29 سنة على رحيل الشيخ محمد الغزالي في ذكرى وفاة أديب الدعاة إن متّ ها هنا.. ادفنوني في البقيع ! * أبو اسماعيل خليفة ترجَّل الفارس المعلم في مثل هذه الأيام (9 مارس 1996م) وطوى العلم المنشور وسكت لسان ظلَّ يجلجل ويدوِّي خلال ستين عاما بالدعوة إلى الله يحشد الناس ألوفا ألوفا في ساحته ويجمعهم صفوفا صفوفا علي دعوته. قبل تسع وعشرين سنة التحق بالرفيق الأعلى إلى جوار ربّه ذلكم القلب النوراني الذي عاش في سناه عارفوه الذين أسعدهم الله بالاقتراب منه والأنس الذي كان يفضي من هذا القلب الكبير. قال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمه الله: أخى الشيخ محمد الغزالي هو فارس كل ميدان كلمه يقرأ ويعجب ولسانه يتكلّم فيطرب وسلوكه أُسوة يعلّم الناس ما التزم به . في مثل هذا اليوم مات الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وهو في قلب المعركة لم يُلقِ السلاح لقد عاش حياته كلَّها حرَّ الفكر والضمير حرَّ القلم واللسان لم يعبِّد نفسه لأحد إلا لربِّه الذي خلقه فسواه لم يبع ضميره ولا قلمه لمخلوق كان. لقد كان يتمثَّل بالشافعي رضي الله عنه وهو يقول: أنا إن عشت لست أعدم قوتا * وإذا مت لست أعدم قبرا! همتي همة الملوك ونفسي * نفس حر ترى المذلة كفرا! لقد ظل الشيخ يتمنى ويدعو ان ينال الموت فى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما سمعه تلامذته وعائلته يدعو بذلك يستغربون ويقولون هذا دعاء صعب المنال فما تدرى نفس بأى أرض تموت . وشاء الله وتمّ دعوة الشيخ إلى مؤتمر اسلامي فى الرياض عام 1996 وأثناء المؤتمر انفعل واخذ يدافع عن موقفه من السنة وحبه لها حتى أصيب بذبحة صدرية وكانت آخر كلماته: نريد أن نعلو لا إله الا الله ثم خر ميتا. وفي جيبه رحمه الله وجدوا انه كتب: إن مت ها هنا فلا تعيدوني إلى مصر وادفنوني في البقيع !. وبكى تلاميذ الشيخ لمعرفتهم بدعائه من قبل أن يدفن في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. وبأمر من الأمير عبد الله بن عبدالعزيز ولى العهد السعودي- وقتها- وبفتوى من الشيخ ابن باز نقل جثمانه إلى المدينةالمنورة ودفن بمقبرة البقيع بين قبرى نافع مولى عبدالله بن عمر ترجمان القرآن وقبرالامام مالك ابن انس رحمه الله ورضي عن أهل البقيع أجمعين. اللهم جدّد عليه الرحمات واجزه خير ما تجزي به الأئمة الصادقين واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأجرنا في مصيبتنا فيه واخلفنا فيه خيرا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..