هل تشعر بالأسى؟... نعم. هل تشعر بالغضب؟... نعم. هل هذه هي الديمقراطية؟... نعم. أسئلة كثيرة متعددة وآراء مختلفة متشابكة تدور كلها حول الانتخابات الرئاسية المصرية التي فاجأت الجميع بلا استثناء (سواء فيمن صعد واحتل الصدارة أو من تخلف ومُني بالخسارة) فلم يكن أحد يتوقع ما حدث لا من الكتاب والمحللين ولا من المواطنين... لا داخل مصر ولا خارجها... إن ما جاءت به الصناديق كان أبعد الاحتمالات عن التخيل والتصور وإن ادعى البعض غير ذلك. ماذا حدث؟ يمكن تلخيص ما حدث في: 1- إخفاق حزب الحرية والعدالة في جمع أكثر من 50% من الأصوات التي نالها في الانتخابات البرلمانية. 2- نجاح أحمد شفيق في جمع أكثر من 5 ملايين صوت انتخابي. 3- فشل حمدين صباحي في الوصول إلى جولة الإعادة. لماذا حدث؟ أسباب كثيرة وراء ما حدث بعضها ظاهر واضح، وهو ما كان في الأسابيع الأخيرة، وهناك أسباب كامنة في خلفية المشهد استمرت طوال عام ونصف العام منذ بداية الثورة ونبدأ بالأسباب الكامنة: أولاً: المجلس العسكري، فقد أصاب موقفه خلال العام ونصف العام وممارساته السلبية سواء مع القوى الثورية أو المواطنين من خلال الإعلام والقضاء والمتاهات السياسية والقضائية التي شغل بها الجميع والبعد عن مشاكل الجماهير... إلخ كل تلك الممارسات الخاطئة والسلبية، الكثيرين بالضيق والزهق والتبرم من الثورة، وفشلت الجماهير في التفرقة بين الثورة وما يقوم به المجلس العسكري واعتبرته من نتائج الثورة، فزاد السخط عليها بل كان الخطاب الإعلامي لأذناب المجلس العسكري يتحدث صراحة _هذه هي الثورة التي تريدونها... ماذا فعلت لكم غير الفوضى وغياب الأمن_ مما دفع كثيرين لرفض الثورة ومرشحيها في الانتخابات. ثانياً: انشغال القوى الثورية بخلافاتها وعدم التواصل مع الجماهير مما أثر كثيراً على تصويت الناخبين، وهو السبب نفسه الذي خسرت بسببه التيارات الليبرالية الانتخابات البرلمانية، لكن في هذه الحالة انضم إليهم حزب الحرية والعدالة في الجدال والخلاف فخسر الجميع. أما الأسباب الظاهرة والتي كانت سببا مباشرا لما حدث: * ضعف الأداء البرلماني لحزب الحرية والعدالة تحديداً نظراً لانشغاله بالصراع مع مجلس الوزراء والمجلس العسكري فلم يتم تحقيق أي مطلب جماهيري أو حل أي مشكلة تمس الحياة اليومية للمواطنين فعاقبه الناخبون بعدم التصويت لمرشحه. * الأداء المهتز لبعض مرشحي الرئاسة المصنفين كقوى ثورية خصوصاً أبوالفتوح ومحاولته اللعب على جميع الحبال لنيل أصوات كل التيارات فأصاب الجميع بفقدان الثقة مع الناخبين. * نجاح حملة شفيق في استغلال فشل الآخرين والظهور بمظهر _رامبو_ السينما الأمريكية القادر على تحقيق الأمن والاستقرار وحل المشاكل بين ليلة وضحاها. يبقى السؤال الأخير: كيف الخروج من هذا المأزق؟ بداية أي حل أن نعترف بوجود المشكلة، وأعتقد أن الجميع الآن يدرك ذلك. والحل ببساطة وبالمنطق هو القضاء على أسبابها ولكن بعض الأسباب تحتاج إلى وقت طويل (مثل الأداء البرلماني والتواصل الجماهيري) ولم يتبق سوى أسبوعين على الإعادة فما هو الحل السريع؟ * كشف خداع حملة شفيق وقدرته الهوليوودية على تحقيق الأمن وكذلك فضح ارتباطه الجيني والجنيني بالنظام السابق. * نبذ الخلافات بين القوى الثورية والاصطفاف وبسرعة وراء المرشح الآخر- ولو اضطراراً- (الضرورات تبيح المحظورات ودفع الضرر مقدم على جلب المنفعة) للقضاء على أي فرصة لشفيق للفوز. هذا هو الحل الوحيد المتاح الآن لإنقاذ الثورة إلا إذا كان البعض- وهم موجودون بالفعل- يتمنون فشلها ويسعون إلى ذلك.