كثيرون هم الأطفال، والذي لا تفوق سنهم العاشرة او الثانية عشرة سنة ولكنهم، مع ذلك يتنقلون بين المدن والأحياء بمنتهى الحرية، دون أن يراقبهم احد، او ينهاهم آخر، في غياب لدور الأولياء المسئولين عنهم، والذين لا يبحثون عنهم، ولا يسالون عما إذا كان أصابهم مكروه أم لا، ونجد هؤلاء الأطفال يتنقلون لمسافات طويلة، مشيا على الأقدام تارة، وفي الحافلات تارة أخرى، ولأتفه الأسباب، منها البحث عن قاعة العاب، او لأداء مباراة في كرة القدم، او لأي سبب آخر، لكن الخطر الذي قد يتعرضون له وهو يتنقلون لوحدهم بين الشوارع التي لا يعرفونها قد يكون اكبر من سنهم، وهو ما وقع للكثير من الأطفال، من خطف واستغلال جنسي او حتى سرقة، يتعرضون لها يوميا من طرف بعض المنحرفين الشواذ الذين يتربصون بهم، وخاصة بهؤلاء الذين يبعدون عن بيوتهم، سألنا طفلا كان في حي بوزريعة ليلة العيد عن مسكنه،وهو الذي كان لوحده في ساعة متأخرة، فأجاب الطفل انه جاء لكي يلتقي بصديق آخر له ويذهبا إلى قاعة العاب، وعندما سألناه عن صديقه ذلك قال انه التقاه عبر الانترنيت، وانه اخبره أن هناك قاعة انترنيت فيها كل الألعاب التي يحلم بها الأطفال، وانه جاؤوا لأجل ذلك، وعما إذا كان والده يعلم بتنقله أجاب الطفل بالحرف أن والده لا يهتم لشانهن ولا يسأله ولا شيء. الظاهرة تتكرر مع كثير من الأطفال، مثل طفلين التقينا بهما في محطة الترامويا في برج الكيفان، كانا في العاشرة، ولم يكن يبدو من مظهرهما أنهما متسولين، او شيئا من هذا، وهو ما جعلنا نسألهما عن وجهتهما فقال لنا سفيان انه جاء لكي يزور بحر برج الكيفان في هذه الحرارة، ورغم انه يسكن باب الواد، حيث يوجد أكثر من شاطئ، إلاّ أنّ سفيان قال أن له صديقا يخبره دائما انه أتى ما عائلته إلى هذا البحر وأمضى يوما رائعا، وان شواطئ باب الواد لا يمكن أن نقارنها بشواطئ غيرها من المدن الساحلية. إنّ مثل هذه المظاهر لا بد أن يتفطن لها الأولياء، والذين يتركون أمر تربية أولادهم إلى الشارع، وهو أمر خطا لا يؤدي إلا إلى الضياع او إلى حوادث أليمة قد يتعرض لها هؤلاء الأطفال، وعادة ما يتفطن المجتمع على حوادث اغتصاب أو سرقة ويكون الوقت قد تأخر عندما يدرك الأولياء أنهم يتحملون من جزء من المسؤولية، خاصة البعض منهم ممن يعتقدون أن منح الطفل الحرية يجعله يكبر بشكل يجعله رجلا كاملا، لا يحتاج إلى غيره، ولا حتى إلى أولياءه في حياته مستقبلا، وهو أمر يعتقدونه يسيرا إلى أن يحدث المحظور.