دخلت احتجاجات سكان حي ديار الشمس أمس يومها الثالث على التوالي بعد أن توعّد شبّان الحي الثائرون بعدم توقيف الاحتجاج إلاّ بعد تغيير وجهة الترحيل، في حين تمسّكت ولاية الجزائر بترحيل السكان إلى نفس الوجهة، الأمر الذي زاد من غيظ الشبّان بعد أن رأوا في ذلك إجحافا لحقوقهم وعائلاتهم· تواصلت اشتباكات السكان الغاضبة مع عناصر الأمن ليلة أمس في الجهة السفلى من الحي، وبالتحديد على مستوى الطريق المؤدّي إلى منطقة بئر مراد رايس وهي النّاحية التي تشهد شللا تامّا في هذه الآونة بعد قطع الطريق من هناك، ممّا عطّل مشاغل المواطنين وأجبرهم على استبدال الوجهات، سيّما وأن المنطقة المقطوعة تشهد حيوية وتشتمل على مراكز عمومية على غرار البنوك إلى جانب محطّة ثانوية للنّقل التي شلّت هي الأخرى، فلا ذهاب ولا إيّاب، ممّا أجبر الكلّ على قطع المسافة مترجّلين إلى ناحية بئر مراد رايس التي تعتبر نقطة النّهاية بالنّسبة للحافلات المتوجّهة إلى منطقة الرّويسو منذ بدء الأزمة. فالوضع ككلّ في الحي يندر بكارثة حقيقية بعد غلق كلّ منافذ الحي الرئيسية بحواجز حديدية وأغراض مهملة، ممّا أدّى إلى تراكم الزبالة منذ بدء الاحتجاجات، والغرض من ذلك هو منع توافد شاحنات حمل العتاد وإلغاء عملية الترحيل التي كانت مقرّرة يوم الاثنين الفارط، الأمر الذي انقلب بالسلب وأعاق شاحنات أخرى عن العبور على غرار شاحنات (ناتكوم) وشاحنات الحليب ومختلف المواد الغذائية الأخرى المناط بها مهمّة تزويد الحي بالمواد الضرورية· وهي أمور حوّلت حياة سكان الحي إلى جحيم وجعلتهم يعيشون في عزلة عن العالم الخارجي، ناهيك عن الضغوطات النّفسية التي يعيشها أغلب السكان، سيّما المسنّون بسبب المرحلة العصيبة التي يمرّ بها الحي. وهي الوضعية التي دفعت ببعض الأسر إلى اتّخاذ قرار تأييد الترحيل مع ضمان الحماية، في ظلّ تعنّت السلطات المحلّية وتمسّكها بنفس الوجهة بمنطقة أولاد منديل ببئر التوتة، فيما امتنع الأغلبية عن ذلك بسبب بعد الوجهة وانعزالها والخوف من عدم التأقلم مع ظروف المعيشة هناك بعد السكن لسنوات طوال بناحية تقع وسط البلاد بالقرب من كافّة المرافق الحيوية· تجدر الإشارة إلى أن تعليق عملية الترحيل بحي ديار الشمس انقلب سلبا على الأنحاء المجاورة التي تمسّها عملية الترحيل في هذه المرّة خوفا من حدوث انزلاقات بعد الشروع فيها، على غرار حي ديار الباهية الذي ما زال تاريخ ترحيلها معلّقا، ممّا أدّى بسكانها إلى انتظار وترصّد الخبر على أحرّ من الجمر لانتشالهم من تلك الأقفاص، وحسب ما تداول من أخبار فإن وجهة ترحيلهم هي منطقة عين المالحة بعين النّعجة، وكذلك الأمر بالنّسبة لسكان حي ديار المحصول الذين تشتمل سكناتهم على غرفة واحدة، والذين أجّلت هم الآخرين عملية ترحيلهم. وفي ظلّ هذا وذاك يطالب سكان حي ديار الشمس بإيجاد حلّ نهائي لمأساتهم، سيّما وأنهم يعيشون وإلى حدّ كتابة هذه السطور ظروفا عصيبة أشبه بكثير بحرب أهلية مصغّرة بدليل انتشار الحجارة هنا وهناك وإغلاق منافذ الحي، ما زاد حالتهم سوءا وهم الذين كانوا ينتظرون البشرى والفرج بترحيلهم إلى سكنات لائقة، إلاّ أن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب وغابت عنهم فرحة الترحيل وانقلبت إلى ضغوطات نفسية وتوتّر وبكاء وخوف على أبنائهم وأرواحهم وممتلكاتهم·