أسدل عشية أوّل أمس بالعاصمة القطرية الدوحة على فعاليات الألعاب العربية الثانية عشر بتتويج مصر باللّقب بعد أن أنهت الدورة ب 233 ميدالية، منها 90 ذهبية و76 فضّية و67 برونزية، فيما أنهت الجزائر البطولة في الصفّ الخامس بعد كلّ من مصر كما سبق الذّكر وتونس والمغرب وقطر. رصيد الجزائر توقّف عن 88 ميدالية (15 ذهبية و16 فضّية و31 برونزية)· في نظرة خاطفة عن ترتيب الجزائر في الدورات السابقة نجد أن دورة الدوحة هي الأسوأ في تاريخ المشاركات الجزائرية في أولمبياد العرب، بدليل أن حصيلة الجزائر عام 2004 بالجزائر من الذهب بلغ 56 ميدالية وفي الدورة الموالية بالقاهرة عام 2007 كان 41 ذهبية، لينزل العدد في هذه الدورة إلى 16 ذهبية فقط متأخّرة عن قطر صاحبة المركز الرّابع ب 16 ذهبية وعن المغرب ب 19 ذهبية وعن تونس 38 ذهبية وعن المغرب ب 74 ذهبية، وتقدّمت الجزائر عن السعودية صاحبة المركز السادس بذهبية واحدة وعن الكويت بذهبيتين فقط· فهل يعقل أن يتوقّف رصيد الجزائر من (المعدن النّفيس) عند العدد 16 ميدالية وهي التي شاركت، أي الجزائر، بأكبر عدد من الرياضيين؟ كما أن الوزارة الوصية في بلادنا سخّرت لجميع الاتحاديات الوطنية أموالا طائلة تكفي لبناء أكثر من ثلاثة ملاعب بحجم ملعب 5 جويلية وخمسة ملاعب بحجم ملعب (مصطفى تشاكر) بمدينة البليدة؟ ومادام حصيلة الجزائر كانت أكثر من سلبية فيجب بل نلحّ على المعنيين بالأمر ممّن أوكلت لهم مهمّة السّهر على رفع مستوى الرياضة الجزائرية المحاسبة أين ذهبت الأموال التي منحت لجميع الاتحاديات المحلّية؟ وقد لا يتوقّف الأمر عند محاسبة هؤلاء عن تبذيرهم للمال العام، بل يجب تسليط أشدّ العقوبات على من (سوّدوا) رياضتنا وأعادونا عشرات السنين إلى الوراء· فهل يعقل ببلد كمصر وتونس اللذين عانيا مع هذه السنة من حرب شبه أهلية ومن مشاكل داخلية لا تعدّ ولا تحصى يضعان الجزائر بعيدا عنهما في نيل الذهب، في وقت أن بلادنا والحمد للّه كانت بعيدة كلّ البعد عمّا حدث في كلّ من مصر وتونس؟ كما أن الاتحاديات المحلّية كان لها الوقت الكافي والمال الوفير لتحضير جميع الرياضيين في أحسن استعداد لفرض وبسط مكانتهما عربيا. لكن وبما أن كلّ شيء بات يسير في بلادنا بالمقلوب فإننا ننتظر معاقبة أيّ مسؤول أو رياضي سوّد رياضتنا في أولمبياد العرب، فلا تتعجّبوا إذا خرج أحد هؤلاء على الجزائريين يقول: (موعدنا المقبل في بيروت)· نعم أربع سنوات تفصل عن الدورة العربية المقبلة، فهل ستكون كافية تماما لبناء جيل من الرياضيين في الجزائر أملا في انتزاع أكبر قدر ممكن من الميداليات؟ وإلى ذلكم التاريخ دمتم في رعاية اللّه وحفظه· وللتذكير إليكم الجدول النّهائي للميداليات لدورة الدوحة 2011· البلد مصر تونس المغرب قطر الجزائر السعودية الكويت العراق الأردن البحرين الإمارات لبنان عمّان اليمن فلسطين ليبيا جيبوتي السودان وقفات من الدورة الحادية عشر كثيرة هي المحطّات التي يجدر التوقّف عندها بعد إسدال الستار على الدورة الاستثنائية للألعاب العربية في قطر التي تميّزت بنكهة (أولمبية) وبمستوى مرتفع في بعض الرياضات وطبعت باكتشاف 14 حالة منشّطات معظمها في كمال الأجسام (الدخيلة)، وقد تكون مشاركتها اليتيمة بعد الضجّة الكبيرة التي أثارتها· * نالت قطر شهادة تقدير على حسن تنظيمها للدورة من جميع الوفود المشاركة فيها، ومن مسؤولي الاتحادات الرياضية الدولية وأعضاء اللّجنة الأولمبية الدولية الذين حضروا تباعا لمتابعة منافساتها، حتى ذهب البعض إلى تحميل لبنان عبئا كبيرا في احتضان النّسخة المقبلة عام 2015· * هذه المرّة الأولى التي تقام فيها دورة الألعاب