مرة أخرى يجد ملايين التلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية أنفسهم رهينة بين أيدي أساتذتهم ومعلّميهم، أو بالأحرى بين أيدي نقابات الأساتذة والمعلّمين الذين أصرّوا على تنظيم الإضراب الذي أعلنوا عنه رغم استفادتهم من زيادات جديدة في أجورهم جعلتهم أبرز قطاع مستفيد من زيادات في الأجور رفقة قطاع الصحّة في السنوات الأخيرة• نقابات عمّال التربية تقول إن رفع الأجور ليس المطلب الوحيد وتشدّد على أنها لن تتوقّف عن احتجاجاتها حتى تتوقّف الوصاية عن التماطل في الردّ على مطالبها والاستجابة لها، ووزارة التربية ترى أن بعض مطالب تلك النّقابات مشروع لكنه لا يخوّل الأساتذة والمعلّمين الحقّ في الإضراب ورهن المستقبل الدراسي لنحو ثمانية ملايين تلميذ• وبين كلام النّقابات وكلام الوزارة هوّة سحيقة يضيع فيها تلاميذ، يشعر أغلبهم بالسعادة لإضراب مدرّسيه لأنه يرى في الإضراب فرصة للرّاحة، ويشعر بأنه أكبر مستفيد من الإضراب على الرغم من أن الأولياء يؤكّدون لأبنائهم التلاميذ أنهم ضحايا لهذا الإضراب، وأن مستقبلهم الدراسي برمّته عرضة للخطر بسبب إصرار عمّال قطاع التربية على الإضراب• ولو تحدّثت مع بعض التلاميذ فسيقنعونك بأنهم فعلا المستفيد الأكبر من إضراب الأساتذة والمعلّمين، أوّلا لأنهم يحصلون على بضعة أيّام إضافية من الرّاحة وثانيا لأنهم يحصلون على فرص إضافية (للتألّق الدراسي) على اعتبار أن الإضراب يعني تقليص البرنامج الموسمي، ويعني أيضا تحديد عتبة للدروس المعنية بالامتحانات، وقد ارتبطت الإضرابات في أذهان التلاميذ بتسجيل نسب نجاح عالية في امتحانات نهاية الموسم• وفي النّهاية قد يحقّق الأساتذة والمعلّمون المضربون مطالبهم وقد لا يحقّقون شيئا، وقد تخصم الوزارة أجر أيّام الإضراب من مرتباتهم وقد لا تفعل، لكن سيحصل التلاميذ على أيّام راحة إضافية وعلى فرص إضافية للنّجاح، فلا تلوموهم إذا استقبلوا إضرابات الأساتذة بإقامة الأفراح.