في مقدمتها زراعة الشمندر السكري وقصب السكر نتائج مشجعة لأصناف الزراعات الاستراتيجية بالوادي حققت تجارب الزراعات الاستراتيجية على غرار الشمندر السكري وقصب السكر التي جسدت بأقاليم فلاحية بولاية الوادي نتائج مشجعة تؤشر إلى إمكانية ازدهار هذا النوع من الأنشطة الزراعية بجنوب الوطن مما قد يسمح بالقضاء نهائيا على فاتورة استيراد مادة السكر التي بلغت سنة 2019 أزيد من 726 مليون دولار حسب الإحصائيات الرسمية لمديرية الدراسات والاستشراف بالجمارك.
ي. تيشات أبرز مهنيون ومهندسون في الفلاحة أن التجارب الناجحة في أنواع من الزراعات الاستراتيجية التي شهدتها عدة مناطق بالجنوب على غرار ولاية الوادي التي تزخر بمساحات زراعية شاسعة بمرافقة من المختصين في الفلاحة الصحراوية فرص تحقيق اكتفاء ذاتي من مادة السكر ذات الاستهلاك الواسع وهو ما سيسمح آليا بتخفيض فاتورة الاستيراد مع تأكيدهم أن زراعة 100 ألف هكتار من الشمندر السكري تضمن تحقيق حاجيات الجزائر سنويا من مادة السكر بإنتاج 2.12 مليون طن. وصرح في هذا الصدد الأستاذ أحمد علالي باحث مختص في الفلاحة الصحراوية أنه رافق تقنيا أول تجربة لزراعة الشمندر السكري بولايات الجنوب والتي جسدت بولاية الوادي في 2015 بإحدى المستثمرات الفلاحية ببلدية كوينين ثم توسعت سنتي 2016 و2017 لتشمل حقول زراعية ببلديتي قمار وحاسي خليفة مبرزا في هذا الشأن أهمية هذه الزراعة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة السكر ودورها في تقليص فاتورة الاستيراد والحد من استنزاف العملة الصعبة لافتا إلى أن هذه المبادرات الذاتية ورغم استنادها على أبحاث علمية مدروسة وتجارب حقلية تقنية لم يتم حسبه تبنيها لتعتمد نموذجا ناجعا لحركية الاقتصاد الوطني مشيرا إلى أنه ظل يواصل أبحاثه في مجال الزراعات الاستراتيجية ذات الغرض الصناعي خلال السنة المنقضية في إطار تكريس دور الباحث في التأطير العلمي للرؤية الاستشرافية للدولة فيما يتعلق بمساهمة قطاع الفلاحة في تحقيق موارد إضافية للاقتصاد الوطني.
هذه فاتورة استيراد مادة السكر وأكد في هذا الخصوص أن السلطات العليا في البلاد تولي عناية خاصة لتطوير إنتاج مادة الشمندر السكري باعتباره الزراعة الوحيدة في الجزائر التي تسمح بالقضاء نهائيا على فاتورة استيراد مادة السكر التي بلغت سنة 2019 أزيد من 726 مليون دولار حسب الإحصائيات الرسمية لمديرية الدراسات والاستشراف بالجمارك. وفي إطار تفعيل دور مؤسسات ومخابر البحث العلمي (الجامعات ومعاهد البحث التقني الزراعي التابعة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية) تم انتقاء 15 موقعا على مستوى 15 بلدية بولاية الوادي السنة الفارطة لزراعة خمسة أصناف من الشمندر السكري الذي يبدأ موسم زراعته شهر سبتمبر ويحصد بين الفترة الزمنية الممتدة من نهاية شهر مارس إلى غاية بداية شهر أفريل مؤكدا ذات الأستاذ الجامعي أن النتائج المخبرية التقنية المدروسة والتجارب الحقلية التي أجريت على هذا النوع من الخضروات الصناعية أثبتت نجاعة زراعتها بمناطق الجنوب لتوفرها على الخصائص الملائمة للزراعة وهي التربة والماء والمناخ. وذكر أن زراعة 100 ألف هكتار من الشمندر السكري بمحصول 90 طن في الهكتار الواحد (في أسوأ الظروف) يضمن تحقيق اكتفاء