السيد عطاف يستقبل نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    اللواء بخوش : مصالح الجمارك تعمل من أجل تعزيز دور المرأة الجمركية وإشراكها في صناعة القرار    غريب يستقبل ممثلي مجموعة "بهوان" العمانية وشركة "هيونداي" الكورية لصناعة السيارات    بورصة الجزائر: إدراج بنك التنمية المحلية الخميس المقبل    بوتسوانا تجدد دعمها الثابت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و الاستقلال    حركة "حماس" تؤكد استعدادها للشروع فورا بمفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار    وزيرة التضامن تشارك بنيويورك في أشغال الدورة ال 69 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة    العاصمة: ايقاف 45 شخصاً وحجز 9008 أقراص مهلوسة    إطلاق الحملة الوطنية للحد من التبذير خلال شهر رمضان    عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بالجزائر العاصمة    معسكر..افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    وهران..الطبعة ال17 للدروس المحمدية بالزاوية البلقايدية من 13 إلى 21 مارس    ثورة التحرير المجيدة : بوقاعة لم تنس محتشد 11 مارس 1958 و شهدائه    كأس الجزائر/ الدور ثمن النهائي:حامل اللقب في مواجهة اتحاد الشاوية و داربي عاصمي واعد في القبة    الألعاب الإفريقية المدرسية 2025 : 25 اختصاصا في برنامج الطبعة الأولى في الجزائر    كأس الجزائر/ الدور ثمن النهائي: نقل مباراة شباب بلوزداد - اتحاد الشاوية الى ملعب 5 جويلية    وزير الداخلية الأسبق دحمون رهن الحبس المؤقت    ثورة ثورة حتى النصر..؟!    استشهاد 24 صحافية فلسطينية خلال حرب الإبادة الصهيونية    أضرار أكل المخللات في رمضان    جزائريون يدمنون على أنواع من الخبز في رمضان    تم فتح 15 نقطة بيع للأسماك مباشرة بوهران    مزيان يشرف على حفل تكريمي للعاملات والإطارات    مجلس الوزراء : المجلس يدرس إمكانية استيراد مواشي    الوزير الأول يشرف على حفل تكريم عدد من النساء الجزائريات    تعميق الممارسة الديمقراطية    مائدة إفطار على شرف أفراد الجالية بالسعودية    "البيام" و"الباك" التجريبيان ما بين 18 و22 ماي    تخصيص فضاء لهواة جمع الطوابع بالبريد المركزي    مسعودي لطيفة.. من مستثمرة فلاحية إلى التصدير    بيع "المطلوع" و "الديول" و"الحشيش" لدعم مصروف العائلة    "حماس" تنفي انفتاحها على هدنة مؤقتة في غزة    "حلف الشيطان" يتآمر لزعزعة استقرار المنطقة    ارتفاع صادرات النفط الجزائري ب31%    الأولوية للمعدّات وقطع الغيار المحلية قبل الاستيراد    112 مسجد قيد الإنجاز    "الفاف" تستغرب رفض عمر رفيق اللعب مع الجزائر    18صورة تعكس جمال وثراء الأعماق    لاعب المنتخب الوطني، أمين غويري    بلايلي يعود إلى "الخضر" من الباب الواسع    "الحريرة".. "المعقودة" و"طاجين الحلو" زينة مائدة رمضان    "بنات المحروسة" الأوّل ب 4,1 مليون مشاهدة    "القوال".. استثمار في الفن الشعبي وتعريف الناشئة به    التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة : اختتام العملية الانتخابية على مستوى المجالس الشعبية الولائية    مجالس رمضانية في فضل الصيام    نحو استيراد مليون رأس من الماشية    الأسرة المسلمة في رمضان.. وصايا ومواعظ    دعاء : من أجمل ما دعي به في رمضان    قويدري يشيد بدور المرأة    مدربه السابق يكشف سرّ توهجه في ألمانيا.. عمورة يواصل التألق ويسجل هدفه العاشر    صناعة صيدلانية: قويدري يشيد بدور المرأة المحوري في ترقية القطاع    انطلاق الطبعة 5 للمهرجان الولائي للأنشودة الدينية للشباب    سنوسي في ذمة الله    إنْ لم نقرأ ختمة أو نسمعها في شّهر القرآن.. فمتى؟!    برنامج تأهيلي للحجاج    تجديد النّظر في القضايا الفقهية للمرأة من منطلق فقهي رصين    الإنتاج المحلي يغطّي 76 % من احتياجات الجزائر    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات خدمة الحجاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الكذب الاستراتيجي
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 08 - 2012


بقلم: محمد سيف الدولة *
لا أعلم ما السبب الذي يدفع خبراء النظام العسكريين و الاستراتيجيين السابقين إلى إدمان تضليل الرأى العام المصري، إلى هذه الدرجة.