العربية في المنطقة الخليجية، إذ بقيت حكرا على مصر ولبنان وسوريا والأردن والمغرب والجزائر· * لم يتردّد بعض المسؤولين الرياضيين والدوليين في القول إن قطر نظّمت دورة الألعاب العربية على مستوى الدورات الأولمبية· * كانت المشاركة في الدورة كثيفة وقياسية لنحو 5،5 آلاف رياضي ورياضية من 21 دولة، إذ كانت سوريا الدولة الوحيدة الغائبة بعد إعلان لجنتها الأولمبية عدم المشاركة (احتجاجا على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية)· * المستوى الفنّي لبعض المنافسات كان مرتفعا بوجود عدد لا بأس به من الرياضيين العرب الذين سبق لهم المشاركة في دورتي الألعاب الأولمبية في أثينا 2004 وبكين 2008. * للمرّة الأولى في تاريخ الدورات العربية تكون منافسات بعض الرياضات مؤهّلة إلى دورة الألعاب الأولمبية في لندن الصيف المقبل، وتحديدا في ألعاب القوى والسباحة بعد موافقة الاتحادين الدوليين المعنيين على ذلك· وقد شكّلت هذه المبادرة حافزا مُهمّا للرياضيين لتقديم أفضل ما لديهم أملا في الانضمام إلى نجوم العالم في أولمبياد لندن، فسجّلت تسعة أرقام مؤهّلة في ألعاب القوى، أضيف إليها 20 رقما في السباحة، بعض هذه الأرقام كان مؤهّلا مباشرة إلى الألعاب الأولمبية وعدد منها يحتاج إلى تأكيد فقط من الاتحادين الدوليين المذكورين· * امتازت هذه الدورة أيضا بالجوائز المالية التي خصّصتها اللّجنة المنظّمة للفائزين بالمراكز الأولى في الألعاب الفردية والجماعية، وللّجان الأولمبية التي ينتمون إليها، فضلا عن تخصيص جائزة معتبرة لأفضل رياضي في الدورة قدرها 70 ألف دولار ذهبت إلى السبّاح التونسي الأولمبي أسامة الملولي· * لقيت قرية الرياضيين التي سمّيت ب (قرية العرب) أصداء إيجابية أيضا من حيث مساهمتها في توثيق روابط المعرفة والصداقة بين الرياضيين العرب· * سجّل في الدوحة رقم قياسي في عدد الميداليات لرياضي واحد قد يصعب تكراره في المدى المنظور، إذ احتكر الملولي 15 ميدالية ذهبية من أصل 17 سباقا شارك فيها، حيث أخفق في اثنين الأوّل بسبب خطأ فنّي في 100 م صدرا والثاني في التتابع 4 مرّات 100 م متنوّعة مع منتخب بلاده الذي حلّ ثانيا خلف مصر· * تفجّرت في الدورة الثانية عشر قضية المنشّطات على نطاق واسع بتأكيد اللّجنة الطبّية فيها وجود 14 حالة خالف أصحابها قوانين المنشّطات، إن كان بالتخلّف عن الفحص المطلوب أو بوجود مواد محظورة في عيّناتهم· معظم حالات المنشّطات ظهرت في منافسات كمال الأجسام التي أدرجت للمرّة الأولى في تاريخ الدورات العربية ونالت القسط الأكبر من الضجة الإعلامية· وقد كان لوكالة (فرانس برس) فرصة كشف الحالات ال 14 قبل إعلانها رسميا من قبل اللّجنة الطبّية· وشطبت في اليوم قبل الأخير من منافسات الدورة ميداليات الرياضيين الذين أعلن عن مخالفتهم للوائح المنشّطات وسحبت من رصيد الدول التي ينتمون إليها في الجدول العام، ومنها 9 حالات تتعلّق برياضيين أحرزوا ميداليات ذهبية· * شهدت الدورة تجاذبا بين اللّجنة المنظّمة من جهة والدول المشاركة واتحاد اللّجان الأولمبية العربية من جهة أخرى، ففي حين أعلنت قطر أنها ستعتمد ميدالية ذهبية واحدة لكلّ وزن في هذه المسابقة طالبت الدول المشاركة بثلاث ذهبيات (واحدة في النتر وواحدة في الخطف وأخرى في المجموع)· فبعد أن احتسبت في اليوم الأوّل للمنافسات ثلاث ميداليات ذهبية في كلّ وزن وأضيفت الميداليات إلى الجدول العام للترتيب سحبت في اليوم الثاني واحتسبت ذهبية واحدة فقط· * رفض مندوبو 17 دولة مشاركة في المسابقة تقليص عدد الميداليات، ووصل الأمر إلى حدّ التهديد بالانسحاب بعد أن وقعوا عريضة في هذا الشأن·