لم يتبق إلاّ أياما محدودة لدخول السنة الميلادية الجديدة، والمعروف أن مجتمعنا يحتفل بهذه المناسبة كغيره من المجتمعات الأخرى، حيث تلجأ العديد من الأسر الجزائرية إلى تحضير مالذ وطاب من المأكولات والحلويات لاستقبال العام الجديد، وبالرغم من أن هذه المناسبة لا تعنينا باعتبارنا مجتمعًا إسلاميًا فهي خاصة بالمجتمعات الغربية، وبما أنّ معظم الجزائريين يقلدونهم في شتى الأشياء ل (الملابس......الخ) فهذا الأمر أصبح من عاداتهم التي من الصعب التخلّي عنها، حيث يحتفلون بقدوم السنة كغيرها من المناسبات، ولكن الغريب في الأمر أن بعض الجزائريين يحتفلون برأس السنة الميلادية على الطريقة الغربية خاصة المتأثرين بالحضارة الغربية، حيث يقضون الليلة الأخيرة من السنة المنصرمة في الملاهي وانتظار حلول السنة الجديدة واستقبالها بالهتافات مع التمني بتحقيق أحلامهم وآمالهم، ولكن كلّ هذا يتنافى مع عاداتنا وخاصة مع مبادئنا الدينية، إن هذا يعتبر تقليدًا أعمى لما يدور في المجتمعات الغربية، وبهذا الصدد اقتربنا مع بعض الشبان لرصد آرائهم في النقطة المثارة، قال (كريم)، إنه معتاد على قضاء هذه المناسبة مع أصحابه حيث يسهرون حتى ساعات متأخرة من الليل، ينتظرون حلول السنة الجديدة، ثم يتبادلون التهاني حيث شبه هذه الأجواء بأيام العيد). إنها فعلاً أجواء غريبة والغريب فيها أن نفس هؤلاء الشبان لا يحتفلون بقدوم السنة الهجرية وكأن هذه المناسبة لا تخصهم، هذا إن كانوا يسمعون بها من أساسها، مثلما يحتفلون بحلول السنة الميلادية التي لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد بصفتهم مسلمين. وهو نفس ما راح إليه (سليم) حيث قال إنه يقضي هذه المناسبة مع عائلته، حيث يجتمعون في البيت العائلي ويتبادلون أطراف الحديث، وتعتبر هذه المناسبة سببا في جمع العائلة، حيث تحضّر نساء العائلة (تراس) ويضعونه في (جفنة) ويدخلن داخلها صغير العائلة، ويضيف قائلاً إنهم ينتظرون الثواني الأخيرة قبل دخول السنة ليبدأو العدّ التنازلي حتى تدق الساعة صفر، ثم يتبادلون بعد ذلك التهاني). إنّ ما التمسناه من حديثنا مع (كريم)، و (سليم) أن احتفالهم بهذه المناسبة لا يختلف كثيرا عن احتفالات الغرب، ولكن إذا انسقنا وراء عاداتهم وتقاليدهم فما هو الشيء الذي يميزنا عنهم؟ ولكن رأي السيدة (فاطمة) يختلف تمامًا عن رأيهما، حيث قالت إنّ هذه المناسبة لا تخصنا، وهي لا تحتفل بها بتاتًا لأنها لديها ما يكفيها من الأعياد والمناسبات الدينية (عيد الفطر، عيد الأضحى، رأس السنة الهجرية). إذن (فاطمة) من بين القلة من هذا المجتمع الذين أبوا أن يتخلوا عن هذا التقليد، ولقد وصل بالبعض إلى اقتناء مستلزمات خاصة بهذه المناسبة مثل شجرة عيد الميلاد، هي إذن تصرفات يرتكبها بعض الجزائريين ولا يدركون أنهم ينساقون وراء عادات وتقاليد غريبة لاتمت إلينا بأي صلة. حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم على التقليد الأعمى الذي يضر المجتمع الإسلامي في جميع الجوانب.