بقلم: الدكتور عائض القرني نحتاج في رمضان إلى أن نذرف دمعة ندم على ما فرطنا في جنب الله وأخطأنا مع ربنا ومع أنفسنا، نحتاج في رمضان إلى أن نعصر جفوننا لتخرج ماء ساخناً يغسل أدراننا وخطايانا، نحتاج في رمضان إلى انكسار وتأسف على ما صنعنا بأنفسنا وأمتنا، نحتاج في رمضان إلى الاعتراف بالاقتراف، والإقرار بالأوزار. لقد اعترف أنبياء الله ورسله –عليهم الصلاة والسلام– بذنوبهم وبكوا منها؛ فهذا الخليل إمام التوحيد –عليه السلام– يقول: "والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين"، ويونس بن متى يقول: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، هذا وهم الصفوة المصطفاة، والنخبة المجتباة، فكيف بنا ونحن أهل الذنب والخطأ؟.. فمتى نتوب إذن إذا لم نتب الآن؟ متى نأسف إذا لم نأسف اليوم؟.. وفي الحديث "رغم أنف من أدركه رمضان ولم يغفر له"! فيا من تكاثرت ذنوبه، وتعاظمت سيئاته هل من دمعة؟ هل من رجعة؟ هل من تأسف؟ هل من تحسر؟. إن رمضان فرصة عظيمة لعتق الرقاب من النار، ومن غضب الجبار: إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقِّهم عتقوهم عتقَ أبرارِ وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً شِبنا من الرقِّ فاعتقنا من النارِ وأخرى أوصيكم بها أعز وأجل؛ وهي أن يعلن الواحد منا عفواً عاما عن إخوانه المسلمين حتى يعفو الله عنه؛ يعفو عن من أساء إليه أو شتمه أو سبَّه أو آذاه، فإن الله يغفر لمن يغفر للناس، ويرحم لمن يرحم الناس، والذي لا يرحم الناس لا يرحمه الله. إن الصائم من أرحم الناس؛ لأنه ذاق الجوع، ووجد الظمأ وعاش المشقة، فبدأت نفسه تتوق لرحمة المسلمين، والحنان إليهم، واللطف بهم. إن من أعظم ما يعود على المسلم في هذا الشهر الكريم: توبته وإنابته إلى ربه، ومحاسبته لنفسه، ومراجعته لتاريخه، فهذا الشهر هو موسم التوبة والمغفرة وشهر السماح والعفو، فهو زمن أغلى من كل غالٍ، وأنفس من كل نفيس، فعلى المسلم أن يستغل دقائقه وساعاته فيما يرضي الله؛ جاء عنه –عليه الصلاة والسلام– أنه قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها". الإساءات منّا كثيرة والعفو منه أكثر، الخطأ منا كبير ورحمته أكبر، الزلل منا عظيم ومغفرته أعظم. فنسأل الله أن يرحمنا رحمة واسعة يغفر بها الذنب، ويمحو بها الخطيئة، ويعفو بها عن الزلل. * نقلاً عن الموقع الرسمي للداعية