ذاتي وتلبية حاجيات الجزائر من السكر والسكاكر بصفة عامة فهي تسمح بإنتاج 2.12 مليون طن من السكر بنسبة سكر عالية تقدر ب23.6 بالمائة وهي أعلى بكثير من النسب العالمية التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 16 بالمائة. وقد نجحت هذه الزراعة بالأراضي ذات الملوحة العالية التي تتعدى نسبة الملوحة بها 6.4 غرام في اللتر الواحد وتتميز بتربة كلسية حيث أثبتت الدراسات المخبرية أن ملوحة الأرض وراء تحقيق النسبة العالية للسكر في محصول الشمندر السكري حسب ذات الباحث الذي أضاف أن التجارب الحقلية أثبتت أن الشمندر السكري يحقق نتائج نمو باهرة في الأراضي الزراعية المهلكة مما سيساهم في تأهيل الأراضي الزراعية (يدرج ضمن الدورة الزراعية) نظرا لدور هذه الزراعة في تنشيط التربة من الناحية البيولوجية والقضاء على أمراض التربة ويزرع وينمو بدون تسميد معدني أو عضوي أو مبيدات كيميائية وهو يضمن ربحية للفلاح وأيضا توفير منتوج بيولوجي.
منتوج استراتيجي واقتصادي للمياه وبخصوص استهلاك هذه الزراعة لذات المحصول لكميات كبيرة من المياه الجوفية يرى ذات الباحث أن هذا الطرح لا يستند إلى أسس علمية مشيرا أن زراعة هذا النوع من المنتوج الفلاحي الصناعي لا يستهلك سوى 10 آلاف متر مكعب من المياه في الهكتار الواحد بتقنية السقي بالتقطير أي أنه أقل استهلاكا للمياه من زراعة الثوم والبصل مشيرا إلى أن توزيع 10 آلاف هكتار من مساحة زراعة الشمندر السكري التي تلبي احتياجات الجزائر من مادة السكر على بلديات الوطن باعتباره ينبت في كافة مناطق الوطن ستحتاج إلى نحو 65 هكتار من الأراضي في كل بلدية ودون حاجة إلى كميات كبيرة من مياه السقي. ودائما ضمن إشكالية استهلاك مياه السقي يوضح ذات المصدر أن الشمندر السكري يضمن بعد جني الجزء الأخضر منه كميات تصل إلى 80 طن موفرا بذلك 200 حزمة علف بقيمة غذائية تنافس البرسيم مشيرا إلى أن 200 حزمة برسيم تستهلك حوالي 2000 متر مكعب من المياه علاوة على استغلال تحويل البقايا ذات القيمة العلفية العالية وهو اقتصاد للمياه بطريقة غير مباشرة. وتحمل زراعة الشمندر السكري المدرجة ضمن الزراعات الاستراتيجية مستقبلا واعدا في عالم الاستثمار الاقتصادي باعتباره مادة أولية لعدة منتوجات حيوية فهو مصدر أساسي للسكر والمولاس الذي يستخدم للصناعات الميكروبيولوجية (كحول الإيثانول وخميرة الخبز وحمض الليمون). ومن جهته أكد الأمين العام لغرفة الفلاحة المهندس أحمد عاشور أن تجربة زراعة قصب السكر حققت نجاحا ملحوظا بالمستثمرات الزراعية خلال السنة المنقضية عبر عدد من البلديات ذات الطابع الفلاحي بولاية الوادي مشيرا إلى أن أول تجربة لزراعة قصب السكر بمناطق الجنوب كانت بهذه الولاية في 2007 قبل أن تتوسع بعد ذلك من خلال تجارب فلاحية أخرى بمرافقة تقنية من مهندسين مختصين في الفلاحة الصحراوية حيث تم جلب البذور من الصعيد (مصر) وجدة (المملكة العربية السعودية) موضحا أن التركيز على تجارب هذه الزراعة الاستراتيجية يأتي تماشيا والسياسة الاستشرافية للدولة في المجال الفلاحي والتي تولي أهمية بالغة لزراعة قصب السكر بمناطق الجنوب باعتبارها ضمن الزراعات الحيوية التي من شأنها أن تساهم في تطوير حركية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.
