يواصل لهيب أسعار العديد من المواد ذات الاستهلاك الواسع، وفي مقدّمتها الخضر والفواكه (حرق) جيوب الجزائريين وأعصابهم في آن واحد، حيث يستمرّ الارتفاع الجنوني لأسعار (البطاطا وأخواتها)، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا التي تعتبر طعام جلّ الجزائريين ال 100 دينار جزائري أمّا الطماطم فتعرف هي الأخرى ارتفاعا وصل إلى حدّ ال 100 دينار للكيلوغرام الواحد، فيما فاق سعر الكوسة 110 دينار للكيلوغرام وتعدّى القرنون ال 70 دينارا للكيلوغرام. وما زاد دهشة المواطنين الارتفاع الصاروخي للموز من 100 دينار للكيلوغرام الواحد إلى 190 دينار، وكلّ هذا في ظلّ انشغال بعض المسؤولين بالتحضير لحملتهم في الانتخابات التشريعية تاركين المواطن الجزائري يتخبّط وحده في دوّامة الأسعار الملتهبة· يعاني المواطن خلال الآونة الأخيرة من ضعف في القدرة الشرائية أمام غلاء الأسعار، الأمر الذي يدفع أرباب العائلات أحيانا للعودة إلى منازلهم بأكياس فارغة، وهذا ما يزيد من تحسّرهم إزاء الحالة المزرية التي آلو إليها، وفي تجوالنا بالسوق الشعبي (مارشي 12) ببلوزداد في العاصمة صادفتنا مشاهد تهزّ البدن وتشعر الإنسان بالحسرة على حاله· اللّعاب يسيل والقفف فارغة رغم اختلاف الآراء التي جمعتها (أخبار اليوم) من الأسواق الشعبية بمختلف الأحياء بخصوص أسباب تواصل ارتفاع أسعار الخضر والفواكه فإنها أظهرت نوعا من الألم المتجدّر في أعماق المواطنين وذلك ما أكّده لنا (أحمد) ربّ عائلة من 8 أفراد، حيث قال: (لعابي يسيل وقفّتي فارغة) كونه لا يستطيع أن يلبّي احتياجات أسرته بسبب الغلاء الفاحش لأسعار الخضر وخاصّة البطاطا، ونفس الشيء بالنّسبة للحاجّة (ذهبية) التي بدورها أبدت استياءها من لهيب الأسعار الذي أصابها بالعجز وأكّدت أنها في معظم الأحيان تعود إلى البيت وقفتها خاوية· وبما أن البطاطا تعتبر الطبق الرئيس في كلّ مائدة جزائرية تقدّمنا من بعض المواطنين لمعرفة آرائهم بخصوص إذا كان من الممكن الاستغناء عنها، خاصّة وأنها وصلت في الأيّام الأخيرة إلى 100 دينار جزائري للكيلو غرام الواحد فحيّرنا جواب أحد المواطنين، حيث قال: (لا يمكنني الدخول إلى البيت بدونها كون أولادي لا يأكلون إلاّ الفريت) وأجمعوا على أن (البطاطا هي سلطانة المائدة الجزائرية وغلاءها الفاحش حطّم جيوبنا، وإن بقيت الأسعار كما هي سيأتي يوم ولا نأكل وسنموت من الجوع في بلادنا)· حجج الباعة وتضارب الأسعار توجّهنا إلى الباعة المتواجدين في (مارشي 12) لمعرفة سبب الارتفاع الفاحش للأسعار، فمنهم من رفض الإجابة ومنهم من تجرّأ وصرّح بأن لا علاقة لتجّار التجزئة بارتفاع الأسعار وتحجّج بكونهم يشترون الخضر والفواكه من تجّار الجملة غالية، إذ أنهم يشترون البطاطا ب 50 دينارا للكيلوغرام الواحد إلى 60 دينارا في بعض الأحيان وهذا خارج عن نطاقهم على حدّ قولهم· وصادفتنا في تجوالنا شاحنة تقوم بتفريغ الخضر والفواكه، وقد تبيّن لنا بعد محاورة صاحب الشاحنة أنه فلاّح ويقوم ببيع سلعته، وعند سؤاله عن سبب التهاب الأسعار في المدّة الأخيرة قال إنه تاجر جملة يبيع لتجّار التجزئة وعن (البطاطا) قال إن تجّار التجزئة يبيعونها ب 40 دينارا للكيلوغرام الواحد وأرجع سبب غلاء الخضر والفواكه إلى التقلّبات الجوّية التي سجّلت في شهر فيفري الماضي، لا سيّما البطاطا التي وجد الفلاّحون صعوبة في نزعها من التربة وليس هذا فقط، بل وجود المضاربة على مستوى الأسواق المحلّية، حيث أكّد (أ· محمد) أحد الباعة بسوق الجملة بمفتاح أن الفلاّحين في الوقت الرّاهن يقومون بوضع (البطاطا) في غرف تبريد بقيمة 6 ملايير وهذا على حسب حجم المبرّدات، حيث قاموا بشرائها على حدّ قوله ب 20 دينارا للكيلوغرام الواحد إلى حين ترتفع أسعارها في سوق التجزئة وقتها يخرجونها بسعر قرابة 60 دينارا في الجملة، وأمّا عن الطماطم فيرجعون سبب غلائها إلى كونها ليست في موسمها وتنتج في بيوت بلاستيكية عند عدد قليل من التجّار، وأضاف إلى ذلك ضعف العرض وارتفاع الطلب ونقص غرف التبريد لدى تجّار الجملة، والتي بدورها لا تشجّع الفلاّحين على زيادة الإنتاج، إلى جانب فشل استراتجية التوزيع (غياب شبكة وطنية للتوزيع، غياب الأسواق الجوارية ومحلاّت التجزئة)، ممّا أدّى إلى الفارق بين سعر الجملة والتجزئة· أردنا تغيير البطاطا بالموز فصدمنا بسعره صادفتنا في جولتنا بعض النّسوة اللواتي كنّ يتسوّقن ويسألن عن سعر الموز فإذا بهنّ يصدمن، حيث أن الموز لم يسلم هو الآخر من التهاب الأسعار وأصبح سعره 190 دينار للكيلوغرام الواحد بعد أن كان يتراوح بين 90 و110 دينار للكيلوغرام الواحد. ولم يشهد الموز هذا الارتفاع منذ قرابة العشر سنوات، ليبقى المواطنون وحدهم يتجرّعون مرارة تذبذب الأسعار منتظرين انخفاضها·