نشرت صحيفة (تشاينا ديلي) الصينية، الصادرة باللغة الإنجليزية، تحقيقًا مصورًا يبرز يومًا كاملاً في حياة الطلاب الصينيين من مسلمي قومية الويغور، خلال دراستهم بمسجد معهد شينغ يانغ الإسلامي، في منطقة (شينغ يانغ) الشمالية الغربية الصينية. وأشارت الصحيفة الصينية إلى طالب صيني من قومية الويغور المسلمة يدعى ميمتيمن عبد الله، والذي عاد مؤخرًا إلى معهد شينغ يانغ الإسلامي بعد خمس سنوات دراسية بجامعة الأزهر في مصر، حيث أعرب عن فخره بالتحول والتطور في المعهد الصيني، فيقول: (عندما كنت طالبًا بالمعهد عام 2000 لم يكن المعهد سوى مبنى واحد، ولم يكن لدينا عنبرٌ للنوم أو مطعم، لكن الآن أشعر أن الظروف المعيشية للتعليم هنا أصبحت أفضل، لكنه سيظل هناك الكثير لنتعلمه في مصر وجامعة الأزهر، لأنها مثل السباحة في بحور المعرفة). وأشار التحقيق الصحفي للصحيفة الصينية إلى أن 70% من المقررات التي يتلقاها الطلاب الصينيون في المعهد ترتبط بدراسة تعاليم الدين الإسلامي، بما في ذلك تلاوة وتفسير القرآن الكريم، واللغة العربية، والأدب ولغة الماندرين لقومية الويغور الصينية، وهي لغتهم الأصلية التي يستخدمونها في الحديث أو الكتابة إلى جانب اللغة الصينية (لغة الماندرين) وهي اللغة الرسمية للصين، ما يساعد جيدًا في التواصل بشكل أفضل مع أقرانهم المسلمين من أجزاء أخرى من الصين. ولفت إلى تاريخ هذا المعهد الإسلامي العريق الذي تخرَّج فيه منذ عام 1987، مئاتُ الطلاب ومعظمهم أصبحوا أئمة أو مدرِّسين في المدارس الإسلامية لتعليم القرآن الكريم بالمناطق الصينية المسلمة، حيث يمنح الطلاب درجة البكالوريوس ومن ثم العودة إلى مسقط رأسهم ليصبحوا تدريجيًّا جيلاً جديدًا من أئمة المساجد، إضافةً إلى توجه أعداد منهم لاستكمال دراسته في الخارج بعدد من الدول الإسلامية أبرزها مصر. وقالت الصحيفة: إن (أعمار هؤلاء الطلبة الراغبين في الدراسة في معهد شينغ يانغ تتراوح بين 18 إلى 25 عامًا، لكن بعضهم يجد صعوبة في الالتحاق بالمعهد، لأنه يتطلب الحصول على درجات عالية في امتحانات الالتحاق، فيما تدفع الحكومة الإقليمية الرسوم الدراسية للمتقدمين الناجحين لكي يكرِّسوا أنفسهم لحمل رسالة الإسلام في أنحاء الإقليم، في وقت ارتفعت أعداد الطلاب هذا العام 2012، بعدما سمحت إدارة المعهد لحوالي 40 طالبًا جديدًا بالالتحاق، وذلك بسبب ما وصفته بالتوسع في المعهد اعتمادًا على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة شينغ يانغ الصينية). وفي سردٍ سينمائي لتصوير الحياة اليومية للطلبة المسلمين الصينيين بمسجد معهد شينغ يانغ الإسلامي، وصف التحقيق الصحفي صورة كاملة، فجاء فيه أنه بمجرد أن يدخل الطلاب الصينيون إلى مسجد معهد شينغ يانغ الإسلامي من مسلمي قومية الويغور في منطقة (شينغ يانغ") الشمالية الغربية الصينية يضع عمال البناء الصينيون أدواتهم بهدوء وينتظرون ريثما ينتهي العلماء من أداء صلاة المغرب، وبعد خمس عشرة دقيقة من الصلاة