فرغم أن الجميع أصبحوا يدركون الآن عمق أزمة السيادة المصرية في سيناء بموجب معاهدة السلام، فإن هؤلاء دأبوا على الدفاع عن كامب ديفيد بمناسبة وبدون مناسبة، وعلى نفي وإنكار المخاطر الجمة والمستمرة الناشئة عن تجريد ثلثي سيناء من القوات والسلاح وبقاءها عارية أمام آلة الحرب و العدوان والتوسع الصهيونية.
ورغم أنه من مصلحة مصر الآن، بل ومن مصلحة القوات المسلحة قبل غيرها، تحرير سيناء من قيود المعاهدة، وهو ما يستدعي أن يتكاتف الجميع للمطالبة بحتمية تعديلها على أضعف الإيمان، والعمل على خلق رأي عام مصري ضاغط يدعم المفاوض المصري أمام المجتمع الدولي حين يطالب بهذا التعديل، خاصة في ظل وجود حالة ثورية يمكن أن تكون في حد ذاتها عنصرا ضاغطا فعالا.
رغم كل ذلك، يخرج لنا خبراء النظام ليخبرونا أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، ففي حديث مطول مع اللواء محمود خلف مع جريدة الأهرام في 9 أوت الماضي قال بالنص ما يلي:
((هناك حالة سلام بأقل تكلفة، لايمكن لأي طرف أن يهاجم الآخر، وهي تتيح لنا- ولهم- الالتفات للتنمية. ولا توجد قيود على الحدود، لدينا منطقة (ج) ولديهم منطقة (د) وهما منزوعتا السلاح وأغلبها مناطق وعرة لا تحتاج قوات كثيفة....ولا حاجة لنشر قوات بها، المهم وجود قوات شرطة مدربة ومدعومة من القوات المسلحة لتمشيطها، أما زيادة القوات بكثافة فستلجأ إسرائيل لطلب زيادة مماثلة على الجانب الآخر من الحدود...)) وإن((اتفاقية السلام متوافر فيها كل ما نريد من عناصر الأمان، فنحن لدينا في سيناء 25 ألف مقاتل و810 دبابات مجنزرة ومدفعيات وهذا هو الحد الأدنى، وفي حالة إلغاء الاتفاقية سوف نقوم بمضاعفة العدد إلى أكثر من250 ألف جندي لتأمين سيناء التي ستتحول إلى منطقة عسكرية مغلقة، وستتوقف المشروعات السياحية والتعدينية والخدمية والإنتاجية بها، وسنلجأ إلي عملية حشد القوات المسلحة باستمرار ومن ثم مضاعفة التكلفة ))انتهى كلام السيد اللواء وانظروا معي كم المغالطات الواردة في حديثه: أولها تجاهل أن المنطقة (د) داخل إسرائيل عرضها 3 كم فقط وليست منزوعة السلاح وإنما لإسرائيل أن تضع فيها 4000 عسكري حرس حدود مقابل المنطقتين (ج) و(ب) في سيناء، الأولى منزوعة السلاح تماما والثانية مقيدة ب 4000 عسكري حرس الحدود فقط، وأن المسافة التي تفصل أقرب دبابة إسرائيلية عن الحدود المصرية هي 3 كم فقط، في حين أن أقرب دبابة مصرية لحدودنا الوطنية على بعد 150 كم. وفي حالة أي عدوان صهيوني لا قدر الله ستكون مالطا قد خربت.
