اشتكى العديد من المواطنين في الفترة الأخيرة من النقص الفادح في اللقاحات الخاصة بالرضع، عبر مختلف المراكز الصحية المتواجدة بالعاصمة، فالعائلات تجبر على تأخير موعد لقاح طفلها إلى أكثر من شهر بسبب هذه الأزمة وفي ظل ذلك يبقى الرضيع مهدد بمختلف الأمراض، وفي مقدمتها الشلل، بعيدا عن أية وقاية معرضا للظلم والتهميش بعد أيام قليلة من ولادته·· حالة أزمة خانقة تعيشها أغلب المراكز الصحية العمومية في العاصمة بسبب النقص الكبير في التزود ببعض اللقاحات الخاصة بالرضع خاصة بالنسبة للأشهر الأولى كالسعال الديكي والشلل، الديفتيريا والتهاب الكبد الفيروسي فعلى الأهل إما الظفر بهذا اللقاح عن طريق أحد معارفه من الوسط الطبي حيث يكون الأولى والأسبق حين وصول عينات صغيرة من هذه اللقاحات إلى المراكز الصحية، أو عليه البدء بعملية بحث طويلة عبر كل المؤسسات الصحية خاصة إذا مضى وقت طويل على موعد لقاح الرضيع، فيخاف الأهل أن يصاب طفلهم بسوء ما، فيتزايد القلق وتتسع رقعة البحث إلا أنه في معظم الأحيان تبقى النتيجة واحدة وهي ندرة اللقاحات لا تمس فقط الأشهر الأولى للرضيع بل إن النقص يطال معظم اللقاحات الخاصة بالطفل والتي منها من يجب أن يأخذه في وقته وإلا تعرض إلى مضاعفات خطيرة·· من المسؤول؟ وللتعرف والاطلاع على هذا الوضع الذي تعانيه العائلات العاصمية من تعب وشقاء وهي تنتظر في الطوابير الطويلة وفي الأخير يخبرونها أن مجموعة اللقاحات التي تحصلت عليها المؤسسة الصحية انتهت، وبالتالي عليهم العودة في يوم آخر حين تحضر مجموعة أخرى، لتستمر المعاناة مدة أطول خاصة بالنسبة للأولياء الموظفين الذين يتضررون في عملهم بسبب الغياب المتكرر من أجل البحث بدون فائدة عن لقاح لطفلهم فأين يكمن الخلل؟ ففي كل المراكز الصحية التي انتقلنا إليها نفس المظهر تقريبا مع تغير في الأمكنة والوجوه إلا أن الأزمة واحدة والشكوى هي ذاتها تقابلك في وجوه الأمهات والآباء، في كل من مركز بوشنافة بالجزائر الوسطى وبن شنب بالقصبة، مركز وحتى بعض المصلحات بالمستشفيات فإنها كذلك تعيش نفس المشكل ونفس التوافد اليومي للعائلات الباحثة عن حق أطفالها في الوقاية من الأمراض من خلال اللقاحات المجانية التي وفرتها الدولة، وحتى أعوان الصحة الذين التقيناهم اشتكوا لنا من ردود الفعل السلبية التي يمارسوها ضدهم بعض الآباء بدعوى أنهم المتسببون في هذه الأزمة من خلال سرقة اللقاحات ومن ثمة توزيعها فقط لأحبابهم ومعارفهم، وهؤلاء الأعوان والعاملون في السلك الطبي بصفة عامة يتعجبون لهذه التهم لأن الأمر خارج عن نطاقهم فالأزمة وطنية وتعيشها أغلب المراكز الصحية في الجزائر وهي متعلقة باستيراد كمية قليلة لا تتوافق مع العدد الهائل للطلب على اللقاحات وعدد المواليد في كل عام، إلا أن العائلات لم تقتنع بهذه الأجوبة وتلقي باللوم على السلك الطبي وعلى المسؤولين على القطاع الذين يسيئون إدارة المخزون من اللقاحات والأدوية ونتيجة لهذا الرأي السائد ما بين المواطنين تحدث ردود فعل سلبية في الغالب تكون اتجاه الموظفين في السلك الطبي·· أين يكمن الخلل؟ تعددت الأسباب إلا أن الأزمة واحدة والضحية واحدة وهم الأطفال الرضع الفاقدون لأبسط حقوقهم الطبيعية وهي الاستفادة من مضادات ولقاحات خاصة تجنب جسده الصغير الوقوع في أمراض خطيرة ومعدية قد لا يستطيع مقاومتها، وأغلب العائلات التي التقيناها كانت خائفة كثيرا على أطفالها الرضع من التعرض إلى أمراض خطيرة قد لا ينفع فيها أي علاج بعد الإصابة بها، ولا تعد ولاتحصى عدد الأمهات اللواتي أكدن لنا أن أطفالهن تجاوزوا موعد عدة لقاحات والأطباء في بعض المراكز الصحية يطمئنونهم دوما بأن تأخر أخذ اللقاح في الأشهر الأولى لا يعرض الطفل للخطر لأن المضادات هي تقريبا نفسها، إلا أن الوجل لم يختف من قلوب الأمهات لذا فهن يستنجدن بالوزارة الوصية والمجتمع المدني من أجل التدخل العاجل لوقف هذا الظلم الذي يتعرض له هؤلاء الرضع المهددون بالشلل والدفتيريا والتهاب الكبد الفيروسي، فهل ستعاود بعض الأمراض المنقرضة الظهور لدى أطفالنا بسبب سوء التوزيع أو نقص في الاستيراد؟··