خلصت دراسة أصدرتها مؤسسة (كارنيجي) للسلام الدولي تحت عنوان (الجزائر والصراع في مالي) إلى أن مشاركة الجزائر المتواصلة والمتعاونة والصادقة أمر بالغ الأهمّية لإنجاح إدارة الصراعات المالية والخروج بحلّ نهائي للأزمة القائمة في شمال البلاد، وانتقدت الدراسة من جانب آخر الموقف الجزائري الرّافض لأيّ تدخّل أجنبي في مالي، وهو ما فسّرته بوجود مخاوف من سيطرة فرنسية على المنطقة ونيّة خبيثة لدى السلطات الجزائرية لمعاقبة الرئيس المالي الذي عمل على تعزيز دور ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في منطقة الساحل. أوضحت دراسة للباحث أنوار بوخرص أصدرتها مؤسسة (كارنيجي) للسلام الدولي على شكل ورقة بحثية حملت عنوان (الجزائر والصراع في مالي) الدور الكبير الذي قد تلعبه الجزائر في حال تدخّلها عسكريا في مالي بالنّظر إلى المكانة الإقليمية التي تتمتّع بها، والتي (تستند بالأساس إلى القوة العسكرية وامتلاكها خبرة قتالية في مكافحة الإرهاب ونفوذا في المنظمات الإقليمية والدولية ومعرفتها الوثيقة بديناميكيات الصراع في مالي). وخلصت الدراسة إلى ضرورة المشاركة الجزائرية المتواصلة والمتعاونة والصادقة في مالي لما لها من وضع فريد يمكّنها من التأثير في الأحداث الجارية في البلاد، وأشار الباحث من خلال دراسته أيضا إلى ضرورة عمل الجزائر على حثّ الجماعات الإسلامية لقطع علاقاتها مع ما يعرف بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وهو ما اعتبره الباحث أنوار بوخرص أسهل طريق للتوصّل إلى تسوية سياسية مع باماكو لإنهاء الصراع القائم، هذا إلى جانب وجوب استخدام الجزائر لقواتها العسكرية وقدراتها في مجال مكافحة الإرهاب على طول حدودها الجنوبية لتساعد بذلك على منع تمدّد الصراع. كما شدّدت الدراسة على ضرورة أن يحظى تعزيز عملية الانتقال السياسي في مالي بالأولوية، لأن التدخّل العسكري المتسرّع قد يشوّش على الديناميكيات غير المستقرة في الشمال. من جانب آخر، تطرّق الباحث إلى عرض الموقف الجزائري من الأزمة المالية، مؤكّدا أنه (من المنطقي) استخدام القوة العسكرية الجزائرية (لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتنسيق الجهود الإقليمية)، وكان من المفترض أن تأخذ الجزائر (زمام المبادرة في حلّ الصراع). وأرجع الباحث في هذا الإطار تحفّظ الجزائر عن التدخّل في الشؤون الداخلية المالية إلى عدّة عوامل أهمّها انشغالها بعملية انتقال القيادة (التي تواجه سخطا شعبيا في الداخل وتخشى ردّ فعل سلبي محتمل جرّاء التدخّل العسكري في مالي)، ورغبة الجزائر في (معاقبة مالي بسبب خطايا رئيسها الذي اتّهمه الجزائريون بالتواطؤ المتعمّد مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي)، هذا إلى جانب تخوّف الجزائر من امتداد التهديد المتطرّف إلى أراضيها واختلال التوازن الذي أقامته بين أولوياتها الخارجية والداخلية، حيث يرى الباحث في هذه النقطة أن (الحفاظ على النّظام وإضفاء الشرعية عليه من جانب المجتمع الدولي هو المحرّك الرئيسي للسياسة الخارجية الجزائرية). كما تتخوّف الجزائر حسب ما ورد في الدراسة من (تأسيس كتلة بقيادة فرنسا هدفها الرئيسي احتواء القوة الجزائرية).