ما تزال تداعيات الإقصاء المرّ لمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة أمام المنتخب البوتسواني السبت الماضي بأرضية ملعب بولوغين في إيّاب الدور الثاني لتصفيات كأس أمم إفريقيا يسيل الكثير من الحبر عبر مختلف الصحافة الوطنية، كما أثار هذا الإقصاء العديد من علامات الاستفهام عن دور المديرية التقنية الوطنية ودور مدارس التكوين في إنعاش المنتخبات الوطنية الشبّانية. إذ لا يعقل بمنتخب لا وجود له في الساحة الكروية الإفريقية أن يقصي منتخبا إفريقيا بلغ المحطّة الأخيرة في الدورة ما قبل الأخيرة التي جرت بالجزائر قبل ثلاث سنوات من الآن، حيث حلّ ثالثا بعد إقصائه أمام المنتخب البوركينابي المتوّج آنذاك باللّقب على حساب الطوغو بثلاثة أهداف لصفر. القسم الرياضي أثار هذا الإقصاء الجدل حول موضوع التكوين في كرة القدم بالجزائر، وهو الملف الذي غالبا ما يعود إلى الواجهة بعد كل إخفاق لدى الفئآت الشبّانية (وكم هي كثيرة في السنوات الأخيرة). وبخصوص منتخب أقل من 17 سنة فقد كان الجميع يعتقد أنه حقّق الأهم بافتكاك التعادل في لقاء الذهاب (1-1) باعتبار أن التعادل سلبيا في مباراة العودة كان كافيا ل (شبّان) الجزائر لتحقيق التأهّل إلى النّهائيات المقرّرة بالمغرب، إلاّ أنهم أخفقوا في نهاية المطاف بعدما ضيّعوا تقدّمهم الضئيل في بداية المقابلة. المديرية الفنّية الوطنية تتبرّأ من "الفضيحة" فور خروج المنتخب الجزائري بضربات الجزاء السبت الماضي أمام بوتسوانا، سارعت المديرية الفنّية الوطنية لكرة القدم إلى (التبرّؤ) من الإقصاء محمّلة (الأندية) مسؤولية الإخفاق. وأوضح المدير الفنّي الوطني بوعلام لعروم قائلا: (علينا الاعتراف بأنه في الجزائر لا زلنا متأخّرين في ميدان التكوين، وليعلم الجميع أن هذا الملف ليس من صلاحيات الاتحادية الجزائرية لكرة القدم الفاف). وأوضح لعروم أنه (يتوجّب على الأندية أن تقوم بدورها في التكوين، وإذا ما لجأت الاتحادية إلى نشاء أكاديميات لكرة القدم فإنها اضطرّت إلى ذلك بعدما لاحظت تقصير الأندية في هذا الجانب). الأكاديميات. سلاح ذو حدّين يرى المحلّلون أنه مباشرة بعد نهاية كأس العالم تمّ التخلّي عن هذا المنتخب الذي كان يحمل آمال الكرة الجزائرية، حيث لم ينج لاعبوه من (الاندثار) على غرار ما حصل مع سابقيهم. وأكّد مسؤول المديرية التقنية أن (إنشاء الأكاديميات جاء من خلال إرادة الفاف في التصدّي في أسرع وقت ممكن للفجوات على مستوى الأندية في مجال التكوين، لكنها ليست الوسيلة المثالية لأن الشبّان بحاجة إلى المنافسة ووضعهم في الأكاديميات قد يؤدّي إلى تحطيمهم). رؤساء الأندية: "نقص المرافق الرياضية في الجزائر سبب بلايا كرتنا" دافع رؤساء الأندية عن مواقفهم مبرزين في هذا الصدد (نقص المرافق الرياضية في الجزائر)، ما يعدّ عائقا كبيرا بالنّسبة لهم لتحقيق تكوين نوعي. وعلّق النّاطق الرّسمي لأولمبي الشلف عبد الكريم مدوار على الأمر: (في الشلف غالبا ما تتأهّل فرقنا الشبّانية إلى نهائيات كؤوس الجزائر، لكن ذلك ليس إلاّ الشجرة التي تغطّي الغابة لأن هذه الفرق تحضّر في ظروف سيّئة بسبب النّقص الفادح في الهياكل الرياضية، حيث يتدرّب أحيانا هؤلاء الشبّان في ربع الميدان للسماح لفرق أخرى بالتدرّب في نفس الملعب). مراكز التكوين.. كلام لسان وحبر على الورق لإعطاء التكوين قيمته الحقيقية في الجزائر راهن الجميع على دخول الأندية المحلّية عالم الاحتراف، سيّما وأنه من بين المهام الرئيسية الموكلة لها يحتلّ عنصر التكوين مقدّمة الأولويات. لكن ذلك لم يترجم بعد على أرض الواقع، حيث لم يتمكّن أيّ فريق من الفرق ال 32 المحترفة من تشييد مركز التكوين الخاص به، وفق ما ينصّ عليه أيضا دفتر الشروط الذي التزمت بتطبيقه الأندية المعنية قبل الدخول في عالم الاحتراف. وصرّح رئيس الرّابطة المحترفة لكرة القدم محفوظ قرباج: (من المؤسف جدّا أن يركّز رؤساء الأندية مطالبهم لدى السلطات العمومية على أمور أخرى كثيرة عدا مراكز التكوين). لكن محفوظ قرباج رئيس رابطة كرة القدم المحترفة لاحظ أن تجسيد هذه الوعود لم يتمّ بعد على أرض الواقع باعتبار أن لا أحد من الأندية المعنية حصل على تلك القطع الأرضية، وتأسف أيضا لسلوك رؤساء الفرق الذين غالبا ما يركّزون في مطالبهم اتجاه السلطات العمومية على عدّة أمور أخرى، متجاهلين المطلب الرئيسي الذي كان من المفنرض بهم الاهتمام به بشكل خاص وعاجل ألا وهو الإسراع في إنجاز مراكز التكوين. وفي انتظار أن يرى المشروع النّور تبقى مختلف المنتخبات الجزائرية للفئات الشبّانية تعاني من تردّي النتائج ومعرّضة للإخفاق حتى أمام أصغر المنتخبات في إفريقيا.