وضع آليات لمكافحته ضرورة قصوى التدخين.. وباء اجتماعي يُهدّد الصحة العمومية التدخين آفة اجتماعية وصحية معروفة منذ القدم ومما يثير العجب والاستغراب أن المدخن بكامل قواه العقلية يقدم على شراء الأمراض من الأسواق ويتباهى بتدخين السجائر الأكثر شهرة التي تمتاز بارتفاع معدل النيكوتين والقطران من جهة وارتفاع أسعارها لأنها مستوردة من الخارج من جهة أخرى فالسجائر سموم قاتلة بأيدي المدخنين باتت تهدد الصحة العمومية في المجتمعات مما يوجب دق ناقوس الخطر لمكافحتها. نسيمة خباجة التدخين وباء اجتماعي يعرض صحة المدخن إلى الهلاك ودخله الشهري إلى الإسراف وعائلته إلى الفقر والحرمان والأمراض نتيجة تعرضهم إلى دخان السجائر خصوصا الأطفال الذين يولدون بوزن اقل من الوزن المقرر مما يجعلهم أكثر عرضة للوفاة والإصابة بالأمراض إذا استمروا بالحياة عند الكبر. ذكر وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد مؤخرا تزامنا واحياء اليوم العالمي لمكافحة التدخين بأن انتشار التبغ يعد تهديدا خطيرا على الصحة العمومية وله تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة مشيرا إلى أن افة التدخين هي السبب الرئيسي لعودة انتشار الأمراض غير المتنقلة كأمراض القلب والسرطان وفي هذا الصدد قال المسؤول الأول عن القطاع إنه سيتم إدراج مكافحة التدخين كمحور استراتيجي في المخطط الوطني لمكافحة الأمراض غير المتنقلة إلى جانب إنشاء نظام للمساعدة على الإقلاع عن التدخين. ما هو التدخين؟ التدخين هو عملية يتم فيها حرق مادة والتي غالبًا ما تكون التبغ وبعدها يتم تذوق الدخان أو استنشاقه. وتتم هذه العملية في المقام الأول باعتبارها ممارسة للترويح عن النفس عن طريق استخدام المخدرات حيث يَصدر عن احتراق المادة الفعالة في المخدر مثل النيكوتين مما يجعلها متاحة للامتصاص من خلال الرئة هناك آلاف من المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا للتدخين في الوقت الراهن سواء كانت السيجارة منتجة صناعيًا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف السجائر. وهناك وسائل أخرى للتدخين تتمثل في الغليون السيجار الشيشة والبونج غليون مائي . يعد التدخين من أكثر المظاهر شيوعا لاستخدام المخدرات الترويحية. وفي الوقت الحاضر يعد تدخين التبغ من أكثر أشكال التدخين شيوعًا حيث يمارسه أكثر من مليار شخص في معظم المجتمعات البشرية. وهناك أشكال أقل شيوعًا للتدخين مثل تدخين الحشيش والأفيون. وتعتبر معظم المخدرات التي تُدخن إدمانية. وتصنف بعض المواد على أنها مخدرات صلبة مثل: الهيروين والكوكايين الصلب. وهي مواد ذات نسبة استخدام محدودة حيث أنها غير متوفرة تجاريًا. يرجع تاريخ التدخين إلى عام 5000 قبل الميلاد حيث وُجد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم. وقد لازم التدخين قديما الاحتفالات الدينية مثل تقديم القرابين للآلهة طقوس التطهير أو لتمكين الشامان والكهنة من تغيير عقولهم لأغراض التكهن والتنوير الروحي. جاء الاستكشاف والغزو الأوروبي للأمريكتين لينتشر تدخين التبغ في كل أنحاء العالم انتشارًا سريعًا. وفي مناطق مثل الهند وجنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا اندمج تدخين التبغ مع عمليات التدخين