استحداث أول مشتلة لزراعة نبتة قصب السكر وقد استحدثت أول مشتلة لزراعة نبتة قصب السكر بإقليم بلدية المقرن التي تعتبر الأولى من نوعها على المستوى الوطني وذلك نظرا لرغبة الفلاحين على الاستثمار في هذه الزراعة المعبر عنها خلال الخرجات الإرشادية التوجيهية والمرافقة التقنية لأجهزة الغرفة للتأكيد على أهميتها في إعطاء قيمة مضافة للاقتصاد الوطني مؤكدا صاحب مشروع مشتلة قصب السكر أحمد عبد الكامل بلخراز أن بداية فكرة تجسيد هذا الاستثمار الزراعي يرجع إلى سنة 2017 بناء على معلومات تقنية متوفرة أثبتت نجاعة هذه الزراعة في منطقة سوف لتأقلمها مع خصوصيات التربة والماء. وقد شجعت تلك المعطيات العلمية والتجارب الحقلية صاحب المشروع على الاستعانة بمكتب دراسات هندي مختص باعتباره الهند بلد رائد في هذه الزراعة وذلك لضمان المرافقة التقنية للمشروع واستفادة الطاقم المشرف عليه من دورات تكوينية لتطويره وأضاف ذات المصدر أن تجربة زراعة قصب السكر أثبتت نجاعة في المناطق الصحراوية نظرا لتأقلمها مع خصائص التربة والماء محققة أعلى مردود في الإنتاج بدول البحر الأبيض المتوسط المقدر ب60 قنطار في الهكتار. من جهته أكد رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي أن مشروع المشتلة من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة في عالم الاستثمار الزراعي يسمح بتأسيس اقتصاد زراعي مستقل كفيل أن يكون موردا للاقتصاد الوطني مشيرا إلى أن أجهزة ذات الهيئة الوطنية وفي إطار مهامها سطرت برنامجا لإبراز أشكال الدعم اللوجيستي والمرافقة التقنية المتمثلة أساسا في الإرشاد والتوجيه بهدف تطوير هذا النوع من الزراعات وتعميمها باعتبارها خيارا استراتيجيا لتوفير الغذاء.
المرافقة التقنية للفلاح وبدوره أبرز المهندس الفلاحي نور الدين بن أعمارة أهمية التفكير الجاد لمصالح وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بخصوص إرساء استراتيجية مدروسة كفيلة بتحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الزراعة الفتية التي حققت نتائج باهرة وذلك من خلال التوجيه الإرشادي والمرافقة التقنية للفلاح لإبراز أهمية هذه الزراعة اقتصاديا في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي في مادة السكر مؤكدا في نفس الوقت أهمية وضع خطة تقنية ترتكز على التكوين والإرشاد لإبراز الجدوى الاقتصادية من زراعة قصب السكر باعتبار أن الفلاح يستعمل أشجار قصب السكر مصدات ناجعة الرياح نظرا لكثافتها من جهة ولأنها أيضا لا تتطلب تكاليف مادية لزراعتها ومتابعتها زيادة على أنها أشجار سريعة النمو ولا تستهلك المياه فهي تسقى مرة واحدة في الأسبوع فضلا عن استغلالها مشروبا طبيعيا.