* إن الله عز وجل أحل كل المعاملات التجارية التي تنفع الناس وتسهل عليهم سبل حياتهم ما لم تتضمن حراماً أو غشا، يقول سبحانه وتعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا···) البقرة: 275· وقد حث الشرع على التسامح في البيع والتساهل فيه بحيث لا يُبخس البائع بضاعته ولا يُبتز المشتري فيؤخذ منه ثمن فوق قيمة المثمون، وهذا ما بوب له الإمام البخاري رحمه الله في الصحيح بقوله: (باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف)، فروى تحت الباب عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى)، ونفس الحديث رواه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن جابر أيضاً بلفظ: (رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى)· يقول الإمام ابن حجر في الفتح معلقا على الحديث: (وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم)، ومع ذلك فلا بأس في أن يماكس المشتري البائع حتى يتفقا على سعر يرضي كلا منهما، فقد روى الإمامان الترمذي وأبو داود رحمهما الله عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم: (من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه)· وعليه فلا مانع من المماكسة في البيع، وخاصة إذا كان الشخص يخشى من الغبن، وجشع بعض الباعة، والأصل أن يبيع المسلم سمحاً، ويشترى سمحاً بحيث ينتفع هو ولا يضر الآخرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يجب لنفسه)·