تعيش أكثر من 700 عائلة قاطنة بمنطقة (الغرابة) المتواجدة على مستوى بلدية بوسماعيل غرب العاصمة حياة العزلة والترييف، فضلا عن هاجس الخطر المحدق بها نتيجة طبيعة سكناتها القصديرية الهشة المحاذية للوادي الذي تحول إلى مفرغة من النفايات والتي تهدد هؤلاء بكارثة بيئية، وحسب السكان مخاطر الأوبئة باتت تهدد الصحة العمومية جراء انتشار الأمراض المزمنة والمعدية التي نجمت عن انتقال الأمراض بسبب غزو القمامات والتي انجر عنها انتشار الحشرات المؤذية التي نقلت العدوى خصوصا بين الأطفال، فضلا عن انتشار القوارض والأفاعي التي وجدت ضالتها بالمنطقة خصوصا ونحن في فصل الصيف. ويضيف محدثونا أن المخاطر لا تقل أهمية في فصل الشتاء أين تعرض فيه هؤلاء إلى كارثة بعدما فيضانه خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث عرفت التقلبات الجوية ذروتها وهذا نظرا لسيارانه المستمر دون انقطاع طوال أيام السنة لتزداد المخاوف مع اقتراب كل فصل شتاء، إذ يتضاعف الخوف ويعيش هؤلاء في رعب وترقب دائمين نظرا للمخاطر المحيطة بهم. وقد عبرت العائلات القاطنة بالمزرعة عن تخوفها من الخطر المحدق بها، بحيث يعيشون بسيكوزا حقيقيا تزداد حدته كلما حل فصل الشتاء، وبهذا الصدد، أكد لنا بعض من التقيناهم أنهم يبيتون قياما ليلة التساقط خوفا من أن تمتد المياه إلى داخل البيوت في حال امتلاء الوادي الذي يعبر كامل الحي قدوما من أعالي خميستي المدينة ليصل إلى غاية أسفل البلدية، فيما أكد أحد أقدم قاطني الحي أن الوادى كان مخصصا للسقي، غير أنه تحولت مهامه في السنوات الأخيرة ليصبح مركزا ومصبّا لرمي الأوساخ وفضلات السكان، بحيث يتحول الحي إلى شبه مفرغة تزداد حدتها في فصل الصيف حيث تنبعث منها روائح كريهة تصل إلى غاية المنازل المجاورة التي أضحى الباعوض والذباب ديكورها اليومي في ظل انعدام متابعة دورية للأودية من طرف الجهات المسؤولة عن العملية. وكانت العائلات قد دقت مرارا ناقوس الخطر فيما يخص هذا المشكل الذي أصبح هاجسهم اليومي منذ أن وطأت أقدامهم الحي الذي سكنوه بطريقة فوضوية وعشوائية بعدما تم تنصيب بيوتهم على ضفاف الوادى في العشرية السوداء ما بين سنة 1994 و 95 هروبا من بطش آلة الإرهاب الدموية بحثا عن الأمن والاستقرار بالقرب من هياكل الدولة قادمين من مختلف مناطق الوطن خاصة منها الولايات الداخلية والمناطق المعزولة التي كانت ملاذا والمكان المفضل للإرهابيين الذين تمكنوا من فرض هيمنتهم على هؤلاء السكان العزل الذين تخلوا عن أراضيهم وممتلكاتهم في سبيل العيش في أمن وسلام رفقة ذويهم، ليصطدموا بعد ذلك بعدة مشاكل اجتماعية أخرى نغصت حياتهم من بينها ندرة المياه الصالحة للشرب وانعدام الغاز والكهرباء هي بدورها مفقودة بالحي، بحيث يلجأ السكان إلى عملية القرصنة وطريق الكوابل العشوائية التي تعتبر جد خطيرة هي الأخرى على حياتهم التي يبدو بأن الأخطار أصبحت مصيرهم المحتوم عليهم. ومازاد الطين بلة هو الانتشار الواسع للأفاعي خلال الفترة الأخيرة مما أدخل هؤلاء السكان نفقا مظلما زاده هاجس الهلع والخوف بعد غزو الأفاعي والعقارب التي عرفت انتشارا كبيرا في الآونة الأخيرة، وفي السياق ذاته أبدى بعض السكان تخوفهم على أنفسهم وأطفالهم من اللدغات. وفي هذا الشأن يطالب السكان السلطات المحلية والولائية بانتشالهم من مخاطر الوادي المتعفن من جهة والأمراض التي تفتك بهم من جهة أخرى، مطالبين بتصفية هذا الأخير من الأوساخ والقمامات والمطالبة بترحيلهم إلى سكنات لائقة تجنبا لكارثة إنسانية لا يحمد عقباها.