سميرة صحراوي ابنة بونة عنابة عروس البحر الأبيض المتوسط خريجة المعهد الوطني للفنون الدرامية بباتنة عملت لعشر سنوات بمسرح الطفل، شاركت في العديد من الأعمال والمسلسلات التلفزيونية في الجزائر منها مفترق الطرق، ليالي بيضاء، أخ، حلام وكلام، اشتهرت بزوجة جحا، حتى الأطفال عندما شاهدوها في دار الثقافة علي اسوايعي كانوا ينادونها بزوجة جحا، تمت استضافتها من طرف محافظة المهرجان الوطني لمسرح الطفل بخنشلة كعضوة في لجنة التحكيم، التقيناها على هامش فعالياته ففتحت لنا قلبها وكانت لنا معها هذه الدردشة. "أخبار اليوم": تمت استضافتك في المهرجان الوطني لمسرح الطفل كعضوة في لجنة التحكيم فما هو تقييمك لهذه العروض والجو العام لهذا المهرجان بصفة عامة؟. - سميرة صحراوي: لقد تمت استضافتي من طرف محافظة المهرجان الوطني لمسرح الطفل كعضوة في لجنة التحكيم وهي بصراحة مهمة ليست سهلة، حيث أنني شخصيا عشت هذه التجربة بحكم عملي لمدة عشر سنوات في مسرح الطفل وبالتالي أعرف أنه ليس سهلا الحكم على الفرق وخاصة الفرق الحرة لأنها لاتملك الإمكانيات المتوفرة لدى المسارح الجهوية، فلابد علينا كلجنة تحكيم أن نأخذ هذا بعين الاعتبار، فانا أشعر بهذا جيدا لأنني عملت في فرقة حرة وأعرف جيدا ظروف هذه الفرق ولكننا رغم كل هذا فإننا نجد فرقا حرة تقدم عروضا تنافس العروض التي تقدمها المسارح وأحيانا تفوقها، أما من حيث الجو العام فإننا نلاحظ توافدا جماهيريا واسعا وإقبالا منقطع النظير من طرف الجمهور الخنشلي وخاصة الأطفال منهم والشيء الملفت للانتباه هو اهتمام المسؤولين بالولاية وخاصة السلطات المحلية وعلى رأسها السيد والي الولاية الذي يتنقل بنفسه أحيانا حتى من أجل مشاهدة العروض المسرحية. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على وعي المسؤولين وإحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كلنا من أجل الاهتمام بهذه الشريحة كل من منصبه وكل من مكان عمله. فالطفل بحاجة ليس فقط إلى الرعاية من طرف الأبوين والممثلين وإنما رعايته هي مسؤولية الجميع، فهو بحاجة إلى مؤطرين لتاطير الطفل حتى ننمي لديه روح النقد ونوقد فيه الحس الجمالي ونتركه ينظر إلى الأشياء بنظرة أخرى نظرة تقدم ونظرة مسؤولية. * هل للفنانة سميرة مشاريع مستقبلية أو أعمال جديدة سوف تقوم بعرضها على جمهورها الواسع؟ - في شهر رمضان لا توجد لدي أعمال ولكن بعد شهر رمضان ستكون لدي عروض مسرحية، بحيث سأقوم بجولة عبر كل ربوع الجزائر وستحظى ولاية خنشلة بهذا العرض وهذه الزيارة، فإن شاء الله سأقوم بعرض ثنائي لمسرحية طاق على من طاق- وهي عبارة عن عرض ثنائي بيني أنا وزوجي الفنان أحمد رزاق، كما أن هناك مونولوغ الزعيم الذي تلقينا عدة طلبات من الجماهير من أجل إعادة عرضه لأن هناك الكثير ممن يتوقون لإعادة مشاهدته، نتمنى إقبالا جماهيريا واسعا خاصة وأننا قمنا ببرمجة العرض مئة بالمئة في ولاية أم البواقي. وبصراحة لقد فكرنا في العودة إلى مسرح الطفل ولكن هذا العمل يحتاج إلى جهد كبير، فمسرح الطفل لا يزال لحد الآن عبارة عن مبادرات محتشمة لأشخاص يعدون على أطراف الأصابع نظرا لندرة الكتابة والأبحاث في هذا الميدان، فنحن أثناء عملنا السابق في مسرح الطفل كنا عبارة عن ممثلين وفي نفس الوقت باحثين، فقد شكلنا ورشة للبحث عن كتابات وسيناريوهات في هذا المجال خاصة من ناحية البحث في المجالات السيسيولوجية والسيكولوجية في نفسية الطفل الجزائري من حيث اهتماماته وتطلعاته وغير ذلك، وأحيانا تجد نفسك أنك تبحث في الأمور التي يجب أن يستفيد منها الطفل الجزائري، فكل الدراسات التي عثرنا عليها وجدناها تهم الطفل الروسي والفرنسي والألماني والأوربي بصفة عامة، فهذه الدراسات غير معمولة أساسا