يقف الطلاب ويأخذون أحذيتهم مرةً أخرى، ثم يتوجهون إلى صفوفهم الدراسية في المبنى المجاور المكوَّن من أربعة طوابق، وبعد بضع دقائق، تستأنف أفضل التلاوات القرآنية التي وصفتها الصحيفة ب(الجميلة والهادئة). وأشارت الصحيفة إلى أن يوم الطلاب من قومية الويغور المسلمة يبدأ قبل شروق الشمس مع صلاة الفجر، وعلى النقيض من الجامعات الصينية يتم تحصيل جميع المقررات الدراسية والبرامج في المدرسة في الفترة التي تلي الصلوات الخمس، فيما يعرف أن الصين لديها قرابة 10 معاهد إسلامية لكن منطقة (شينغ يانغ) بها أكبر هذه المعاهد والوحيد الذي يعلِّم لغة المجموعة العرقية لقومية الويغور. من جانبه يقول عبد رحب تورمناز، عميد معهد شينغ يانغ الإسلامي، الذي يضم حاليًّا 219 طالبًا، معظمهم من أتباع المذهب السني: (إن الطلاب الأكبر سنًّا بالمعهد هم الذين يقومون بإمامة الصلاة وتوضيح تعاليم وتفسير القرآن الكريم)، مضيفًا أن (الطلبة بعد حصولهم على درجة البكالوريوس؛ حيث يكونون قد تلقوا قدرًا كبيرًا من المعرفة العميقة بالإسلام وتعاليمه بعد خمس سنوات من الدراسة، إلا أنهم يستغرقون سنوات أخرى للتعايش واستكمال التعلم ليكونوا أئمة للمساجد مؤهلين للتعامل مع السكان المحليين من المسلمين). وأضاف أن المعهد (يحرص على وجود مقررات دراسية وحصص مطولة لتلاوة القرآن باللغة العربية، لهؤلاء الذين لغتهم الأولى ليست اللغة العربية، وحفظهم للقرآن كاملاً وتلاوته بمهارة وخشوع، لذلك يستعين المعهد بمعلمين للصوت لتدريب الطلاب النخبة ومساعدتهم على تحسين تلاوتهم بصوت ونطق صحيح؛ حيث إن الطلاب مطالبون بحفظ وفهم جزءين من القرآن الكريم في كل فصل دراسي، كما أن السكان المحليين لا يتقبلون إمامًا للمسجد لا يمكنه الترتيل وتلاوة القرآن الكريم بطلاقة وتمكُّن عن ظهر قلب). وفي هذا الصدد، يقول جمارلتين واهلي، أحد طلاب المعهد: (ببساطة حفظ القرآن لا يكفي، فأنا في حاجة لفهم المعنى الدقيق لكل كلمة؛ حتى أتمكن من تفسير ذلك بشكل صحيح للناس)، ورغم أن الطالب الصيني واهلي ما زال في السنة الثانية من المعهد فإنه بالفعل أحد المتميزين بالمعهد الذي يمكنهم تلاوة الثلاثين جزءًا من القرآن الكريم بإجادة؛ حيث حاز هذا العام على جائزة التميز في المسابقة الدولية في دولة الإمارات بعد اختياره من قبل الجمعية الإسلامية الصينية لتمثيل الصين في تلاوة القرآن الكريم؛ لما يمتلك من صوت رنان ونطق دقيق. * يحرص المعهد على وجود مقررات دراسية وحصص مطولة لتلاوة القرآن باللغة العربية، لهؤلاء الذين لغتهم الأولى ليست اللغة العربية، وحفظهم للقرآن كاملاً وتلاوته بمهارة وخشوع، لذلك يستعين المعهد بمعلمين للصوت لتدريب الطلاب النخبة ومساعدتهم على تحسين تلاوتهم بصوت ونطق صحيح، حيث إن الطلاب مطالبون بحفظ وفهم جزءين من القرآن الكريم في كل فصل دراسي، كما أن السكان المحليين لا يتقبلون إمامًا للمسجد لا يمكنه الترتيل وتلاوة القرآن الكريم بطلاقة وتمكُّن عن ظهر قلب.