الشائعة في هذه الدول والتي يعد الحشيش أكثرها شيوعًا. أما في أوروبا فقد قدم التدخين نشاطًا اجتماعيً جديدًا وشكلًا من أشكال تعاطي المخدرات لم يكن معروفًا من قبل. اختلفت طرق فهم التدخين عبر الزمن وتباينت من مكان لآخر من حيث كونه مقدسًا أم فاحشًا راقيًا أم مبتذلًا دواءً عامًا -ترياقًا- أم خطرًا على الصحة. ففي الآونة الأخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية برز التدخين باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم. في الوقت الحاضر أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل الرئيسية المسببة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرئة النوبات القلبية ومن الممكن أن يتسبب أيضًا في حدوث عيوب خلقية. وقد أدت المخاطر الصحية المثبتة عن التدخين إلى قيام الكثير من الدول بفرض ضرائب عالية على منتجات التبغ بالإضافة إلى القيام بحملات سنوية ضد التدخين في محاولة للحد من تدخين التبغ. التدخين.. الإدمان القاتل تعد ظاهرة التدخين من أكثر الظواهر انتشاراً في هذا العصر وهي ليست ظاهرة جديدة فقد كانت السيجارة رائجة في المجتمعات القديمة خاصةً في أوروبا ولكن في القرن الواحد والعشرين انتشرت بشكل مخيف كالوباء وأصبحت السجائر تباع في كل مكان تقريباً. هناك أسباب عديدة تدفع الشخص للإقبال على ممارسة هذه العادة الضارة أهمها: تقليد الأبناء لآبائهم المدخنين فالأب يعتبر قدوة لأبنائه وهم يفعلون كما يفعل والداهم كما أن الأقران أو الأصحاب قد يكونون سبباً لممارسة هذه العادة السيئة فالأفراد يقلدون أصحابهم في أغلب التصرفات وغالباً عندما يرى الفرد صاحبه يدخن سيقوم بتقليده ومشاركته. البعض يرى وخاصة المراهقين أن التدخين صفة من صفات الرجولة ويمارس هذه العادة السيئة للفت الانتباه والبعض يعده مظهرا من مظاهر التحضر. بالإضافة لذلك يرى بعض المدخنين أن التدخين هو شكل من أشكال الترويح والتنفيس عن النفس. أضرار صحية ونفسية إن للتدخين أضرارا عديدة على صحة الإنسان فالسيجارة تحتوي على مواد سامة وخطيرة أهمها النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون. يسبب التدخين أمراض القلب والشرايين وأمراض الرئتين ويزيد من فرص الإصابة بمرض الأوعية الدموية ويزيد ضربات القلب وبالتالي تزيد فرصة الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية كما يسبب التدخين كحة شديدة وصعوبة في التنفس واصفرارا في الأسنان ويؤثر حتى على البشرة والأظافر والشعر. يصاب بعض المدخنين بالتهابات في الفم وبالإضافة لكل ما تقدم يؤثر التدخين على الجهاز الهضمي ويمكن أن يسبب قرحة بالمعدة ويسبب سرطان المعدة وغيرها الكثير من الأمراض الخطيرة التي تصيب أعضاء الجهاز الهضمي والتدخين لا يسبب سرطان المعدة فقط بل يسبب سرطانات أخرى كثيرة منها سرطان الرئة والكلية والفم. ولا تقتصر اضرار التدخين على الصحة بل تشمل جوانب كثيرة أبرزها الجانب النفسي حيث يسبب القلق والاكتئاب والتوتر على المدى الطويل وذلك على عكس ما يعتقده المدخنون بأن التدخين يساعد على التنفيس ويقلل من الضغط النفسي في بداية الأمر وفيما بعد يزيد التدخين من الضغط النفسي وأعراضه. أما من حيث الجانب الاجتماعي فإنه يضر بعائلته لأنهم يستنشقون