للطفل الجزائري نظرا لاختلاف المجتمع وطريقة العيش، فنحن لا نستطيع تطبيقها بشكل كامل على الطفل الجزائري ربما نأخذ منها أشياء فقط، وكان لزاما علينا دائما اصطحاب سيسيولوجيين معنا خاصة عند كتابة النص لأن أهم شيء لدينا هو الكتابة، فإذا كان لدينا نص جميل ومدروس بطريقة جيدة وموجه فإن باقي العمل فيما بعد يكون سهلا والعكس صحيح، والمهم كل المهم هو إيصال المعلومة والرسالة للطفل وكل هذه الأمور ليست بالضرورة من صميم عملنا وحدنا وإنما هي مسؤولية الجميع وكل هذه الأمور هي عبارة عن اقتراحات. لكننا لانستطيع أن نفرض على الطفل أشياء لايريدها، فأنا شخصيا ضد طريقة الوعظ والإرشاد المعمول بها سابقا وطريقة فرض الأفكار على الطفل وهو لايريدها ومحاولة توجيههم حسب أهوائنا، لأن المسرح عبارة عن مكان للترفيه ومكان لتعلم الجماليات وتذوق الألوان ومحاولة معرفة رموز الأشياء وفك طلاسمها وتقسيم الأشياء الجميلة وكيفية التعامل معها لأن المسرح ليس من مهمته تلقين الدروس للطفل فذلك واجب المدرسة ولكن بإمكانه تقديم بعض الإضافات للطفل وتنمية قدراته الفكرية والخيالية. * البعض يقول إن الفنان في الجزائر يعاني رغم كونه يمثل الجزائر أحسن تمثيل عندما تتاح له الفرصة في ذلك كيف ترين ذلك؟ - حقيقة لدينا مشكل قوانين لأن القوانين التي تحكم المسارح منذ السبعينات فهي لحد الآن لم تتغير، الفنان لحد الآن لايوجد شيء يحميه ولاتوجد قناة يستطيع فيها الفنان التعبير عن مشاكله وانشغالاته وهمومه الخاصة، فأحيانا نجد المسارح يحكمها أناس إداريون لايجيدون طريقة التعامل مع الفنانين ونجده في مسرح آخر مغاير تماما للشخص الذي ذكرت رغم انتمائهم لنفس القطاع وتحكمهم وزارة واحدة، فحسب نظري أن الفنان في الجزائر لايزال بعيدا تمام البعد عن الفنان في بلد آخر. فهو لاتزال حقوقه مهضومة ونحن في عام 2010 لانزال نسمع حكايات وأحاديث كنت أسمعها وأنا لاأزال طفلة صغيرة منذ الستينات أو السبعينات، كنت أتفرج على الفنانين وهم يطرحون هذه المشاكل وأنا لأني أعيشها وأنا فنانة فالسؤال المطروح لماذا لايوجد حل لهذه المشاكل رغم هذه السنين الطويلة ومرور الأيام والأعوام، لماذا يتخرج من المعاهد ممثلون وممثلات ومصورون وغيرهم ولايجدون أماكن عمل ومناصب شغل، وعندما يذهب لتأسيس فرقة حرة نجده لايجد التموين الكافي فيعمل لعدة سنوات ثم يغير المهنة، لماذا نقوم بقتل المواهب وتضييع الأفكار ووأدها وقتلها في المهد أو قبل أن تولد وترى النور، فعند ذهابنا لمسرح ما نجده يشغل مايزيد عن ال50 عاملا و05 ممثلين كل شيء مركب على هؤلاء الممثلين الخمسة والباقي عبارة عن إداريين وعمال للنظافة وغير ذلك، ولكنه العكس فعندما نذهب لمسارح في الخارج نجد ال50 عبارة عن ممثلين وال05عبارة عن إداريين أو ربما نجد شخصا واحدا هو مدير المسرح والباقي عبارة عن ممثلين، فالمسرح ربما يحتاج إلى إداري واحد والباقي ممثلين، لأن المسرح ينتج وليس عبارة عن مؤسسة إدارية، وأحيانا عندما تريد تقديم عمل ما تجد نفسك في أزمة ممثلين لأن الباقي كلهم عبارة عن أناس لاعلاقة لهم بالتمثيل اضطررت لحشوهم في المسرح، فأنا شخصيا عندي زملاء وزميلات تخرجوا معي من المعهد ولكنهم تركوا الفن والتمثيل لأسباب عدم توظيفهم والاهتمام بهم من طرف المؤسسات المعنية، فكان لابد عليهم من البحث على مهنة أخرى لضمان لقمة العيش، فمنهم من طلب العمل في الإدارة ومنهم من اختار أعمالا أخرى وكان باستطاعتهم البروز في ميدان الفن ولكن للأسف. * كلمة أخيرة؟ - أشكر الجمهور الخنشلي والمسؤولين في دار الثقافة والولاية على استضافتهم لنا وعلى رأسهم السيد والي الولاية الذي لم يبخل علينا بشيء وهذا قلما نلمسه من مسؤول ما، كما أشكرك على فتح صفحات الجريدة لنا وشكرا.