مفارقة غريبة تعكس واقعا مريرا يحياه المصريون اليوم تتمثّل في قيام إعلامي مصري على التلفزيون الرّسمي بالتحذير من وقوع كارثة في سيناء، قبل ثلاثة أيّام من وقوع المجزرة التي أودت بحياة 16 شهيدا من جنود مصر، وهو الأمر الذي يبدو أن الاستخبارات المصرية لم تأخذه على محمل الجد وإلاّ كانت ربما نجحت في إحباط المخطّط الجهنمي. انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) بعد مجزرة سيناء مقطع فيديو للإعلامي المصري أسامة كمال مقدّم برنامج (نادي العاصمة) على الفضائية المصرية في حلقة الخميس الماضي، حذّر فيها من أحداث رفح قبل وقوعها. وقال كمال في المقطع: (بعيدا عن الحكومة لديّ قلق من بعض الأمور، مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تحذيرات تحثّ المواطنين الإسرائيليين المتواجدين في سيناء على العودة فورا إلى إسرائيل وسط تحذيرات من وقوع هجمات عنيفة. وتابع كمال قائلا: (استندت الحكومة الإسرائيلية في تحذيراتها إلى معلومات تزعم أن مجموعات مسلّحة في قطاع غزّة تنشط في المنطقة وتخطّط لمهاجمة أو خطف سائحين إسرائيليين. وأردف المذيع المصري خلال حديثه على الهواء (عايز أقول إنّو النّاس دي ما ترميش كلام في الهواء، النّاس دي لمّا بتقول على حاجة تبقى مخطّطة لحاجة ثانية تعملها من قبلها، لابد على من قوّاتنا المسلّحة المصرية على الحدود أو الشرطة أو أهل السياسة أو الرئيس أن يحترسوا عندما تصدر هذه التصريحات من الجانب الإسرائيلي، فلابد أن نكون على أقصى درجات الحرص). في سياق ذي صلة، وجّه روّاد مواقع التواصل الاجتماعي المصريون غضبهم اتجاه الدولة المصرية بمؤسساتها الأمنية محمّلينها مسؤولية التقصير الأمنى في إهمال التحذيرات التي تمّ تداولها على وسائل الإعلام العالمية الأسابيع الماضية حول تحوّل سيناء إلى مرتع للجماعات الجهادية، فضلا عن التحذيرات التي وجّهتها إسرائيل لرعاياها منذ ثلاثة أيّام، خاصّة بيان هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذى حذَّر فيه الإسرائيليون من خطورة السفر إلى سيناء في الوقت الحالي، وقوبل ذلك بتصريحات من الأجهزة الأمنية المصرية ذكرت فيها أن سيناء آمنة متّهمة الجانب الصهيوني بنشر الشائعات لضرب السياحة. وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى بإقالة القيادات المسؤولة عن تجاهل تلك التحذيرات بالأجهزة الأمنية المختلفة والتعامل معها بحسم حتى لا يتكرّر هذا الإهمال مرّة أخرى، مطالبين بتغيير السياسات الأمنية التي تتبعها تلك الأجهزة في تأمين الحدود المصرية-الإسرائيلية في ظلّ تزايد مثل تلك الحوادث بعد ثورة جانفي والعمل على استعادة هيبة الدولة على كامل أراضيها.