دخان السيجارة فضلاً عن تأثر أبناء المدخن به إذ إنهم في الغالب سيقلدونه وبالإضافة لذلك قد ينفّر المدخن الناس المحيطين به وعائلته منه بسبب عدم احتمالهم لرائحة السيجارة. كما أن للتدخين أضرارا اقتصادية حيث يصرف المدخن مبالغ طائلة على السجائر ومؤخراً ارتفعت أسعار التبغ وبالتالي سينفق المدخن أكثر على السجائر وإن كان وضعه المالي ليس جيداً سيؤثر ذلك بلاشك في إنفاقه على عائلته. والتدخين ايضا مضر بالبيئة حيث يلوث الهواء بسبب دخان السيجارة المحتوي على الكثير من المواد السامة كما يتمثل في تلوث التربة بإلقاء السجائر على الأرض وقد يتسبب التدخين أيضاً بالحرائق. التدخين يقتل شخصًا كل ست ثوان يعتبر التدخين آفة العصر لأنه يقتل شخصًا كل ست ثوان ونصف ولا تنحصر مضاره السلبية على الشخص بحد ذاته بل ايضًا على المحيطين به خصوصًا على الأطفال والجنين في رحم أمه أما الاقلاع عنه لا يتم إلا بتحفيز الإرادة. تشير منظمة الصحة العالمية إلى إنّ التدخين يقتل شخصًا في مكان ما من العالم كلّ ستّ ثوان ونصف وذلك بسبب التدخين المباشر أو التدخين السلبي ووفقًا للوائح البيانية الحديثة فإن التدخين يعدّ مسؤولاً عن مقتل واحد من بين خمسة أشخاص يعانون من السرطان أو 1.4 مليون حالة وفاة في أرجاء العالم كل عام. يقول الاطباء ان التبغ يتكوّن من أكثر من 300 مادة تختلف بحسب نوع التبغ وطريقة تدخينه إذ تحوي أوراقه على عدد من مواد سامة منها النيكوتين والبيروليدين وسموم أخرى غيرمعروفة تمامًا وأشار إلى ان مخاطر التدخين تتركز في البدء على جهاز التنفس ويؤهل التدخين للإصابة بانتفاخ الرئة كما له تأثيره على القلب والأوعية كذلك يصيب الحواس والأعصاب فالمدخن عصبي المزاج يثور بسهولة وقليل القدرة على التركيز. ويحدث التدخين نقصًا في القدرة الكهربائية للدماغ كذلك هناك خطر التدخين على جهاز الهضم وخطر التدخين على الجهاز البولي والوظيفة الجنسية التناسلية بالإضافة إلى دوره في تلوث البيئة. التدخين يقتل خلايا الدماغ يقول العلماء إنهم عثروا على أول دليل مباشر على أن التدخين يتسبب في إتلاف الخلايا في الدماغ كما يمنع خلايا أخرى من إعادة إنتاج نفسها وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنّ عدد المدخنين في أفق عام 2025 سيكون 1.7 مليار شخص عبر مختلف أنحاء العالم مقابل 1.3 مليار الآن. وأظهرت دراسة طبية على مدى خمسين سنة متواصلة راقبوا خلالها شرائح متعددة من المدخنين وغير المدخنين في جميع أنحاء بريطانيا أن متوسط حياة المدخنين ينقص عمليًا بمقدار عشر سنوات مقارنة ببقية الأشخاص غير المدخنين. وبينت الدراسات أن الأشخاص الذي توقفوا عن التدخين وهم في سن الثلاثين بإمكانهم الاطمئنان بوجود فرصة لتقليل احتمال إصابتهم بالسرطان في مرحلة لاحقة من حياتهم. أما بالنسبة لأولئك الذين يتوقفون عن التدخين وهم في سن الخمسين فتفيد الدراسة بإمكانية إصابتهم بالمرض الخبيث بمستوى 50 بالمئة وبينت الدراسة الجديدة أن ظهور سرطان الرئة لن يكون فوريًا بل مع مرور السنين تزداد خطورة الاحتمالات بالإصابة. كما تبين أن تعرض الأطفال لدخان التبغ من حولهم يزيد من فرص إصابتهم عند البلوغ بنسبة 3.6 مرة أكثر ويذكر أن تعرض الأطفال للتدخين السلبي اليومي يضاعف فرص