توفي أمس رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السابق، محمد الصالح منتوري، عن عمر ناهز 70 سنة، إثر أزمة قلبية حادة أصابته بشكل مفاجئ في منزله بنادي الصنوبر. وخرج منتوري عن الصورة منذ تقديم استقالته من رئاسة المجلس عام 2005، وهي استقالة تبعها خروج من الساحة السياسية. وأعلنت عائلة منتوري أن جثمانه سيوارى التراب اليوم بعد صلاة الظهر بمقبرة العالية، في الجزائر العاصمة، والمرحوم من مواليد 1940 بالحامة ( قسنطينة ) من عائلة عرف أبناؤها بتفوقهم العلمي وانخراطهم في ثورة التحرير مبكرا، منهم الفقيد نفسه الذي كان عضو المنظمة المدنية لجبهة التحرير خلال الثورة ، وعضو الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين. تخرج من المدرسة العليا للتجارة بفرنسا وحمل أيضا شهادات جامعية في الحقوق والعلوم الاقتصادية، وبعد الاستقلال شغل محمد الصالح منتوري عدة مسؤوليات في الدولة ضمن مصالح وزارة العمل وصندوق الضمان الإجتماعي، الذي أصبح مديرا عام له ما بين سنتي 70 و80، لتتم ترقيته لاحقا إلى نائب وزير الشباب والرياضة، ثم شغل نفس في المنصب في حقيبة السياحة، قبل أن يعينه رئيس الحكومة الأسبق، سيد احمد غزالي، وزيرا للعمل والشؤون الإجتماعية في جوان 91، ثم وزيرا للصحة في أكتوبر من نفس السنة، وهو آخر منصب حكومي شغله قبل أن يتولى رئاسة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي و منذ الإستقالة الشهيرة للفقيد في 2005 لم يظهر له أثر إعلامي، واعتزل الظهور أو التصريحات الصحفية الكثيرة. وتكون مواقف ''الكناس'' في عهد منتوري وصراحته قد أزعجت عدة مؤسسات إقتصادية وجعلتها تسعى بكل الوسائل إلى إسكات هذا الصوت الذي كسب مع مرور الوقت مصداقية كبيرة لدى، ليس الرأي العام فحسب، بل حتى الهيئات الدولية بالنظر إلى موضوعية تقاريره وصرامتها. وكان محمد الصالح منتوري خلال كل دورات المجلس السابقة لم يتخلف يوما عن تحذير السلطات العمومية من مغبة المساس ب'' استقلالية'' هذه الهيئة التي تمثل كما قال '' فضاء للنقاش التعددي''. ومما جاء على لسان منتوري من إشارات سياسية إزاء الذين يسعون أو يرغبون في التأثير على هيئته ''إذا كان البعض يريد أن يلصق بنا صفة السلطة المضادة، فإننا لا نريد الوصول إلى ذلك ولكن هدفنا تحقيق مواطنة اقتصادية''. و أعطى منتوري، برأي الكثيرين، كثيرا من المصداقية والاحترام ل"كناس" وأعماله، خلال السنوات الأربعة عشرة التي قضاها على رأس المؤسسة، منذ تعيينه سنة 96، وظهر ذلك من خلال الصراحة التي اتسمت بها "التقارير الظرفية عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي" والتقارير الموضوعاتية الخاصة التي كانت توزع على الصحافة وتناقش في دورات منتظمة يعقدها "كناس" كل ستة أشهر. ونقل عنه رفضه أن "يتحول كناس إلى مجرد غرفة لتسجيل أرقام الحكومة".