يعد شهر رمضان الكريم، بمثابة الفرصة السانحة للربح وجمع بعض الأموال بالنسبة للبعض من العائلات الجزائرية متوسطة الدخل، حيث يقومون باستغلال أيام الشهر الكريم في التجارة ببعض المواد الاستهلاكية، التي تشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين، خلال هذا الشهر الفضيل، ومن بينها (الديول) و(المطلوع) وغيرها من المواد التي يتم صنعها بطريقة تقليدية في البيت. وبما أنها مواد لا يمكن الاستغناء عنها، ولا ليوم واحد خلال شهر رمضان، فإنه يتم استغلال الوضع من طرف العديد من التجار، وهذا من أجل كسب المزيد من الأرباح، وأيضا بالنسبة لبعض ربات البيوت اللواتي يتقن صنعها، واللواتي يجدن الفرصة في هذا الشهر لجمع بعض الأموال، ومساعدة أزواجهن في مصروف البيت، خاصة وأن شهر رمضان يتطلب أموالا ومصاريف كثيرة. وفي هذا الشأن، قمنا بالحديث مع بعض السيدات، اللواتي يمتهن هذه المهنة في شهر رمضان، حيث تقول السيدة مريامة، وهي أم لأربعة أولاد، بأنها اعتادت على تحضير (الديول) في شهر رمضان الكريم، منذ أن كانت في بيت أهلها، وهذا رفقة أمها وبقية أخواتها، لتضيف أيضا أنها توقفت عن تحضيرها منذ أن تزوجت، غير أن المشاكل التي تعاني منها الآن، خاصة وأن دخل زوجها لا يكفي لسد احتياجاتها، واحتياجات أطفالها، في الأيام والشهور العادية، فما بالك بشهر الصيام، أين تكون المتطلبات والحاجيات أكثر من أي وقت، كما تكون الأسعار مرتفعة أيضا، وهذا ما جعلها تقرر مساعدة زوجها، عن طريق تحضير (الديول) وبيعها، وبما أن أكبر أطفالها لا يتجاوز العشر سنوات، فهي تقوم باستقبال زبائنها في منزلها، لتعقب بأنها تتعب كثيرا، خاصة وأنها تجد نفسها منقسمة بين أعمال المنزل وتحضير وجبة الفطور، وكذا تحضير عجائن (الديول)، لينتهي يومها وهي في حالة تعب شديد. من جهتها تقول السيدة سكينة، بأنها تقوم بتحضير المطلوع منذ عدة سنوات، وهذا من أجل سد احتياجات بيتها، خاصة وأن الأرباح المعتبرة التي تحصلها من بيع (المطلوع) تكفيها لسد متطلبات الشهر، كما تمنحها الفرصة لشراء ملابس العيد لأطفالها. ولعل أهم ما يلفت الانتباه في هذه التجارة، هو العدد الهائل للأطفال الذين لا يتجاوز أكبرهم الخامسة عشر من عمره، وهم يتخذون من أحد الأركان في الأسواق مكانا لهم يستعرضون فيه سلعهم المختلفة والمتنوعة، وبأسعار جد معقولة، ولدى اقترابنا من أحمد صاحب العشر سنوات، والذي كانت ملامح الحيوية والنشاط تملأ وجهه، حيث كان واقفا وبجانبه قفة كبيرة مليئة (بالديول)، إذ أخبرنا بأنه اختار العمل في شهر رمضان، دون قضائه في اللهو واللعب كبقية أقرانه، لأنه أراد مساعدة والديه، خاصة وأن والده يعاني من مرض مزمن أقعده في الفراش، ليضيف قائلا إنه وبهذه الطريقة سيتمكن من توفير بعض الأموال، التي تساعده على شراء الأدوات المدرسية، التي يحتاج إليها. ليضيف شكيب، بأنه يبيع المطلوع الذي تحضره والدته، ابتداء من صلاة العصر، لأنه الوقت الذي يشهد إقبالا كبيرا على الأسواق، خاصة من طرف العمال، وهو ما يعطيه الفرصة لبيع كل سلعته، وبالتالي كسب بعض المال، الذي يعطيه لأمه، بعد أن يأخذ نسبته منه، وهي النسبة التي يقوم بادخارها، إلى اليوم الذي يحتاجها فيه.