** أعاني منذ ستة أعوام من الفشل الدراسي.. بعد حصولي على البكالوريا التحقت بالجامعة، في كلية لم أكن راغباً فيها، فُصلت منها بعد خمس سنوات فيها بسبب استنفاد عدد مرات الرسوب، والتحقت العام الماضي بكلية أدنى منها مستوى، وحدث لي فيها أمر عجب لتستمر رحلة فشلي دون انقطاع، وليمر بي قطارُ العمر وأنا في مكاني لا أبرحه.. ما حدث أنه بعد أن تم إعلان نتيجتي بأني ناجح مع نهاية العام الدراسي الماضي، تم إبلاغي في بداية هذا العام بأن نتيجتي كانت خاطئة، والسبب في ذلك أنه لم تُضف لي درجات أعمال السنة الخاصة بي، وتم إضافتها لطالب آخر يحمل نفس اسمي الرباعي.. فلماذا يحدث معي كل هذا؟ لا ألتحق بالكلية التي أريدها لنقص درجتين، وأُفصل من الكلية بسبب مادة واحدة، وأرسب بسبب خطأ غيري؟! لم أجد من يسمعني وأنا أنهار كل يوم، ولا أتمنى سوى الموت، وأرهق نفسي في ممارسة عادة سيئة ومشينة من استمناء وتدخين سجائر لم أعتدها إلا قريبا.. أريد أن أدمر نفسي، وأشعر بأن لا معنى للحياة.. فأين أنا وقد كنت مواظبا على الصلوات، وكنت قد اشتركت في دورة علمية اجتزت فيها مراحلها التمهيدية بنجاح كبير.. تركت كل ذلك وأنا أشعر بالعجز الشديد على فعل أي شيء.. أرشدوني مأجورين.. * بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي: أولا: الابتلاء ليس دليل بغض الله لك، فإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم.. ولكن المشكلة عندنا أننا نفسر الابتلاء بأن يموت للإنسان أحد، أو أن يفقد عضوا من أعضائه، أو أن يصاب بمرض شديد، أو ما إلى ذلك مما يفسر الناس به الابتلاء.. ولكن في الحقيقة الابتلاء معناه الاختبار في أي شيء يمكن أن يكون هذا الاختبار، فقد يختبر الإنسان في نفسه أو في ماله أو في أحد أقاربه أو في دراسته، المهم أن يصبر على هذا الابتلاء.. قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).. وأنا حينما أقول لك إن الله يحبك فأنا حينئذ فقط لا أطيِّب خاطرك بكلمات معسولة أو عذبة، ولا أقول لك كلاما لفض المجالس كما يقولون. وإنما هذا هو كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه)، فالله سبحانه وتعالى يبتليك ليرى هل ستصبر أم لا؟ ثانيا: أنك إنسان قادر على النجاح والإنجاز، ولست -كما تقول- مدمرًا لا تستطيع فعل شيء، كلا بل تستطيع أن تنجح، وأن تحقق نتائج طيبة، خاصة أنك قلت إنك اشتركت في بعض الدورات العلمية واجتزت فيها مراحل بنجاح كبير وبتفوق.. فهذا دليل قاطع على أنك تستطيع القيام بشيء.. لذا فما ينبغي أن يدب اليأس إليك، أو أن تصاب بالعجز وقلة الحيلة، وأن تعلم أنك إنسان قوي لديك ملكات وإمكانيات وقدرات، فلا تستسلم لهذا الشعور القاتل المدمِّر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز). ليس الفشل في الدراسة هو نهاية الكون.. هناك نماذجٌ كثيرة لم تنجح في دراستها، وقدموا اختراعات تحتاج إليها الدنيا كلها الآن. أعطيك مثلا صانع المصباح الكهربائي (أديسون) كان فاشلا في دراسته، وحكم عليه كل الأساتذة أنه لم يفلح في شيء، ولم ينجح في شيء، حتى في اختراعه للمصباح جرَّب أكثر من 99 تجربة فاشلة حتى وصل إلى هذا الاختراع الذي يحتاج إليه كل الناس، ويستخدمه كل الناس الآن. فلا تستسلم ولا تيأس، وابحث عن المجال الذي تبدع فيه وتعطي فيه، والله يوفقك ويسدد خطاك. ثالثا: نعم ما أنت فيه من قدر الله ومكتوب عليك، ولا بد أن تراه، ولكن أن تفر من هذا إلى معصية الله فهذا هو الخطر، وهذا هو ما لا يرضي الله تبارك وتعالى.. واعلم -أخي الكريم- أنه لن تزيدك المعصية إلا هما وكربا وضيقا، وإذا ما أردت الفرج فلذ بالله والجأ إليه، واطرق بابه، وارفع إليه يديك، وتوجه إليه بقلبك أن يجعل لك فرجا ومخرجا.. ولك في نبي الله يونس -عليه السلام- المثل الأعلى؛ فبينما هو في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قاع البحر، وظلمة بطن الحوت، الموت محقق والهلاك واقع لا محالة، إلا أنه رفع يده إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين). فعليك يا أخي بطاعة الله سبحانه وتعالى فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها، وإنما عند الله لا ينال إلا بطاعته، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب). وختاما أوصيك بهذه الوصايا: 1- الدعاء الملح على الله تبارك وتعالى أن يجعل لك فرجا ومخرجا. 2- ابحث عن مجالات تبدع فيها تخرج فيها عبقريتك. 3- ابحث عن صحبة صالحة تخرجك من هذا الفراغ، وتملأ عليك حياتك. نسأل الله لك التوفيق والسداد، وصلاح الحال في معاشك ومعادك.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. * عن (الإسلام اليوم). * هناك نماذجٌ كثيرة لم تنجح في دراستها، وقدموا اختراعات تحتاج إليها الدنيا كلها الآن. أعطيك مثلا صانع المصباح الكهربائي (أديسون) كان فاشلا في دراسته، وحكم عليه كل الأساتذة أنه لم يفلح في شيء، ولم ينجح في شيء، حتى في اختراعه للمصباح جرَّب أكثر من 99 تجربة فاشلة حتى وصل إلى هذا الاختراع الذي يحتاج إليه كل الناس، ويستخدمه كل الناس الآن.