يمثّل اللوبي الصهيوني أقوى جماعات الضغط في الولايات المتّحدة الأمريكية التي تنتخب رئيسها اليوم الثلاثاء لما يمتلكه من سيطرة وتأثير في العديد من مجالات الحياة الأمريكية (السياسية، الاقتصادية، الإعلامية والأكاديمية) يسخّرها لهدف واحد هو حماية الكيان الصهيوني ودعمه بشكل كامل أمام أعدائه. يتميّز اللوبي اليهودي ب (التنظيم) على خلاف غيره من جماعات الضغط التي تنتمي إلى جاليات أخرى ربما تفوقه عددا ولا تملك عشر تأثيره، فضلا عن أن البنية الأمريكية تشكّل حاضنة له من عدّة جهات أبرزها الدين وتشابه النشأة وقوة الصهيونية المسيحية. وتبدو أهمّية دور اللوبي الصهيوني في التأثير على السياسة الأمريكية من ثلاث زوايا: تغلغل اليهود في عصب الاقتصاد الأمريكي، عدم انخراط اليهود في أيّ من الحزبين (الجمهوري أو الديمقراطي) وبقاؤهم على الحياد يرجّحون كفّة الحزب الذي يلتزم بمصالح الصهيونية العالمية من أجل وحدة المصالح الأمريكية والصهيونية. ويمارس اللوبي استراتيجيتين واسعتين لتعزيز الدّعم الأمريكي للكيان الصهيوني. الأولى: أنه يمارس نفوذًا عظيمًا في واشنطن، بالضغط على كلّ من الكونغرس والفرع التنفيذي لدعم (الكيان الصهيوني) دائمًا، ومهما تكن الآراء الخاصّة لأحد صنّاع القانون أو صنّاع السياسة يحاول اللوبي أن يجعل دعم الكيان الصهيوني هو الخيار السياسي (الذكي). الثانية: هي أن اللوبي يكافح من أجل أن يضمن أن الخطاب العام بشأن الكيان الصهيوني يصوّره على نحو إيجابي، بترديد الأساطير عن الكيان وتأسيسه وتعميم وجهة النّظر (الصهيونية) في النقاشات السياسية التي تجري كلّ يوم. ومن أبرز تأثيرات اللوبي الصهيوني في السياسة الأمريكية أوّلا: التأثير في الكونغرس، حيث أن أحد أعمدة فاعلية اللوبي هو نفوذه في الكونغرس، حيث تهيمن (الرؤية الصهيونية) في واقع الأمر، وهذا بحدّ ذاته وضع فريد لأن الكونغرس لا يتجنّب أبدًا القضايا الشائكة ولابد أن يكون هنالك نقاش حي لها في الكونغرس، لكن حيثما يكون الأمر متعلّقًا ب (الكيان الصهيوني) يخيّم الصمت على الجميع ولا يتمّ فيها النقاش مطلقا. كما يملك اللوبي الصهيوني نفوذًا واسعًا على الفرع التنفيذي (الرئاسة)، وتنبع تلك السلطة جزئيًا من تأثير النّاخبين اليهود على الانتخابات الرئاسية. وعلى الرغم من قلّة عددهم بالنّسبة إلى عدد السكان (فهم أقل من 03 بالمائة من مجموع السكان)، إلاّ أنهم يدفعون أموالاً طائلة للحملات الانتخابية للمرشّحين من كلا الحزبين. وقدّرت صحيفة (الواشنطن بوست) ذات مرّة أن مرشّحي الرئاسة الديمقراطيين يعتمدون على الأنصار اليهود لتزويدهم بما يبلغ 60 بالمائة من الأموال. إن الصهيونية العالمية تسعى لإحكام السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة وتسخيرها لخدمة الأهداف الصهيونية، فبالنّسبة للصحافة الأمريكية لا يملك اليهود القسم الأعظم من الصحف، لكنهم يسيطرون على (المصادر الإخبارية)، وعلى القسم الأعظم من وسائل الإعلام الجماهيرية، وعلى بعض وسائل الإعلام الضخمة (نيويورك تايمز، واشنطن بوست، راديو كوربوريشن أوف أمريكا... الخ)، ولديهم أكثر من 300 صحيفة.