الإصابة عما هي عليها عند غيرهم من غير المتعرضين. إن مخاطر التدخين خلال فترة الحمل معروفة وموثقة وهي تتضمن معدلات وفيات أعلى للأطفال الرضع حديثي الولادة وارتفاع معدلات الالتهابات في الجهاز التنفسي إلى جانب نقص الوزن عند الولادة الأبحاث التي أجريت أخيرًا أشارت إلى ارتباط التدخين بأمراض عديدة لم تكن مدرجة من قبل على قائمة الأمراض المرتبطة بتلك العادة ذات الأثر السلبي الكبير والتي تتضمن سرطان الدم وعنق الرحم والكلى والبنكرياس والمعدة وبعض أمراض العيون وفقر الدم. وكذلك سرطان المثانة والمريء والحنجرة والرئة والفم وتتضمن قائمة الأمراض التقليدية المرتبطة بالتدخين بعض أمراض القلب والرئة وبعض المشاكل الخاصة بالإنجاب. كذلك فان تعرض غير المدخنين لدخان السجائر (التدخين السلبى) له تأثيرات مضادة فورية على جهاز القلب والأوعية الدموية ويسبب مرض الشرايين التاجية. سبل الإقلاع عن التدخين ان عادة التدخين ومن خلال دوافع نفسية واجتماعية تقوى وتتأصل بتأثير النيكوتين على الجهاز العصبي المركزي ونتيجة للترابط الفكري النفسي بين التدخين ومواقف اللذة والانفعال. فالشاب يبدأ بالتدخين بدافع التقليد أو الموضة أو التسلية ثم تصبح عادة تمتلكه وتقوى بفعل النيكوتين على الدماغ وإن الانقطاع عنه لا يسبب أي خلل وظيفي أو عضوي عدا بعض الظواهر الانفعالية النفسية أو الشعور بالضيق لعدم ممارسته لهذه العادة والتدخين يختلف عن إدمان المخدرات بأنه عادة مكتسبة ولذا فإن الانقطاع عنه يجب أن يكون بالاقتناع والإرادة لتركه ومنع عوارض التسمم المزمن. ويجب ان يكون الانقطاع تمامًا لا تدريجيًا حتى مع ظهور الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تظهر عند الانقطاع عن التدخين كسرعة التأثر التي تزول بعد اسبوعين فعلى المدخن أن يحزم أمره ويقوي إرادته ويعزم على تركه فورًا مع اقتناعه بأضراره ويمكن لمن تضعف إرادته أن يتقوى بالمجتمع على نفسه فيعلن على الملء أنه عازم على تركه وتعطي بعض العلاجات لمساعدة العاجزين عن قطع التدخين بمحض إرادتهم كاللوبيلين الذي يسبب قرفًا تجاه التدخين كما أن إعطاء فحمات الصوديوم الثنائية بمقدار 1غ يوميًا موزعة على وجبات الطعام يساعد على إنقاص عدد السجائر. للإقلاع عن التدخين توجد عدة طرق أهمها: الإقلاع عن التدخين تدريجياً ويمكن اللجوء إلى طبيب لمساعدته وإعطائه نصائح وخطوات يتبعها في سبيل التخلص من هذه العادة وقد تساعد العلكة وبعض الأدوية والأجهزة بالإقلاع عن التدخين والأهم من ذلك كله وجود الإرادة والعزيمة الحقيقية للإقلاع عن التدخين.لقد حرّم الإسلام التدخين وذلك لما يلحقه من أذى على الإنسان وربنا قد حرم كل شيء يضر بنا قال سبحانه في كتابه العزيز: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقال: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأيضاً لأن التدخين قد يكون سبباً في الوفاة قال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما . قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). وأخيراً نطرح هذا السؤال المهم: هل ستستمر أيها المدخن بعد معرفتك لكل هذه الأضرار التي يلحقها التدخين بك؟! أم هل سيُقبل غير المدخن على التدخين بعد معرفته لأضراره وموقف الإسلام منه؟!.