مع اقتراب شهر رمضان الفضيل الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا أسابيع قليلة، فإن كثيرا من العائلات الجزائرية قد بدأت بالفعل في التحضير له، من خلال الاستعداد لعمليات التنظيف الكاملة وإعادة طلاء المنازل وغسل جميع الأفرشة والزرابي، وكذا شراء بعض القطع من الأواني الجديدة، وكذا اقتناء بعض المستلزمات الخاصة بأطباق رمضان، من الفريك والتوابل، وغيرها من المواد الغذائية الأخرى. ولأن اللحم يُعتبر في رمضان عنصرا أساسيا على المائدة الجزائرية، بحيث لا تتمكن الكثير من العائلات من الاستغناء عنه وهي التي تستغني عنه طيلة أيام السنة تقريبا، فإن التفكير في كيفية توفيره خلال شهر رمضان الكريم، يعتبر هاجسا بالنسبة لعدد كبير من العائلات الجزائرية، التي تنقسم بين المؤيدة للحم الطازج، وبين المستسلمة للحم المجمد، وبين المكتفية باللحوم البيضاء، وبين التي لا تملك غير التحسر والتمني والاتجاه إلى بعض المنكهات والأذواق التي تستعين بها في إضفاء نوع من النكهة على أطباقها. وفي ظل الأخبار الكثير المتداولة بشأن إمكانية بقاء أسعار اللحوم الحمراء على ما هي عليها، أو بلوغها مستويات أعلى خلال الشهر الفضيل مثلما يحدث كل عام، وكذا أخبار اللجوء إلى استيراد اللحوم الحمراء من بعض الدول العربية الشقيقة، ما يجعلها متوفرة بأسعار معقولة، فإن المواطن الجزائري يبقي حائرا أمام كل ذلك، يقلب وجهه في كل اتجاه عله يقف على رأي يساعده ويزيح عنه هذا العبء، ويسمح له بالصيام والقيام في أجواء مريحة، وإن كانت نسبة كبيرة من الجزائريين تنتظر شهر رمضان الكريم لتمضيه في الطاعات وفعل الخيرات والتقرب لله عز وجل، فإن ذلك لا ينفي أنها أيضا تنتظر عددا لا بأس به من الأطباق التقليدية والشهية التي لا يعرفها الكثير منها إلا في رمضان. وتبدو أسعار لحوم الديك الرومي ككل سنة أرحم على جيوب الأسر الجزائرية من باقي أسعار اللحوم الأخرى الحمراء وحتى البيضاء، كما أن كثيراً من الأسر تفضل اقتناء ديك رومي كامل لشهر رمضان الكريم، يكون وزنه ما بين 9 إلى 12 أو 14 كيلوغراما وسعره ما بين 2600 إلى 3500 دج، على إنفاق مبالغ أكبر في اقتناء اللحوم بشكل يومي. وفي هذا السياق تقول إحدى السيدات إنها دأبت على اقتناء ديك رومي كامل كل سنة قبيل شهر رمضان الكريم وتخصص دائما حوالي 4000 دج لهذا الغرض، حيث تقوم بتنظيفه وتقطيعه وتقسيمه وتخص كل قسم منه لأطباق معينة، لإعداد الشربة والأطباق التقليدية كطاجين الزيتون والبوراك والدولمة والقلي وغيرها، وغالبا ما تكون أطباقه لذيذة وخفيفة على المعدة، وهو الأمر الذي تقول إنه ساعدها كثيرا، وقد ألفت أسرتها طعمه، فلا تضطر إلى إنفاق الكثير من الأموال لأجل شراء اللحوم كل يوم، ولا تحرم عائلتها من مذاق اللحم في الأطباق اليومية طيلة الشهر الفضيل، أما عن اللحوم الحمراء فلا تقتني منها إلا كمية قليلة فقط لتحضير الشربة بها من حين إلى آخر كون الشربة وباعتبارها الطبق الرئيسي طيلة شهر رمضان تكون ألذ وأشهى إن كانت محضرة بلحم الخروف دون شك. أما عن الأماكن التي تقتني منها الديك الرومي عادة، فقالت إنها تقصد منطقة بنواحي الرويبة بالعاصمة، حيث تنتشر هناك محلات بيع الديك الرومي أو تقصد مقطع خير بالقليعة، الذي يعتبر سوقا مشهورا جدا في هذا المجال، وتتراوح أسعار الديك الرومي غالبا ما بين 280 إلى 380 دج، ولكنها تعتبر ملاذا بالنسبة للكثير من العائلات الجزائرية خلال شهر رمضان، هذا بانتظار أن يأتينا رمضان هذه السنة، بأمور أفضل وأرحم، لاسيما مع الإجراءات والتدابير التي وعدت الجهات المعنية باتخاذها لأجل الحد من الارتفاع الفاحش للأسعار وعمليات المضاربة التي يكون ضحيتها الوحيد هو المواطن البسيط ولا أحد غيره.