ثم مغالطته الثانية عن مناطق الحدود وتضاريسها الوعرة التى لا تحتاج إلى قوات كثيفة وأن تأمينها في حالة تعديل المعاهدة سيكون عالي التكلفة وسيضرب السياحة والتنمية في سيناء.... هكذا! وأن إسرائيل ستطلب قوات مماثلة من ناحيتها.
رغم أن لإسرائيل بالفعل الحق بموجب المعاهدة في نشر أي عدد من القوات بعد 3 كم من الحدود الدولية كما أسلفنا. كما أنه في البلاد المحترمة والمستقلة لا تتم مقايضة السيادة والأمن القومي بحديث التكلفة المادية! كما أن عن أي تنمية في سيناء يتحدث سيادته؟ ناهيك أنه ليس صحيحا أن لمصر 850 دبابة فى سيناء، بل المسموح لنا 230 فقط في المنطقة (أ)، وأخيرا أن هذه المنطقة الوعرة هي ذاتها التي جاءنا منها عدواني 1956 و1967 بقوات (كثيفة).
كان هذا نموذجا واحدا فقط من السادة الاستراتيجيين، أما النموذج الأسوأ والأخطر فهي تلك الحملة التي أدارتها الدولة لتغطية مذبحة سيناء في صحفها ومنابرها الإعلامية بالتعاون مع إعلام رجال الأعمال، فبدلا من التركيز على أن أصل الأزمة هو انعدام السيادة العسكرية في سيناء والتي تفتح الأبواب لإعادة احتلالها أو اختراقها أو لانتشار كافة أنواع الجرائم والمجرمين من الارهاب وتجارة المخدرات والخطف وتهريب الأفارقة والتجارة في الرقيق الأسود وتجارة الأعضاء البشرية وغيرها وغيرها...
فكل هذا لا يحدث إلا في سيناء لسبب واحد ووحيد وهو أنه ليس لنا هناك لا جيش ولا سيادة، وقارن ذلك بباقي أقاليم مصر ومحافظاتها، فرغم حالة الانفلات الأمنى الخطيرة وجرائم القتل والخطف والسرقة وقطع الطرق إلا أنه لا يمكن أن تتم جريمة بهذه الجرأة، جريمة العدوان المسلح المنظم على القوات المسلحة أو قوات الشرطة وإسقاط كل هذا العدد من الشهداء إلا في سيناء. لماذا؟ لأنه ليس لنا جيش هناك، أكررها مرة أخرى.
نقول بدلا من أن يستغل الإعلام المصري هذه الجريمة النكراء لفضح عيوب كامب ديفيد داخليا وخارجيا ويقود حملة وطنية ضد القيود العسكرية والتدابير الأمنية، ساعيا إلى توعية الرأي العام وتعبئته وحشده لخلق ورقة ضغط شعبية تدعم المفاوض المصري في جهوده لتعديل المعاهدة أو تمهد لهذه الخطوة الحتمية مستقبلا، مستدعيا فى ذلك كل الخبراء والخبرات القانونية والدبلوماسية والعسكرية للحوار والبحث ودراسة سبل الخروج الآمن من هذه القيود..
بدلا من ذلك اختارت حملة الدولة الرسمية، إبعاد الشبهة تماما عن إسرائيل وعن كامب ديفيد، واختارات أن توظف الحدث للضرب في فلسطين والفلسطينيين، في ترويج وتكرار لذات التوجهات والدعاية السوداء التي كان ينتهجها نظام مبارك وأصدقاءه في إسرائيل.
ليس هكذا تدار شؤون الأمن القومي، وليس هكذا تدير الشعوب حواراتها الوطنية حول مشاكلها وأزماتها الكبرى، ناهيك على أنه وبصرف النظر عن رفضنا الكامل لاستمرار سياسات الخنوع للصهاينة والخضوع للأمريكان التى اتبعها مبارك، فإن مثل هذه الحملات تندرج تحت باب التضليل والكذب الاستراتيجي، الذي لم يعد مقبولا بعد أن تسبب على امتداد عقود طويلة في استباحة سيادتنا وكرامتنا ودمائنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.