتم بروح علمية وجرأة بحثية خدمة للجميع بل أن المشرف يختار أصدقاءه وأحبابه لعضوية المناقشة ويخضع التنقيط للعلاقة بين الطالب والمشرف والمناقشين وفي بعض الجامعات هناك طلبة يحددون نقطة مذكراتهم مسبقا خاصة أولئك الذين ينتمون للمنظمات الطلابية وعندهم مصالح مشتركة بين الإدارة والأستاذ أيضا المنظمات الطلابية باعتبارها شريكا قانونيا داخل الجامعة فإن بعضها يعيش على عرق الكادحين من النجباء وصارت لهم امتيازات وكأنهم منظمة جهاد تراعي مصالح الأجيال فعلا.. في حين أنها تساهم في بعثرة نظام الجامعة وفق مخطط تسييس الجامعة الذي تطاردنا لعنته. - مشكل آخر هو تكالب لا نظير له في عملية تأطير طلبة الدكتوراه عملية توزيع الطلبة الناجحين في مسابقة الدكتوراه لأجل التأطير لا تتم وفق شروط موضوعية ولا يراعى فيها أن هناك أستاذايشرف على 15 رسالة مثلا وآخر ليس له مهمة إشراف وهو مقبل على تحضير ملف الأستاذية يقصى بحجة أن الطالب لا يرغب فيه أو لا يعرفه مايعني أن هناك حيلة في عملية تأطير طلبة الدكتوراه أي هناك شبكة تضييق وسلب غير أخلاقي لحقوق البعض إذا هناك من ينجح مثلا من جامعة (أ) في مسابقة بجامعة (ب) نجد أن الأستاذ فلان من جامعة (أ) يرسل الطالب لصديقه وينصحه بها لا يتوقف هذا على المستوى العلمي بل هناك أطماع ربحية لاسيما أن تأطير طالب واحد من الدكتوراه يتقاضى عنه المشرف (10ملايين سنتيم) خاصة إذا تمت المناقشة في آجالها المحددة في حين تسقط منحة تأطير الماستر ضمن مردودية الأستاذ بلغة أو أخرى. ختاما إن منطق الكم والتهميش والتجارة والإفلاس هو السائد في جامعة تخدم مصالح فئة بعينها وكأنهم ورثة الجامعة بكل ما فيها وتجد لهم علاقات أخطبوطية لا تستطيع مجابهتها بالعقل ولا القلم إلا بالعزلة وهذا ما انتهى إليه المثقف أو النخبة الحقيقية التي حكم عليها في أزمنة الفساد بالموت قهرا أو النفي أو الهجرة أو السجن نتمنى أن ينقشع ضباب الظالمين ونتنفس الأخلاق في كسب العلم والمال وممارسة المعرفة. الدكتورة سامية بن فاطمة أستاذة جامعية : أهمية الإشراف على المذكرات وانعكاساتها على جودة الأبحاث العلمية إن البحث العلمي الجاد هو البحث الذي يساهم في الوصول إلى المعرفة العلمية الحقيقية وتمثل مختلف المشاريع البحثية التي يقوم بإعدادها الطلبة الجامعيون في مختلف المستويات من أجل التخرج واحدة من سبل الارتقاء بالمجتمع فقطاع التعليم العالي والبحث العلمي باعتباره آخر المراحل التعليمية والتكوينية للفرد مسؤول عن دعم سوق العمل برأس المال البشري الذي يمكنه تقديم الإضافة الإيجابية لأي قطاع ينتمي له لذلك وجب أن تكون طبيعة هذا التكوين متميزة وفعالة. في نهاية كل مرحلة من مراحل التكوين الجامعي (الليسانس أو الماستر) يتوجب على الطالب إعداد مذكرة للتخرج وهي عبارة عن بحث علمي يقوم به الطالب في مجال تخصصه خلال مدة زمنية محددة يسعى الطالب خلالها لإنجاز بحث علمي جاد يختتم به سنوات الدراسة والتكوين ويبين من خلاله قدراته الفكرية ومهاراته البحثية وخلال هذه المرحلة المهمة من التكوين يكون الطالب بحاجة إلى متابعة مستمرة من قبل أستاذ مشرف يختاره الطالب عن قناعة ووفقا لمواصفات محددة يكون له مرشدا وموجها خلال مسيرته البحثية. إن الغاية التي يرجوها قطاع التعليم العالي ليست الكم وإنما التركيز على نوعية الكفاءات التي ستعكس لنا نوعية التعليم الذي تلقاه الطالب خلال مشواره الجامعي لذلك وجب أن تكون هناك مرافقة بيداغوجية للطالب من أستاذ مشرف خاصة إذا عرفنا أن أعداد كبيرة من الطلبة في مستوى الليسانس والماستر يعتمدون في أبحاثهم على عمليات اللصق والنسخ دون أي جهد فكري يذكر مع تجردهم من روح المسؤولية الأخلاقية والعلمية في ظل تطور تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي ساعدت على ظهور ظاهرة لا أخلاقية وهي السرقة العلمية. فعملية الإشراف والتحكيم تعد مسؤولية أخلاقية وأكاديمية وعلمية تقع دون شك على عاتق الأستاذ المشرف فعليه التحلي بالنزاهة والجدية والانضباط العلمي والأخلاقي وهو مطالب ببذل مجهود أكبر في التحقيق العلمي والتدقيق فيما يتعلق بالأبحاث التي يشرف عليها حرصا منه على أصالة الأبحاث المقدمة لأن غياب الإشراف العلمي الجاد ينجر عنه غياب المنهجية السليمة وبالتالي يفتح أمام الطالب مجالا واسعا للنسخ واللصق لأبحاث علمية سابقة. ومن أجل تفعيل وإنجاح عملية الإشراف وإخراج أبحاث علمية جادة لابد أن يكون الأستاذ المشرف ملما بمختلف النواحي المعرفية الأكاديمية المتعلقة بمجال تخصصه وأن يتمتع بقيم إنسانية وأخلاقية وكذا معلومات إدارية ثم أنه تتعدد مهام الأستاذ المشرف حيث تمثل عملية تدريب الطالب على مختلف مهارات البحث العلمي ومنهجيته السليمة شرطا أساسيا للوصول إلى نتائج علمية تساعده في ذلك مهارات الاتصال الفعال بالطالب المشرف عليه نظرا لأهميتها في توجيهه وتقديم النصائح والإرشادات مع تقدير أفكار الطالب وتقبل اختلاف الرأي معه وأن يسعى الأستاذ المشرف إلى تكوين علاقات إنسانية أساسها الاحترام والثقة مع الطالب مع ضرورة تشجيعه وتحفيزه على إعداد بحث متميز. وختاما نؤكد: -أن كل مايبذله الأستاذ من جهد في أداء مهمة الإشراف سينعكس إيجابا على نفسية الطالب ويولد لديه حافزا للإنجاز يرفع من مردودية بحثه وكلما كان لدينا تهاون وغياب إشراف علمي جاد كلما تهاون الطالب في إعداد بحثه وسعى نحو السرقات العلمية. -من الضروري وضع آليات علمية وعملية لمكافحة ظاهرة السرقة العلمية في الوسط الجامعي على اعتبار أن جوهر أخلاقيات المهنة هو الأمانة العلمية مع ضرورة ترسيخ فكرة بذل الجهد الفكري والشخصي للطالب منذ دخوله أول مرحلة في الجامعة من خلال إدراج موضوع السرقة العلمية ضمن فصول برنامج المنهجية العلمية.