** كيف لنا أن نتعرف على ليلة القدر وكيف يكون إحياء هذه الليلة العظيمة؛ أفي الصلاة أم بقراءة القرآن وجزاكم الله خيرا؟ * يجيب الدكتور محمد سعدي عن هذا السؤال بالقول: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ورد الفضل العظيم والثواب الجزيل على قيام ليلة القدر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.. ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه. وهي ليلة مباركة اختارها الله عز وجل لكي ينزل وحيه فيها على نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: “حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ” فقد أقسم الله تعالى هنا بكتابه، وبيَّن أنه أنزله في ليلة مباركة، وجاءت كلمة ليلة منكرة للتعظيم من قدرها، كما وصفت بأنها ليلة مباركة. وليلة القدر علامات ولها عمل يقوم به المسلم لكي يتحصل على ثوابها، فمن علامات ليلة القدر كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: “هي في العشر الأواخر من رمضان” وتكون في الوتر منها، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين. ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: “لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى” فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليال الإشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح، وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي كالتاريخ الماضي، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تحروها في العشر الأواخر” وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، فقيل له: بأي شيء علمت ذلك؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله “أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطشت لا شعاع لها”. فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث، وقد روي في علاماتها: “أنها ليلة بلجة منيرة” وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد، وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر. ا.ه. أما عن عمل المسلم في هذه الليلة المباركة فهو خير من عمله في ألف شهر، وقد أخفاها الله تعالى كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وكما أخفى اسمه الأعظم لكي يجتهد المسلم في العمل ولكي يرغِّب ويحث على التماسها وتحريها، وهي في أوتار العشر الأواخر، والمسلم يحيها بالذكر والدعاء والصلاة والقيام وقراءة القرآن. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية “بتصرف”: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر". ولأحمد ومسلم: "كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها". ثانيًا: حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثًا: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".