على هامش الحرب الروسية الأوكرانية تجنب خوض الحرب بالوكالة ترصد أخبار اليوم مقالات الكُتاب في مجالات الفكر والفلسفة والدِّين والتاريخ والاستشراف والقانون والنشر والإعلام والصحافة والتربية والتعليم والأدب والترجمة والنقد والثقافة والفن وغيرها وتنشرها تكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها ثانية بأدواتهم ولاطلاع القراء الكرام على ما تجود به العقول من فكر متوازن ذي متعة ومنفعة. دروس من الغزو الروسي لأوكرانيا أ.م. رابح لكحل 3- الموقف من الحرب عندما احتل صدام حسين الكويت في بداية تسعينيات القرن الماضي وحدث ما حدث... سارع الناس للإعلان عن مواقفهم وانقسمت الأمة إلى معسكرين متحاربين وكغيرها تخندقت القيادة الفلسطينية حينذاك (وهذا من الأخطاء الاستراتيجية القاتلة التي ارتكبتها...) معلنة تأييدها ودعمها لاحتلال الكويت وكان من النتائج المباشرة لذلك أن وجد الفلسطينيون أنفسهم وحيدين دون دعم مادي أو سياسي في مواجهة المحتل المدعوم بغرب قوي منافق بل تحول قطاع كبير من داعمي القضية الفلسطينية إلى أعداء لها (تدفعهم بلاهة سياسية من جهة وإمعانا في معاقبة القيادة الفلسطينية من جهة ثانية..) ولو لم يعلنوا ذلك... وتحت ضغط الواقع الجديد ومحيط المنظمة الفاسد (أو الخائن..) دُفع ياسر عرفات -رحمه الله-دفعا إلى إمضاء ما يعرف باتفاق أوسلو الذي أنتج لنا بعد ذلك ما يدعى بسلطة أوسلو التي من نجاحاتها الكبرى إطفاء زخم القضية وتنفيذ شوط كبير من مشروع محاولة تصفيتها... وذكرت هذه الواقعة التاريخية الفارقة توضيحا لخطر الانخراط في حرب بالوكالة وهذا بمناسبة الغزو الروسي لأوكرانيا وإصرار البعض على التخندق هنا أو هناك... فمن موقف كان يظهر صحيحا ومنطقيا (تأييد الغزو..) جلبت القيادة الفلسطينية على نفسها مصاعب كبرى (غضب وعداوات..) كانت في غنى عنها... وبالعودة إلى ذلك الوقت لنا أن نتساءل: بأي حس استراتيجي وبأي منهجية تفكير بنت منظمة التحرير موقفها من الغزو..؟ فإن كان من منطلق: 1- ففكرة التحرر ورفض المحتل كان شعارها والمبدأ لا يقبل التطفيف وكان الأولى أن تطبقه على حالة احتلال الكويت أيضا.. 2- فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..؟ فالكويت خاصة ودول الخليج عموما (والذي كان يتهددها صدام حينذاك..) معروفة بدعمها اللامحدود للقضية الفلسطينية (حتى التسعينيات أغلب المجهود المادي الذي تحتاجه المنظمة كانت توفره دول الخليج..).. 3- شرعي : فيفترض السعي للصلح بين الفئتين ومقاتلة التي تبغي ومهما ألحن الغازي بحجته فلا أعتقد وجود من يفوقه بغيا... 4- استراتيجي: الفلسطينيون لم يكونوا في وضع يسمح لهم بالتخندق مع أي جهة وحساسية موقعهم كانت تفرض عليهم الوقوف على الحياد.. ولا يفوتني هنا أن أشير إلى المستوى الراقي للسلطات الكويتية ففي الخطوة الأخيرة من حملة الخيانة وبيع القضية تحت عنوان التطبيع تناست جراحها ورفضت الانخراط في تصفية القضية بل واستمرت مع القلة الباقية في دعمها.. وهذا يحسب لها بمنطق الأخوة وبمنطق الحس الاستراتيجي العالي.. 