دعا وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أمس الأوّل الدول المشاركة في اجتماع اللّجنة الوزارية للتعاون العربي- الإفريقي المنعقد بالقاهرة إلى ضرورة تفعيل مجال التعاون والاستثمار في مجال الطاقة البشرية والأمن الغذائي وكذا التكوين والتجارة، على أن يتجاوز كلّ طرف التعاون السائد في القديم وتحويله إلى تعاون جهوي إقليمي يشمل العديد من الدول الإفريقية والعربية. وقال السيّد مدلسي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية إن الجزائر عملت دوما كطرف عربي وإفريقي وتمتلك تجربة كبيرة في التعاون مع الفضاءين، حيث خلقت مباشرة بعد الاستقلال ظروفا ملائمة لتجسيد هذا التعاون من خلال فتح معاهدها وجامعاتها أمام الطلبة الأفارقة. وأبرز في هذا الصدد أهمّية التعاون في مجال التكوين، معتبرا أن الاستثمار في الطاقة البشرية هو ركيزة رئيسية بالنّسبة للتعاون المنشود ولا يقلّ أهمّية عن الرّكائز الأخرى كالأمن الغذائي والزراعة وغيرها، وأن مسعى الدول العربية والإفريقية هو تجاوز الصبغة للتعاون التي كانت سائدة منذ زمن إلى تعاون جهوي إقليمي يشمل العديد من الدول الإفريقية والعربية، مضيفا أن تحقيق هذا المسعى يستلزم اعتماد منهجية تقوم على آليات من خلال القرارات السياسية المتّخذة على مستوى قادة الدول خلال القمّة التي تجتمع كلّ ثلاث سنوات، ثمّ وزراء خارجية الدول المعنية الذي تكون لهم فرص عديدة في السنة للتشاور وتقييم تنفيذ البرامج ورفع مشاريع واقتراحات إلى الرؤساء. وقال الوزير إن اجتماع اليوم للّجنة الوزارية الدائمة للتعاون العربي - الإفريقي هو اجتماع ما قبل الأخير لتحضير القمّة الثانية العربية - الإفريقية المزمع عقدها في أكتوبر في ليبيا. وقد سمح هذا الاجتماع - كما قال - بالاطّلاع على مشروع جدول أعمال القمّة الذي تمّ الاتّفاق عليه مبدئيا، كما تمّ الاتّفاق مبدئيا على وثيقة الخطّة الاستراتيجية العربية - الإفريقية. وأشار الوزير إلى أنه يجب أن تكون هذه الوثيقة مرفوقة بوثائق إضافية تفصيلة لهذا التعاون الاستراتيجي وفق الأهداف المسطّرة، والتي هي حيّز الإعداد والتحضير وتتعلّق بالأمن الغذائي والزراعة وحرّية التجارة والثروة البشرية وغيرها، وأضاف أن الوزراء سيعملون أيضا على إعداد مشروع البيان السياسي الذي ستخرج به القمّة. وفي حديثه عن أوجه التعاون العربي - الإفريقي، تطرّق السيّد مدلسي إلى الثروة الطبيعية التي تزخر بها القارّة الإفريقية، والتي لم تستغلّ بشكل أفضل بسبب ضعف الإمكانيات المادية والمالية وشبكات التوزيع، مضيفا أن الدول العربية على سبيل المثال تملك إمكانيات معتبرة وخبرة بإمكان استثمارها في استغلال هذه الثروة بشكل أحسن، مؤكّدا أن الدول العربية والإفريقية لها من الإرادة والإمكانيات والظروف الملائمة ما يمكّنها من الإسهام في إقامة شراكة حقيقية قريبة من احتياجات المواطن العربي والإفريقي في المجالات الاقتصادية والتكوين والرياضة وغيرها، وذلك في إطار نظرة شاملة يعتمدها أعضاء هذا الفضاء الجديد العربي - الإفريقي من بينهم الجزائر. وأضاف مدلسي أن الانطلاقة الجديدة للاقتصاد بين الجانبين تكون على أسس عقلانية تبدأ بالإطار القانوني والتنظيمي، ثمّ تحديد الأولويات القائمة على التكامل الحقيقي والظروف المالية والتكنولوجية التي يمكن توفيرها لإنجاز مشاريع لفائدة الفضائيين العربي والإفريقي. وأوضح الوزير أن الشراكة العربية - الإفريقية ستثمر على المديين المتوسّط والبعيد، حيث أن الفترة بين القمّتين الثانية والثالثة وهي ثلاث سنوات يكون الاهتمام خلالها ببناء وتنظيم الأرضية الشاملة لهذا التعاون لخلق الظروف التي تسهّل العمل للمستثمرين، ومن بين النّقاط التي اعتبرها هامّة لتجسيد تعاون وشراكة حقيقية مسألة تبادل المعلومات. من جهة أخرى، أشار الوزير إلى المنتدى رفيع المستوى حول الاستثمار والتجارة في المنطقتين العربية والإفريقية، والذي سيسمح للكثير من الدول من بينها الجزائر لعرض تجربتها في مجال الاستثمار والتنمية الشاملة وتبادل الخبرات واكتشاف الفضاءات التكاملية، مضيفا أن هذا المنتدى هو بمثابة وقفة تقييمية وتحليلية للتجارب العربية - الإفريقية تسمح لنا بإنارة المستقبل والخطّة الاستراتيجية للتعاون والشراكة العربية - الإفريقية، معلنا أنه سيقام أيضا معرض للوثائق لإبراز إمكانيات الدول العربية والإفريقية والتجارب والتعاون الثنائي وما هو موجود حاليا.