يسعى عدد من المختصين في مجال البيئة بالجزائر إلى تعميم فكرة الحدائق العلاجية، كأسلوب علاجي فعال للكثير من الأمراض، على اختلاف أسبابها، وأعراضها، العضوية والنفسية والعصبية، مبرزين في كل مرة الدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه هذه الطريقة في العلاج، موازاة مع العلاج العادي المعروف، لأجل مرافقة المرضى، في رحلة العلاج الطويلة، ومساعدتهم على إيجاد الراحة النفسية، والهدوء والاسترخاء الذي يمكنهم من تقبل العلاج، والاستمرار فيه، بغية الوصول إلى مرحلة الشفاء التام· ولأجل ذلك، يسعى عددٌ من الفاعلين في قطاع البيئة، يتقدمهم المعهد الوطني للتكوينات البيئية، إلى إنجاز حديقة علاجية نموذجية على مستوى مستشفى بن عكنون بالعاصمة، تحت شعار (الحديقة فضاء لعلاج فعَّال)، ويرمي هذا الإنجاز الجديد إلى إنشاء فضاءات خضراء مخصصة للمرضى، بهدف ترقية البستنة، كأسلوب علاجي إنساني، وهي المبادرة التي من المنتظر أن يتم تعميمها على كافة مستشفيات الوطن، بشكل يسمح للأشخاص المرضى، بالنشاط على مستوى هذه الحدائق، والخروج من جو المستشفيات الذي يكون أحيانا روتينيا ومملا للغاية، وينعكس على الحالة النفسية للأشخاص المرضى، كما لم تهمل هذه الحديقة العلاجية المرضى المعاقين، حيث تسمح لهم برغم إعاقتهم من البقاء في حالة نشاط مستمر، بفضل طريقة علاج تعتمد على الاعتناء بالنباتات، من شأنها أن تساهم في التقليل من حالة الضغط والقلق التي يعيشونها داخل المستشفيات· ومن المنتظر أن يتم تجهيز الحديقة لاستيعاب من 25 إلى 30 مريضا في اليوم، ويحتوي المشروع على حاويات زراعية مرفوعة في متناول المرض، تسمح لهم بممارسة نشاط البستنة قعودا وقياما، وعلى مسالك خاصة تسمح بمرور مستعملي الكراسي المتحركة إلى جميع زوايا الحديقة، كما أنها مجهزة بنافورة مائية، ومظلة لاستقبال عائلات المرضى من أجل الاستمتاع رفقة ذويهم وسط المزروعات ونباتات الزينة الموضوعة داخل أوعية زراعية مرفوعة مخصصة لزرع النباتات العطرية والطبية، ومحاطة كذلك بأشجار مثمرة، ويعد الهدف من إنشاء مثل هذه الحدائق العلاجية على مستوى المستشفيات حسب مصادر مقربة من المعهد الوطني للتكوينات البيئية بالعاصمة، إلى إيجاد أسلوب علاج فعال يهدف لتمكين المرضى من تجاوز الصعوبات النفسية، التي تواجههم خلال تواجدهم في المستشفيات للعلاج، عبر اتصالهم المباشر بالنباتات، والتواجد في فضاء أخضر يمنحهم الراحة النفسية ويساعدهم على التنفس والاسترخاء، والهدوء· ويقول المعالجون بواسطة هذه الطريقة أنها تعلم المرضى مهارات جديدة، وتساعدهم على تنمية التركيز والانتباه، والقدرة على القيام بعمل وحل المشاكل بصورة مستقلة، والإبداع وتنمية المثابرة وبذل الجهد، إضافة إلى كونها توفر الفرصة للقاء اجتماعي ممتع بين العديد من المرضى، وترفع الشعور بالقيمة الذاتية لدى المريض، وبعث التفاؤل في نفسه من خلاله شعوره بالسيطرة المسؤولية على النباتات، وهي الأشياء التي يمكنها أن تساعد بشكل كبير على العلاج، موازاة مع العلاج الطبي المناسب لكل حالة من الحالات المرضية·