1- روسيا أم الغرب..؟: وكما أضعنا البوصلة في التسعينيات ودفعنا ثمنا غاليا يظهر أننا لم نستفد من هذه التجربة القاسية..! وإلا فبماذا نفسر مسارعتنا (مند ظهور بوادر الغزو الروسي لأوكرانيا ثم تنفيذه وإلى اليوم..) لدعم هذا أو ذاك وانقسامنا إلى معسكرين بين مناصرة روسيا من جهة وبين مناصرة أوكرانيا والغرب من جهة أخرى... وبرزت لدينا معضلة كبرى في محاولة تحديد مع من نقف ؟.. أ- المتحمسون للغزو الروسي: يظهر أنهم الأعلى صوتا (والأكثر عددا..) لأسباب متعددة أقلها أنهم يرون في ذلك فرصة للانتقام أي رد فعل طبيعي على مظالم الغرب الجاثم على صدورنا مند الاحتلال العسكري الحديث إلى اليوم ويسوقون الحجة تلو الحجة لإثبات وجهة نظرهم كما يبالغون في وصف قوة الروس وقدرتهم على هزم الغرب كما يبالغ البعض منهم في وصف الرئيس الروسي وبناء أحلامهم بتحرير فلسطين وتوفير القمح والغذاء المجاني على غزوه.. ب- المتحمسون لأوكرانيا والغرب: هم في عمومهم المقتنعون بقوة أمريكا (وحلفائها..) التي لا تقهر..! المروجون لفكرة العالم الحر ومبادئه السامية..! المنخدعون بالصورة البراقة للغرب وإدعاءاته الكاذبة بنصرة المظلوم والانتصار للإنسان وحقوقه دون تمييز.. الحالمون بغرب عادل ينقل إليهم التكنولوجيا ويسمح لهم من الاستفادة من ثرواتهم ويدعمهم لضمان أمنهم وغذائهم... 3- وهنا أردت أن أذكر هؤلاء وأولئك ببعض المبادئ والملاحظات الأساسية: 1-.. لا يجرمنكم شنآن قومي على ألا تعدلوا..: هو الأصل في التعامل وبناء المواقف فليس من الحكمة ولا من الأخلاق الاحتفاء بتدمير بلد واحتلال شعب ألم نرفض ذلك عندما أصيب جزء منا (احتلال وتدمير فلسطين الشيشان العراقسوريا وليبيا ... والقائمة مفتوحة).. 2-الغرب منافق بطبعه وكل حركاته وسكناته تضبطها مصالحه فبوتين أو غيره يتحرك وفق استراتيجيته الخاصة لتحقيق ما يعتقده أنه من مصلحة أمته وتدميره لسوريا وتهجير شعبها ما يزال جرحه ينزف وأعتقد أن منطقهم القائم على النفاق والكيل بمكيالين واضح ومحسوم المشكل فينا عندما نتمنى (أماني العاجز) أن يتصرف على نحو آخر. 3-..أعدوا لهم ما استطعتم ..: فمن يرغب أن يسترد حقوقه أو يحلم على الأقل أن يعيش في عالم تحكمه قوى متوازنة (متعدد الأقطاب مثلا..) فعليه أن يسعى ليكون هو الأقوى (خاصة أنه يملك كل مقومات القوة والاجتماع..) فأوروبا لم تكن لتقف في وجه روسيا أو غيرها لو لم تكن مجتمعة. ولا ينتظر من عدوه أن ينصفه أو أن يسمح له بذلك.. 4-أما انتظار أن تطعمه روسيا أو غيرها من جوع فيعبر فيما يعبر عن خور وهوان ما بعده هوان فأكبر نجاحات أنظمة الاستبداد إقناعها رعاياها بنظرية .. ليس بالإمكان أفضل مما حققته.. فشل على كل الأصعدة وتبعية تامة للغرب في الغالب وللشرق في بعض الحاجات.. 5- كما نقول للمنخدعين أن الغرب عدو حضاري ولديه مشكلة في تعريف الإنسان في حد ذاته (وليس في تعريف حقوق الإنسان..) وأزمة لاجئ أوكرانيا فضحت المستور وأثبتت أن الإنسان عندهم هو الغربي بشكله ولونه...