بقلم: محمد سلامة أبدت إيران ليونة غير متوقعة في ردها على المقترحات الأوروبية بشأن ملفها النووي معلنة تنازلها عن إزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب الأمريكية ومتناغمة إلى حد التوافق مع مسودة مقترحاتها مما حدا بمفوضية الإتحاد الاوروبي إلى وصف ردها بالبناء لكن هذه الليونة كيف ينظر إليها في واشنطن وتل أبيب؟!. إسرائيل تفاجأت بالليونة الإيرانية وأعلنت رفضها أي إتفاق يزيل العقوبات الغربية عن إيران ولهذا فإن رئيس حكومتها يائير لابيد طار إلى ألمانيا للقاء مستشارها واعلامه بالرفض للمقترحات الإيرانية ومن ثم سيسافر إلى واشنطن لحث إدارة بايدن على رفض المقترحات الإيرانية وفي إدارة البيت الأبيض ووفق تسريبات صحفية فإن خلافات حادة بين أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي وأن الخلافات دفعت بالرئيس بايدن إلى التشدد والاتصال مع كل من المستشار الألماني ورئيس وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي وأن اتهام إيران بزعزعة الاستقرار الإقليمي كان اللغة المشتركة للدول الأربعة وطبعا عدا روسيا والصين. الليونة الإيرانية احدثت شرخا في المواقف الأوروبية وفي واشنطن ففي تسريبات الصحافة والتقارير الغربية ما يؤكد أن مقترحات إيران متوافقة إلى حد كبير مع النص الأوروبي وأن فكرة استدراج إيران خدعة منسوخة فشلت وأن ليونتها سوف تمزق المواقف الأوروبية وخاصة بين ألمانيا وفرنسا الراغبتين بالاتفاق فيما بريطانيا وحدها تشاطر الولاياتالمتحدة موقفها وفي إدارة بايدن من يدعو صراحة إلى تبني المقترحات الإيرانية وعدم السماع لموقف إسرائيل فيما التشدد يأتي ممن يخشون خسارة الحزب الديمقراطي لمقاعد هامة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة في تشرين الأول المقبل ويطالبون بضرورة تقديم إيران تنازلات أخرى في ملفات إقليمية منها ملف الصواريخ ودورها الإقليمي وما إلى ذلك وبعبارة أخرى العودة إلى مطالب إدارة ترمب. إسرائيل وحدها ترفض رفضا قاطعا العودة إلى إتفاق 2015م (خطة العمل الشاملة) وترفض رفع العقوبات الغربية والامريكية عن إيران وترى أنها تشكل تهديدا خطيرا على أمنها القومي وأمن ومصالح الاوروبين والامريكين وأن الاتفاق سوف يمنحها فرصة التغلغل بالاقليم وتقوية اقتصادها ولا ترى غير العمل العسكري وتدمير منشاتها النووية واضعافها ومن ثم تغيير نظامها السياسي واستبداله بنظام موال للغرب. (16)جولة من المفاوضات في فيينا إنتهت إلى رزمة المقترحات الأوروبية والرد الإيراني وفكرة العمل العسكري ضد إيران في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا وازمة تايوان بين أمريكا والصين غير واردة ويمكننا القول أن الليونة الإيرانية محسوبة بعناية واوقعت خصومها في دوامة من الخلافات وأن الرفض من واشنطن وعواصم أوروبية هو إدانة لمواقفهم السياسية من إيران وقبولهم يعني عودة إيران بكامل صورتها الحاضرة بملفات الإقليم والاعتراف بدورها السياسي ونفوذها الإقليمي.