الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن من المعاني التي كرر القرآن ذكرها للتحذير منها وبيان عظيم خطرها، الإفساد في الأرض، فقال عز من قائل سبحانه {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}، وقال سبحانه وتعالى (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها). والإفساد الذي نهى عنه الإسلام يشمل القتل والترويع والتخويف حتى ولو كان يسيرا أو كان فاعله مازحاً سواء كان مع الإنسان أو الحيوان. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت ترفرف فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ودخل (صلى الله عليه وسلم) حديقة لرجل من الأنصار فإذا فيها جمل له فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حن وذرفت عيناه فنزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمسح زفراته فسكت الجمل فقال من رب هذا الجمل فجاء شاب من الأنصار قال أنا فقال ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه اشتكاك إلىّ وزعم أنك تجيعه وتجهده، ولقد أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) تحريم تخويف المسلم أو ترويعه بأى وسيلة. فقد جاء في السيرة أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسيرون معه في سفر، فاستراحوا ونام رجل منهم، فقام بعضهم إلى حبل معه فأخذه، وأمرره على جسد أخيه النائم ففزع، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) وروي عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن رجلاً أخذ نعل رجلٍ فغيَّبها وهو يمزح، فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلمٌ عظيم)، وروى ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أخاف مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة). وقال (صلى الله عليه وسلم): (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي)· فلا يجوز عقلًا ولا شرعًا إرهاب الآمنين وإرعابهم، وقطع الطريق عليهم، وإخافة السبيل، أو تهديدهم بذلك، مسلمين أو غير مسلمين، مستأمنين أو معاهدين بعهد وأمان من ولي الأمر· وقد سمعنا قبل أيام قلائل اختطاف أحد رجالات السفارة السعودية في اليمن والتهديد بقتله والتحدث من الطرف الآخر بالتفجير وغيره من الأمور والمطالب، فإن هذا الحدث وماجرى فيه من أمور ليس من دين الإسلام في شيء، فقتل النفس المسلمة وترويعها ليس من الإسلام ولا من الإسلام المطالبة بنساء لسن بمحارم لمن طلبهن أو نقلهن الى غير أولياءهن، ولا من الإسلام أخذ نفس مسلمة بجريرة نفس مسلمة أخرى وليس من الإسلام محاسبة نفس لم ترتكب جرما ولم يكن لها يدٌ في ذلك نيابة عن نفس أخرى أبداً ولا من الإسلام ربط جريمة بجريمة أخرى أو مطالبة لا تمت للأخرى بصلة فكل ماجرى في اليمن من أحد أفراد الفئة الضالة التي ضلت الطريق الصحيح لا مبرر له في الإسلام ولا نقره أبدا ويشابهه في الإفساد ماحدث في العوامية من فئة ضالة من الشيعة تم من خلال تلك الأحداث إطلاق للنار على رجال الأمن وتخريب للممتلكات العامة والخاصة وخروج على ولي الأمر فإنه عمل ضد الوطن وضد وحدته واستقراره حتى وإن اختلف المذهب أو المطلب فإنه يبقى ليس من الإسلام في شيء فمن عاثوا في الأرض فسادا هم (فئة ضالة) سواء في المجتمع السني أو في المجتمع الشيعي يتساوى الإنكار عليهما جميعا أما بعد: فإن الإفساد في الأرض ليس له دين ولا ملة وتنوعه بتنوع فاعليه أو الداعين إليه فكل ماجرى من الطرفين ليس من الإسلام في شيء مهما كانت مبررات أصحابه فالذي يجب أن نكون واعين وعلى يقضة دائمة لما يراد بنا وببلادنا وحكامنا ولا بد من الرجوع الى الله تعالى وتوحيد الصف بين الحاكم والمحكوم والراعي والرعية بالعدل والمساواة في تحكيم شرع الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا). نسأل الله أن يحفظ بلادنا وحكامنا من كل سوء وأن يكفينا شر الحاسدين الفجار ونسأل الله أن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين·· وصلى الله وسلم على نبينا محمد·· * الشيخ فهد عبد الرحمن السرداح