الخ أما غيره (حتى المتنورون لا ينطبق عليهم التعريف الغربي للإنسان..) فهم أدوات ووسائل تستعمل بحسب المصلحة والحاجة.. 4- كيف نتصرف..؟ 1- بدلا من استغرابنا ووقوفنا عند التنديد بالفروقات في تعامل الغرب مع مآسي أبنائه (لاجئي أوكرانيا..) ومع مآسينا (لاجئي فلسطينسورياوالعراق... وغيرهم) علينا أن نراجع أنفسنا ونعمل على الرفع من مستوانا على الأقل في تعاملنا نحن مع مآسينا... ألم يحن الوقت لمراجعة تعاملنا مع من يقاوم الاستبداد ومن يحارب الاحتلال...؟ بالسعي لدعمه وتوفير الحاضنة اللازمة له بنفس قوة وإصرار ووحدة الغرب في دعم إخوانهم الأوكرانيين..!. 2-بدلا من البكاء على حالنا أليس الأولى أن نحاول تحديد نقاط القوة لدى الغرب والتي تجعله يعمل ككتلة واحدة ضد الغازي ومن أهمها قوة المؤسسة في أنظمتهم السياسية وهي الضامنة للتحرك وفق استراتيجية مدروسة ومحسوبة النتائج وليس كحالنا الذي يخضع لمزاجية الزعيم وغطرسة حكامنا.. 3-من تزييف الوعي الناتج عن سيطرة الاستبداد إهدار الوقت والجهد في المراهنة على نتائج الأحداث دون التحضر لها أو المشاركة في صياغة بعضها وهذا لانعدام استراتيجية واضحة من جهة ولغياب بوصلة دقيقة لتحديد وفهم مصالحنا من هذا الصراع أو غيره من جهة ثانية.. حتى الأوراق القوية التي نملكها لا نحسن استغلالها أخيرا وأمام هذه الحرب التي لسنا طرفا مباشرا فيها (لأول مرة مند الحرب العالمية الثانية) علينا: -تجنب خوض حرب بالوكالة -عدم الانخداع بالدعاية الإعلامية لهذا أو ذاك فلا أحد يعرف الغرب ( أو روسيا) أكثر منا -الأولى تبني فكرة اللهم أضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين والعمل على تحقيق بعض مصالحنا خاصة في سياسات الطاقة الدولية - استغلال الفرصة للحد من التدخلات الخارجية (الحامية للاستبداد..) في سوريا وليبيا وغيرها.. -الحد من تغول الاحتلال الإسرائيلي بالحد من الدعم الغربي (أو الروسي ) اللامشروط له... === أوروبا في طريقها للتطبيع مع بوتين بقلم: حازم عياد وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلباً إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمساعدة أوروبا في استبدال النفط والغاز الروسيين خلال مأدبة عشاء فردية جمعتهما في القصر الرئاسي بباريس مساء الخميس الموافق 29 جويلية. الجواب على الطلب الفرنسي لم يتأخر إذ جاء في صيغة اجتماع ضم كلاً من نائب رئيس الحكومة الروسية ألكسندر نوفاك ووزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أُعلن فيه أن كلاً من روسيا والمملكة العربية السعودية ملتزمتان بشدة بأهداف إنتاج النفط الخام التي يتم تحديدها من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك+) فالطلب الفرنسي للرياض يتطلب مأدبة عشاء مماثلة مع بوتين. فلقاء الأمير عبدالعزيز مع نوفاك أكد الحاجة لموافقة روسية إذ استبق اجتماع أوبك+ المقرر عقده يوم الأربعاء القادم الموافق 3 أغسطس حيث ستنظر المجموعة (أوبك+) في إمكانية زيادة إنتاجها من النفط في ظل تقييم الأوضاع الحالية للسوق. خيبات الأمل الأوروبية ومن قبلها الأمريكية