منذ بداية (الربيع العربي) في جانفي 2011 إلى الآن، وبعض علماء السعودية لا يترددون في إصدار (فتاوى) يزعمون فيها أن المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات الشعبية السلمية ضد الطغيان والفساد والديكتاتوريات (حرامٌ شرعا) وكأنهم يدعون بذلك الشعوب العربية إلى الاستمرار في الخنوع للأنظمة الشمولية الفاسدة المتسلطة على رقابهم معهما ارتكبت من مناكر ومفاسد وتخلت عن قضايا الأمة وتآمرت عليها، وإلى السكوت عن المطالبة بحقوقهم الديمقراطية وحرياتهم، وفي مقدمتها الحق في انتخاب حكامهم. إلى ذلك، قال الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء السعوديين، إن (المظاهرات والاعتصامات ليست من عمل المسلمين، وإن فيها مضرة ومعصية لولي الأمر، وقد يصيبه تخريب وإضرار). وأكد في معرض إجابته على سؤال حول حكم الشرع فيما يقوم به بعض الناس من تجمعات عند الديوان الملكي السعودي والدوائر الحكومية، أكد أن هناك قراراً صدر من هيئة كبار العلماء، ب(عدم جواز المظاهرات والاعتصامات وأنها ليست من عمل المسلمين وفيها مضرة) على حدّ زعمه، وأضاف (المظاهرات والاعتصامات فيها معصية لولي الأمر وتشويش ولا تجوز، ومن له حق فليطالب به بالطرق الشرعية لا أن يطالب بنظام الغرب ومظاهراتهم، وهذا ليس مما شرِّع في الإسلام بل نهى عنه لأنه تشويش ومعصية لولي الأمر وقد يصاحبه تخريب وأضرار بالناس وبنفس المتظاهرين). يُذكر أن عددا من المشايخ وطلبة علم، تجمعوا أمام الديوان الملكي قبل أيام، مبدين تذمرهم من التعيينات الأخيرة لمجلس الشورى والمتعلقة بتعيين عدد كبير من النساء فيه، وقال أحدهم (التعيينات الأخيرة في مجلس الشورى لا تمثل الصالحين ولا تمثل أهل الخير ولم تف بجميع أطياف المجتمع). وكان رَجُل الدين السعودي الشيخ عبد الرحمن البرّاك، قد أفتى قبل أيام بأن (الانتخابات حرام شرعاً وهي أمر دخيل على المسلمين وتشَبّه بالكفّار)، على حد زعمه، معتبراً أن الانتخاب يتضمن التسوية بين العلماء والجهّال والرجال والنساء وهذا (مخالف للعقل والشرع). وقال البرّاك في تغريدة مطوّلة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) نشرتها وسائل الإعلام السعودية الأربعاء الماضي، إن اعتماد نظام الانتخاب لاختيار المرشّح للرئاسة أو عضوية مجلس من المجالس القيادية (أمر محرّم، وهو دخيل على المسلمين من قبل الكفّار). على حدّ زعمه. وقدّم البراك بديلاً (فضفاضاً) حينما قال (اختيار الإمام هو من شأن أهل الحل والعقد وأهل الشوكة، لا عامة الناس، وأن الانتخاب نظام فاسد لم يُبنَ عند الذين يأخذون به من المسلمين على نظر شرعي ولا عقلي، وهو دخيل عليهم من أعداء الإسلام بسبب احتلالهم أرضهم والإعجاب بطرائقهم). دون أن يوضح من هم (أهل الحل والعقد) وكيف يختارون (الإمام) دون عامة الناس، وعلى أي أساس، وهل يختار هؤلاء (ولي الأمر) في السعودية وباقي المملكات الشمولية في الخليج؟! وتابع البراك، وهو الذي أفتى بهدم الكعبة وإعادة بنائها بشكل يمنع اختلاط النساء بالرجال أثناء الحجّ، أن من الأمور الدالة على حرمة الانتخاب (اشتماله على التشبّه بالكفار، لهذا فهم يرضونه منّا ويدعوننا إليه ويفرحون بموافقتنا لهم فيه، كما أنه يرتكز على الدعاية وشراء الأصوات والدعاوى الكاذبة). وقال إن (المُعوَّل في هذه الانتخابات على كثرة الأصوات من مختلف طبقات الشعب وفئاته، ما يتضمن التسوية في هذا بين علمائهم وجهّالهم ورجالهم ونسائهم، وعقلائهم وسفهائهم، وصلحائهم وفساقهم، مما هو مخالف للعقل والشرع). وأضاف (بعد هذا كله قد لا يكون فرز الأصوات نزيهاً، بل يكون للرشاوى والوعود في هذا أثر كبير). وكان رَجَل الدين السعودي عبد الرحمن البراك أفتى العام الماضي بحرمة مشاركة المرأة في الانتخابات، لأنه يشتمل على (التشبّه بالكفار)، معتبراً أن الانتخابات (من أسوأ ما دخل على المسلمين من طرائق الكافرين؟!). دون أن يقدّم أي بديل للانتخابات لاختيار حكام المسلمين، وكأنه بذلك يقرّ استمرار الأنظمة الملكية في احتكار الحكم وتوارثه بين أبنائهم وأحفادهم وإقصاء عامة الناس منه إلى يوم يُبعثون. وكان البراك دعا بالموت على كل امرأة تقود سيارة، وقال تعليقاً على مطالبة السيّدات السعوديات بقيادة السيارات، إن (ما عزمن عليه هو منكر، وهن بذلك يصبحن مفاتيح شر على هذه البلاد)، ووصفهن ب(النساء المستغربات الساعيات إلى تغريب هذه البلاد).