وجدت الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية المصادفة لل 12من شهر جانفي من السنة الميلادية طريقها إلى حياة السكان مؤخّرا في مختلف مناطق الوطن، حيث ارتبط إحياؤها قديما على مستوى القرى والمناطق الريفية دون غيرها. إذ سمح الافتخار بالبعد التاريخي الذي يتّسم به بداية التقويم الأمازيغي والمتمثّل في انتصار الملك (شاشناق) البربري على الفراعنة، بإحياء هذه المناسبة سنويا والوقوف عن كثب على مدى ارتباط الأمازيغ القدامى بأرضهم واعتمادهم على المجال الزراعي في التقويم الفصلي وتقسيم السنة· بالإضافة إلى الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة فإن هذا التاريخ يمثّل إحياء حدث تاريخي هامّ يمثّل حجر الأساس في انطلاق التقويم الأمازيغي، ويتعلّق الأمر بالانتصار التاريخي الذي حقّقه الملك البربري (شاشناق) على الفراعنة في عهد (رمسيس الثاني) وذلك قبل 9 قرون ونصف من بداية اعتماد التقويم الميلادي، حيث كان الردّ قويا إزاء الهجمات المتواصلة التي كان الفراعنة يشنّونها على بلاد الأمازيغ ويستولون من خلالها على خيراتهم. وبالرغم من اعتماد هذا التاريخ كأوّل يوم في السنة الأمازيغية إلاّ أن تقسيم الفصول والسنة وفقه لم يكن عبثا، حيث تربّعت الزراعة على عرش التقسيم كونها النشاط المحوري لحياة السكان وعليه تقوم حياتهم· إذ نجد أن (يناير) يمثّل بداية الحساب الفلاحي أو الزراعي والفصول المرافقة لفترات انطلاق مواسم الزرع أو جنيه في منطقة القبائل، حيث تكون نهاية العام المنصرم خاتمة لجمع الغلّة السنوية وتخزين المحصول لمواجهة العام الجديد، في حين يكون هذا الأخير تحضيرا لموسم آخر يرجون فيه الوفرة وكثرة الغلّة، وكان شبح الجوع والخوف منه يخيّم على سكان الأمازيغ، ما جعلهم يرفقون احتفالاتهم برأس السنة الجديدة بعادات وطقوس روحية يريدون بها إبقاء الجوع بعيدا عن حياتهم، بتمجيد الطبيعة والاحتفاء بها والاعتراف بعظمتها لكونها مصدر رزقهم الوحيد، وهي المعتقدات التي بقيت راسخة لزمن طويل في عادات الشعوب الأمازيغية بشمال إفريقيا وتلاشت بمرور الوقت ليتنازل عنها سكان المدن والمناطق الحضرية دون سكان الأرياف والجبال الذين استمرّ ارتباطهم بالأرض والفلاحة· كما تقوم عائلات أخرى باقتناء مختلف أنواع المكسّرات والحلويات وخلطها في إناء ليقسّم بعدها على كمّيات صغيرة توضع في أكياس تقسّم على الأطفال، وتعدّ المناسبة موعدا ينتظره هؤلاء بفارغ الصبر· ويتمّ إحياء ذكرى (يناير) في منطقة القبائل من قِبل الجهات الرّسمية أو الجمعيات المعتمدة، في مقدّمتها النّاشطة في المجال الثقافي عن طريق تنظيم حفلات فنّية صاخبة تستمرّ لساعات متأخّرة من اللّيل يكثر فيها الشرب والمجون يقال إنها مخصّصة إحياء لدخول السنة الأمازيغية، وإن سألت أغلب المشاركين أو المحتفلين بهذا الوجه ب (يناير) تجدهم يجهلون طبيعتها أو بعدها التاريخي أو حتى اطّلاعهم على الأساطير المتداولة عبر الأجيال في المنطقة· وقد سطّرت مديرية الثقافة بولاية تيزي وزو برنامجا ثريا احتضنته دار الثقافة (مولود معمري) إحياء لدخول السنة الأمازيغية 2962 نظّمت من خلالها محاضرة تناولت الاحتفالات بهذه المناسبة بمنطقة بني سنوس، وعرض أفلام وثائقية ومعرض للصناعات التقليدية بالتنسيق مع مديرية الصناعات التقليدية بتيزي وزو. واحتضنت مساء أوّل أمس قاعة الحفلات بدار الثقافة (مولود معمري) مسابقة ملكة جمال القبائل في طبعتها السابعة· ومن جهتها، إذاعة جرجرة الجهوية نظّمت برنامجا ضخما بمشاركة نخبة من الفنّانين المحلّيين بالتنسيق مع مركّب التسلية (ثامغرا) إحياء لذات المناسبة·