بإمكانية خفض أسعار النفط عبر زيادة لإنتاج وإمدادات الطاقة بشرت أوروبا بشتاء قاس يظلله التضخم والركود وخسارة مرتقبة للحزب الديموقراطي للأغلبية بمجلس النواب الأمريكي مهدداً بعودة العلاقة الاوروبية الامريكية الى نقطة الصفر التي بدأت منها عشية خسارة الرئيس ترامب لمنصب الرئاسة وخسارة الجمهوريين للأغلبية في مجلس النواب. ظلمات من فوقها ظلمات دفعت مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لكتابة مقال نشرت في صحيفة الفاينانشال تايمز قال فيها إن الوقت قد حان لتوقيع اتفاق نووي مع إيران مقدما الكثير من المبررات والمنافع لدرجة أنه لم يبقَ أمامه إلا أن يذكر الفوائد المتحققة من الاتفاق النووي مع إيران على البيئة وثقب الأوزون. الأمر لم يقتصر على مفوض الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي إذ أفادت مجلة دير شبيغل الالمانية بأن المستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرودر وصل إلى موسكو الثلاثاء الفائت ووفقا للمصادر فإن الموضوع الرئيسي للمفاوضات في العاصمة الروسية إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب السيل الشمالي-1 (خط أنابيب من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق). صحيفة ويست فرانس الفرنسية من جهتها نقلت يوم الأحد الموافق 10 جويلية تحذير وزير المالية الفرنسي برونو لوماير من تداعيات أزمة الطاقة على الفرنسيين خلال الشتاء القادم بقوله: إننا أمام خيارات معقدة فنحن لا يمكننا الاستمرار في تدفئة أنفسنا والتنقل كما لو أن شيئا لم يحدث مؤكداً خلال مؤتمر صحفي بمناسبة الاجتماعات الاقتصادية في إكس إن بروفانس أنه تم وضع الموازنة العامة في حالة تأهب بعد أن تسبب الضغط على الطاقة في زيادة عبء الديون بقيمة 12 مليار يورو . أوروبا في حالة يرثى لها لكن الغرور والكبرياء يمنعها من الاعتراف بذلك علما بأنه يدفعها لفعل ذلك سراً فاستقالة ماريو دراغي رئيس وزراء إيطاليا وما تبعها من اتهامات لليمين الإيطالي بالتعاون مع روسيا للإطاحة برئيس الوزراء واتهامات دول الاتحاد لرئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان بخيانتها واتهامها إياه بالاستعداد لاتخاذ الخطوات الأولى نحو تطبيع العلاقات مع روسيا بعد مناشدته الرئيس الروسي بوتين زيادة امدادات الطاقة لبلاده واستئنافه العمل بمشروع بناء محطة نووية مستعينا بشركة روس اتوم الروسية وضع أوروبا على شفير الانقسام والانهيار بين مؤيد ومعارض للتطبيع مع موسكو سواء على مستوى الدول كهنغاريا أو الاحزاب السياسية كما هو الحال في إيطاليا. ختاماً.. هل يشهد الشتاء المقبل زيارة قادة ورؤساء أوروبا لموسكو للقاء فلاديمير بوتين تكفيرا عن مشهد زياراتهم لفلودومير زيلنسيكي في كييف؟ أم أن ذلك لا زال بعيد المنال؟ سؤال أجابت عنه تصريحات مفوض السياسة الخارجية الأوروبية بوريل حول إيران والتحركات الفرنسية تجاه السعودية وتحركات ألمانياوهنغاريا نحو موسكو تحركات تؤكد أن أوروبا صنعت درجات السلم اللازمة استعدادا للنزول عن الشجرة.