ما تزال مختلف القطاعات الصحّية والمستشفيات تعرف نقصا كبيرا في التموين باللّقاحات الخاصّة بالرضّع، والتي أدرجت ضمن السلم الوطني للتلقيح، ما أثار استياء الأولياء الذين تساءلوا عن سبب ندرة هذه المادة رغم إلزامية الاستفادة من التلقيح في المراحل الأولى لحياة الطفل ضمن تسلسل زمني محدّد حفاظا على صحّته، لتمرّ بذلك الآجال المحدّدة للتلقيح دون أن يستفيد الكثير من الأطفال من هذه اللّقاحات وهو ما قد يؤثّر على صحّة الطفل ويجعله عرضة للأمراض. بالرغم من تطمينات وزارة الصحّة وإصلاح المستشفيات بالسير الحسن لبرنامج التطعيمات الذي أكّدت الوزارة في وقت سابق خلوه من أيّ تذبذب أو تأخير ما تزال العديد من المستشفيات والقطاعات الصحّية تعاني من نقص كبير في اللّقاحات المخصّصة للرضّع، حيث تستمرّ ظاهرة ندرة اللّقاحات رغم تأكيدات الوزارة بأنها في طريقها إلى الحلّ النّهائي. وفي ظلّ استمرار هذه الأزمة يعيش الأولياء حالة من الغضب والقلق، لا سيّما مع تأخّر عملية تلقيح أبنائهم حسب التوقيت الزّمني المطلوب وظهور حديث عن استفحال ظاهرة المتاجرة باللّقاحات الخاصّة بالمواليد الجدد من طرف بعض العيادات الخاصّة، حيث تفوق قيمة اللّقاح 1500 دينار في حين تقدّمها المصحّات العمومية بصفة مجّانية. وفي حديثها عن ظاهرة ندرة اللّقاحات المخصّصة للرضّع تروي إحدى الأمّهات رحلتها للبحث عن لقاح لابنتها التي تبلغ من العمر تسعة أشهر، حيث أكّدت أنها تنقّلت بين العديد من المصالح الاستشفائية إلاّ أنها كانت تواجه في كلّ مرّة مشكلة ندرة اللّقاحات التي أكّدت أنها منتشرة في كافة القطاعات الصحّية، مشيرة إلى لجوء بعض المكلّفين بعمليات التلقيح داخل بعض المستشفيات إلى تخزين الكمّيات القليلة للّقاحات الموجودة لتوجيهها لصالح (المعارف)، وهو ما استفادت منه محدّثتنا، مضيفة أنها استطاعت أن تتحصّل على موعد من أحد معارفها لتطعيم ابنتها قبل أن تتجاوز السنّ المحدّد للاستفادة من ذلك اللّقاح. وأشارت الأمّ في ذات السياق إلى أن حالها لا يختلف كثيرا عن حال العديد من الأولياء الذين يعانون من مشكل ندرة اللّقاحات التي من المفترض أن يتلقّاها الرّضيع فور ولادته وخلال الأشهر الموالية لميلاده، مؤكّدة أن الكثير من الأطفال تجاوزوا السنّ المطلوب لتلقّي إحدى هذه اللّقاحات بسبب النقص الكبير في التموين الذي تعيشه أغلب المستشفيات والقطاعات الصحّية. للإشارة، فقد حذّرت التنسيقية الوطنية لمهنيي الصحّة في ندوة صحفية لها عقدت في وقت سابق من الأخطار التي قد تنتج عن ندرة اللّقاح على مستوى المؤسسات الاستشفائية، مشيرة إلى إمكانية عودة بعض الأمراض النّادرة في هذا العصر كالسعال الديكي والدفتيريا والالتهابات الرئوية، في حين طمأن مدير الوقاية بوازارة الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات إسماعيل مصباح في تصريح له خلال ندوة صحفية عقدت شهر ماي المنصرم الأولياء مؤكّدا أن الوزارة الوصية قرّرت أن تكون 2012 سنة دون ندرة في اللّقاحات والأمصال وذلك من خلال تخصيص كمّية من اللّقاحات تكفي لتغطية حاجة المستشفيات لمدّة ستّة أشهر، موضّحا أن معهد (باستور) سيزوّد بكمّية تسدّ الاحتياجات الوطنية لمدّة ستّة أشهر أخرى. ومن جهته، أفاد مدير معهد (باستور) في تصريح له لإحدى الصحف الوطنية بأن المعهد لا يتحمّل مسؤولية أزمة اللّقاحات التي تعيشها المصحّات والمستشفيات عبر كامل التراب الوطني. وفي ظلّ تباين التصريحات وتضاربها يبقى الطفل هو المتضرّر الوحيد من الأزمة في ظلّ حرمانه من أبسط وسائل الحماية، أمّا الأولياء فما عليهم إلاّ مواصلة رحلاتهم بين المصحّات والمصالح الاستشفائية علّهم يلتقون بأحد المعارف الذي قد ينقذ فلذات أكبادهم من بعض الأخطار الصحّية التي يكون الطفل عرضة لها في غياب اللّقاح، وذلك في انتظار أن تجد وزارتنا الوصية حلاّ لهذا المشكل الذي طال أمده وصار يهدّد صحّة الكثير من أطفالنا.