كشفت وثائق بريطانية تاريخية تم رفع السرية عنها أن عملاء استخبارات بريطانيين كشفوا عن تورط العقيد الليبي معمر القذافي في تزويد الأرجنتين بشحنات أسلحة متنوعة سلمت عن طريق البرازيل وذلك خلال حرب جزر فوكلاند التي انتهت في منتصف جوان عام 1982 بانتصار القوات البريطانية. وأكدت الوثائق التي نشرت عبر مركز الأرشيف الوطني بعد رفع السرية عنها بموجب قانون الثلاثين عاما أن دبلوماسيا بريطانيا اكتشف أن الحكومة الارجنتينية كانت تستخدم مطارا في مدينة ريسيفي البرازيلية لاستقبال شحنات كبيرة من الأسلحة والصواريخ التي كانت ترسل في رحلات خاصة قادمة من ليبيا. وأشارت الى أن سفير بريطانيا في البرازيل جورج هاردينج أبرق الى وزارة الخارجية في لندن بتاريخ 31 ماي 1982، مؤكدا أن عميلا لدى بريطانيا كان الشخص الوحيد المخول له بالصعود الى الطائرة الأرجنتينية التي كانت تقل الأسلحة وهي محاطة بحراسة أمنية مشددة. وذكرت برقية السفير أن عميلا آخر تمكن تحت جنح الظلام من مشاهدة قائد الطائرة واثنين من مساعديه يتحدثون الى القنصل الأرجنتيني في مدينة ريسيفي. غير أن السفير البريطاني حذر حكومة بلاده من اتخاذ أية إجراءات مباشرة ضد البرازيل أو ضد الطائرة خوفا مما وصفه بتسميم العلاقات بين البلدين الى أعوام طويلة قادمة فضلا عن الخوف من كشف هوية العميل الرئيسي الذي وقف شخصيا على شحنات الأسلحة والصواريخ الليبية. كما كشفت ذات الوثائق عن اكتشاف الحكومة البريطانية قيام إسرائيل بعقد صفقة تسلح مع النظام العسكري في الأرجنتين مع بداية حرب فوكلاند مطلع أفريل عام 1982 تم بموجبها تسليم 20 مقاتلة إسرائيلية من طراز (ميراج 3) وذلك بعد أن قام ضباط أرجنتينيون بزيارة تل أبيب وقاموا بفحص الطائرات. وأكدت الوثائق التاريخية لأول مرة أن وزير الخارجية البريطاني في عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر سمح لسفير بلاده في طهران بإجراء محدثات سرية مع نظام الخميني لشراء شحنة من صواريخ (اكزوست) الفرنسية كان أشيع أن إيران تمكنت من حجزها من العراق خلال الحرب بين البلدين. وكانت هذه الصواريخ المضادة للسفن مسؤولة عن إغراق المدمرة البريطانية (شيفيلد) بتاريخ الرابع من ماي عام 1982 ومقتل طاقمها المكون من عشرين بحارا كما تسببت بعد ثلاثة أسابيع من تدمير سفينة التموين (اتلانتيك كونفيير) وعلى متنها معدات حربية وطائرات هليكوبتر الناقلة من طراز (تشينووك). وفي هذا السياق، كشفت الوثائق عن التدهور الخطير الذي كادت تشهده العلاقات بين بريطانيا وفرنسا وتحديدا بين مارجريت تاتشر والرئيس فرانسوا ميتران بسبب تردد الأخير في التخلي عن صفقة تزويد بيرو بشحنة صواريخ (اكزوست) بالرغم من تحذيرات الاستخبارات الفرنسية والبريطانية من أن هذه الشحنة سيتم تحويلها الى الأرجنتين. وبعثت تاتشر رسالة تهديد مباشرة الى ميتران من أن بيع تلك الصواريخ الى بيرو والسماح بوصولها الى الأرجنتين في هذا الوقت بالذات سيكون لها (تأثيرات كارثية) ليس على العلاقات الثنائية للبلدين فحسب وإنما ستمتد الى العلاقات المتعددة بين دول حلف شمالي الأطلنطي (ناتو). وفي 11 ماي، أخبرت سفارة بريطانيا في باريس وزارة الخارجية في لندن أن السلطات الفرنسية أماطت اللثام عن اتفاق سابق تم بموجبه تسليم الأرجنتين 5 صواريخ (اكزوست) على أن يتم تسليم خمسة صواريخ أخرى في المستقبل. وبالرغم من تعهد السلطات الفرنسية بعدم إتمام الصفقة مع الأرجنتين حتى نهاية الصراع فإن الرئيس ميتران لم يتمكن من حسم موقفه من الصفقة مع بيرو حيث قام بمهاتفة تاتشر يوم 29 ماي وأخبرها بأنه في موقف صعب إزاء الصفقة مع سلطات بيرو التي اخبرت بدورها كافة دول أمريكا اللاتينية بأن باريس أصبحت تخل بالتزاماتها وعقودها وهو ما كان قد يشكل ضربة لباقي الاتفاقيات التجارية لفرنسا في القارة كلها.